الخميس 2019/05/02

فورين بوليسي: أبعاد التغيير داخل الحرس الثوري الإيراني

بقلم: نادر أوسكوي وعمر كرمي

المصدر: فورين بوليسي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


اختار الحرس الثوري الإيراني قائداً جديداً.

إليكم السبب وراء هذا، وماذا يعنيه بالنسبة للاستراتيجية الإيرانية.

في 21 نيسان/ أبريل الماضي، أصبح لدى الحرس الثوري الإيراني قائد جديد: اللواء حسين سلامي، الذي حل محل اللواء محمد علي جعفري.

لقد كان هذا التغيير غير متوقع؛ فقد تم تمديد فترة جعفري، التي بدأت عام 2007، لمدة ثلاث سنوات في عام 2017.

وسيرأس الآن مركز "بقية الله الأعظم" الثقافي والاجتماعي، وهو مكتب لمقاومة ما يسمى بالحرب الغربية الناعمة ضد إيران.

في حين سيتولى سلامي الحرس الثوري الإيراني، في وقت يواجه فيه استقرار النظام في إيران العديد من التحديات الخارجية والداخلية.

يشتهر "سلامي" بعدائه الكبير للولايات المتحدة، فقد قال في إحدى المرات إنه سيرحب بالحرب معها، وسخِر من واشنطن عندما استولت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني على القوارب الأمريكية في عام 2016.

قائلا إن "المارينز كانوا يبكون عندما تم أسرهم".

عام 2018 قال إن السبيل الوحيد لمواجهة أعداء إيران هو المقاومة وليس الجهود الدبلوماسية.

وفي شباط/ فبراير الماضي، دعا القوات الإيرانية إلى "تطهير الكوكب من قذارة أمريكا وإسرائيل".

ينحدر سلامي من مدينة أصفهان، وقد انضم للحرس الثوري الإيراني عام 1980 عندما كان لا يزال طالباً جامعياً في الهندسة الميكانيكية.

لكن سرعان ما تم إرساله إلى الخطوط الأمامية للحرب الإيرانية العراقية وسرعان ما سطع نجمه في صفوف فرقة "الإمام الحسين الرابعة عشرة" في أصفهان، و"قسم كربلاء الخامس والعشرين"، وتم ترقيته في النهاية لقيادة كلتا الوحدتين.

بعد انتهاء الحرب في عام 1988، قام سلامي بالتركيز على دراسته الأكاديمية في إدارة الدفاع وأصبح مدير كلية أركان الحرس الثوري الإيراني.

ثم خدم كقائد لسلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني ونائباً للعمليات في فريق الحرس الثوري المشترك.

على مدار السنوات العشر الماضية، شغل منصب نائب قائد الحرس الثوري.

قد يمتلك سلامي مؤهلات ممتازة تخوّله لتولي هذا المنصب، لكن خطوة تعيينه لا تزال مفاجئة.

كان منالمفترض أن يظل سلفه "جعفري" في منصبه حتى أوائل عام 2020 على الأقل.

وعلى الرغم من أن "جعفري" قد حصل على منصب مرموق في مركز "بقية الله الأعظم"، فمن الواضح أن هذا تدنٍّ في رتبته مقارنة بمنصبه السابق.

من المحتمل أنه يدفع مقابل عدة أخطاء ارتكبها في السابق.

أولا، تواجه طهران والحرس الثوري الإيراني انتقادات داخلية قاسية لفشلهما في مواجهة الفيضانات الهائلة في العديد من المحافظات في جميع أنحاء إيران.

فقد تسببت الفيضانات في مقتل العشرات من المدنيين الإيرانيين، وربما تكلف الأضرار التي لحقت بالممتلكات مليارات الدولارات خصوصا مع تضرر الآلاف من القرى والبلدات.

واجه كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني الذين سافروا إلى المناطق المنكوبة بالفيضانات تهديدات الغاضبين من العامة.

 وقد أوصى المراقبون بأن يمتنع المسؤولون العسكريون عن القيام بزيارات أخرى وشككوا في مدى استعداد الحرس الثوري الإيراني للتعامل مع مثل هذه الأزمات.

تتعرض طهران اليوم لضغوط شديدة جراء الفيضانات، ما دفعها إلى إرسال قائد قوة الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في جولة مدتها شهر باتجاه المحافظات التي غمرتها المياه، على أمل أن يتمكن من حشد الدعم الشعبي للنظام وللحرس.

ثانيا، على مدار العام الماضي، حاولت إيران دون جدوى مواجهة مقاربة "الضغط الأقصى" التي ينهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهها.

كان آخر فشل النظام عدم قدرته على تجنب تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية.

بالنظر إلى العقوبات الأمريكية الحالية ضد إيران، فإن التصنيف رمزي في مجمله، ومع ذلك فقد دفع ببعض منصات وسائل التواصل الاجتماعي كـ"إنستغرام" إلى حظر حسابات أفراد مرتبطين بالحرس الثوري (بما في ذلك جنرالات سابقون وحاليون في الحرس).

من جانبهم، قد يعتقد قادة إيران أن تعيين سلامي سيعزز من معنويات الحرس الثوري الإيراني في حربه ضد الغرب.

فقد كتبت صحيفة "جيهان" التابعة للحرس الثوري الإيراني على سبيل المثال أن منصب سلامي الجديد يمثل حقبة جديدة في "مواجهة" مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

أخيرا، قد يكون لقرار طرد "جعفري" جذور سياسية.

يعتبر الحرس الثوري الإيراني أحد أقوى قواعد القوة في إيران.

إنه يتحكم في ملايين المجندين بالإضافة إلى أجزاء مهمة من الاقتصاد الإيراني كالبناء والبنية التحتية والطاقة.

قائدها شخص قوي للغاية، ومن الطبيعي أن نشك في أن صراعات السلطة داخل الحرس الثوري الإيراني كان يمكن أن تسهم في اتخاذ مثل هذا القرار.

في الوقت الحالي، من السابق لأوانه الحديث عن كيفية تأثير هذا التغيير في استراتيجية الحرس الثوري الإيراني، خاصة تجاه الولايات المتحدة.

مع ذلك، هناك شيء واحد واضح: الآن وقد أظهر قادة إيران استعدادهم لإعادة تشكيل المراكز العليا في المنظمة، سيكونون أقل رغبة في القيامبمغامرات إقليمية وربما يسعون إلى تجنب التصنيف الإرهابي للولايات المتحدة، فغالبا ما تميل المنظمات تحت إدارة جديدة إلى تحقيق الاستقرار داخلها أولا قبل القيام بأي خطوة.

بعبارة أخرى، فإن الخطوة التي من المحتمل أن تهدف إلى زيادة قوة الردع الإيرانية ضد واشنطن، ستجبر إيران على كبح جماحها على المدى القصير.