الخميس 2018/07/05

فورين بوليسي: اليمن على حافة الهاوية وضغوط أممية للدخول في هدنة

بقلم: روبي غرايمر ولارا سيليغمان

المصدر: فورين بوليسي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


إن دعم الولايات المتحدة للسعودية والإمارات في حربهما باليمن يزيد من حدة حدوث كارثة في البلاد.

يحاول أحد كبار الدبلوماسيين في الأمم المتحدة التوسط في هدنة بين الفصائل المتحاربة في اليمن، حيث تحذّر منظمات الإغاثة والخبراء الدوليون من احتمالية حدوث كارثة إنسانية هناك.

يزور مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، العاصمة صنعاء كوسيط بين القوات الحكومية والمليشيات الحوثية، اللتين تتصارعان منذ ثلاث سنوات في حرب بالوكالة بين كل من التحالف العربي الذي تدعمه الولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى.

كانت الإمارات والسعودية، اللتان تدعمان القوات الحكومية، قد أرسلتا قوات إلى مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي يزوّد ميناؤها البلاد بـ 70% من المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية.

وتخشى مجموعات الإغاثة من أن يصبح الوصول إلى الميناء صعباً بسبب الحرب التي تدور هناك، حيث يوجد نحو 8.4 مليون شخص على حافة المجاعة ويعتمد ملايين آخرون على المساعدات الإنسانية التي تصل إليهم عن طريق هذا الميناء.

وقال ستيفن راب، السفير الأمريكي السابق لشؤون جرائم الحرب، في مقابلة مع "فورين بوليسي"، خلال مؤتمر حول اليمن نظمه مركز "ستيمسون"، (وهو مركز أبحاث مستقل في واشنطن)، قال: "إننا نرى اليوم، في هذه المرحلة من الصراع، تهديدا لوقوع كارثة إنسانية".

وأضاف راب قائلاً: "نحن اليوم في نقطة حاسمة، وإذا استمر هذا الهجوم فسيصبح الوضع أسوأ بكثير".

التقى غريفيث، الذي لعب دور الوسيط في الكثير من النزاعات حول العالم، بشكل منفصل في الأسابيع الأخيرة مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومحمد عبد السلام المفاوض الرئيسي للحوثيين. وقال إنه يأمل في جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لوقف القتال.

وقالت إليزابيث ديكنسون، وهي محللة بارزة في شؤون الخليج العربي، وتعمل مع منظمة مجموعة الأزمات الدولية: "يعد غريفيث أفضل مبعوث رأيناه حتى الآن، فهو يحظى بثقة أطراف الصراع أكثر من أي مبعوث سابق".

توقّفت القوات الإماراتية عن التقدم باتجاه مدينة الحديدة أو الميناء بشكل مؤقّت بهدف إعطاء غريفيث الفرصة للقيام بعمله. لكن محللين يعتقدون أنه لا يملك الكثير من الوقت للتوصل إلى اتفاق قبل أن تتقدم هذه القوات باتجاه الخنادق الحوثية والمواقع الأمامية للقناصة والألغام.

يرى دبلوماسيون إماراتيون بارزون أن هجوم الحديدة ساعد في الضغط على الحوثيين للاجتماع مع غريفيث في المقام الأول، وإعطائه المجال لفتح مباحثات السلام مع دخول الحرب عامها الثالث.

وقال أحد الدبلوماسيين الإماراتيين البارزين (طلب عدم الكشف عن هويته) في لقاء له مع عدة صحفيين: "بعد ثلاث سنوات من الجمود السياسي والعسكري، نعتقد أن (عملية الحديدة) هي ما سيقلب الموازين من أجل التوصل إلى تسوية سياسية ستنهي الحرب في نهاية المطاف".

يُصر الإماراتيون على أن الحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية يشكّل أولوية قصوى، ويقولون إنهم جهّزوا عشرات الآلاف من الأطنان من المساعدات في حال حدوث "ارتفاع في الحالات الإنسانية"، أو في حالة تلف الميناء أو تدميره في المعركة، أو في حال صعوبة الوصول إليه.

لكن جماعات الإغاثة قلقة من أن تتقاطع الخطوط الجديدة للإمدادات الإنسانية مع الخطوط الأمامية للحوثيين. الجدير بالذكر أن غالبية سكان البلاد يعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.

وقال سكوت بول، عضو في المنظمة الخيرية الدولية "أوكسفام" وخبير بارز في الشأن اليمني: "ما لم تكن هناك خطة للتأكد من أن جميع تلك الإمدادات تمر عبر الخطوط الأمامية، ولا يتم إعاقتها بأي شكل من الأشكال من أي من الطرفين، فلا فائدة من وجودها".

مضيفاً أنه من المحتمل أن تتعرض سفن الشحن وشاحنات الإمدادات للنيران؛ الشيء الذي من شأنه أن يزيد من تعطيل تدفّق المساعدات إلى المدنيين.

حذّر بول من مغبة حدوث كارثة قائلاً: "إن المخيف بشأن الهجوم هو أنه من السهل حدوث كارثة بشتى الطرق ولا يمكن منع ذلك".

تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطاً متزايدة للحد من دعمها العسكري للتحالف في اليمن، وسط تزايد الإصابات في صفوف المدنيين والمزاعم الجديدة عن وجود سجون تديرها الإمارات، ويتعرض فيها المعتقلون للاغتصاب والتعذيب الجنسي. (تنفي الإمارات إدارتها لأية سجون سرية). وصفت وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأمريكية الاتهامات التي وُجّهت للإمارات بشأن إساءة معاملة السجناء بأنها "مقلقة".

وقالت الكوماندر ربيكا ريباريتش، المتحدثة باسم البنتاغون، تعليقاً على الموضوع: "تأخذ الولايات المتحدة جميع الاتهامات الموجهة للإمارات بشأن الانتهاك على محمل الجد، رغم أننا لا نملك معلومات مؤكدة في الوقت الحالي".

ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هيذر نويرت، الإمارات بأنها "شريك قوي" وقالت إن الوزارة تجري مناقشات منتظمة مع الحكومة الإماراتية حول "العديد من القضايا، بما في ذلك الاتهامات الموجّهة لها".

ترى إدارة ترامب الحرب وسيلةً لمواجهة النفوذ الإقليمي المتنامي لإيران، التي وفّرت الأسلحة والصواريخ للحوثيين. قدّمت الولايات المتحدة للتحالف العربي الدعم اللوجيستي والوقود جواً، بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية.

فقد أكملت ناقلات النفط الأمريكية نحو 2868 عملية تزويد بالوقود في جميع أنحاء القرن الإفريقي، بما في ذلك النزاع في اليمن، وفقًا للقيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية منذ بدء العملية التي تقودها السعودية في اليمن بشكل جدي في أوائل عام 2015، خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

شدّد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً على أن الولايات المتحدة تقيّم باستمرار المعلومات الاستخباراتية المقدمة إلى السعوديين، وأن تركيزه ينصبّ على مساعدة التحالف في الحد من الإصابات بين المدنيين. في الوقت الذي قدّرت فيه منظمات الإغاثة موت الآلاف من المدنيين خلال هذه الحرب.

بناء على تقرير أصدرته الأمم المتحدة في كانون الأول / ديسمبر عام 2017، أفاد التقرير أن الغارات الجوية لقوات التحالف بقيادة السعودية قتلت أكثر من 100 مدني خلال عشرة أيام. قال ماتيس للصحفيين: "أنا ضد حدوث إصابات في صفوف المدنيين". مضيفاً: "نحن نوضح لهم كيفية استخدام المعلومات الاستخباراتية لتفادي إصابة المدنيين".

في الوقت الذي لا تزال فيه إدارة ترامب تقدم الدعم للتحالف العربي، فقد بدأ صبر الكونغرس بالنفاد. هدد السناتور بوب مينينديز، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الذي يشرف على عمليات بيع الأسلحة للخارج، هدّد بعرقلة صفقة تبلغ قيمتها نحو ملياري دولار مع السعودية والإمارات لبيع أكثر من 120 ألف مجموعة من الذخائر الدقيقة التي يمكن استخدامها في اليمن.

ويقال إن هذه المبيعات جزء من الصفقة الدفاعية التي أُعلن عنها خلال زيارة ترامب للسعودية العام الماضي، حيث تقدر قيمتها بنحو 110 مليار دولار.

وكتب مينديز عبر خطاب ألقاه في 28 حزيران / يونيو الماضي إلى وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيمس ماتيس: "أشعر بالقلق لأن سياساتنا تمكّن من استمرار الصراع الذي أسفر عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وأكد مسؤول في وزارة الخارجية استلام الرسالة لكنه أشار إلى أنه لم يحدث أي تغيير في السياسة. وقال المسؤول نفسه "إن هدفنا في اليمن يبقى ثابتاً: العمل مع شركائنا الدوليين من أجل إحلال السلام والازدهار والأمن في اليمن"، مضيفاً أن "الحل الدائم سيأتي فقط من خلال اتفاق سياسي شامل، والذي سيتطلب حلًا وسطاً من جميع الأطراف".

يحاول مينديز ممارسة ضغوط بخصوص هذا الملف، في الوقت الذي يستعد فيه الكونغرس لمناقشة بند في مجلس الشيوخ حول مشروع قانون السياسة الدفاعية لعام 2019 من أجل إنهاء التدخل الأمريكي في الحرب اليمنية جملة وتفصيلاً. ليس من الواضح ما إذا كان سيصبح هذا البند قانونياً، خاصة بعد أن رفض المجلس نفسه تبني قرار مماثل صاغه كل من بيرني ساندرز، ومايك لي، وكريس مورفي.