الأربعاء 2019/07/24

فايننشال تايمز: هكذا أصبح لبنان بيئة غير آمنة للاجئين السوريين

بقلم: كلوي كورنيش

المصدر: فايننشال تايمز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تعثر الاقتصاد وجه أصابع الاتهام إلى العمالة الرخيصة للسوريين التي لعبت دورا في انخفاض الأجور.

يقول محمد، ذو الـ 47 ربيعا، واصفا غارة للجيش اللبناني على مخيم للاجئين السوريين حيث يعيش: "كانوا يرتدون الخوذ". سيبدو الوضع غريبا في هذه المنطقة المعزولة المليئة بالأشجار وراء نباتات الخيزران، يضيف محمد: "لقد أخافوا الأطفال".

محمد واحد من بين مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان، أحد أكثر الأماكن إثارة للخوف بالنسبة للاجئين الذين فروا من حرب استمرت ثماني سنوات. خلفت تلك الحرب نحو 5.6 مليون لاجئ سوري فروا باتجاه البلدان المجاورة، بما في ذلك لبنان، إلى جانب نحو 6 مليون سوري أجبروا على النزوح في سوريا. لقد خلفت الحرب السورية أكبر أزمة نزوح عرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

استعاد نظام الأسد، بدعم من روسيا وإيران، معظم الأراضي السورية. لكن القتال ما زال محتدما في آخر جيب تسيطر عليه المعارضة والمقاتلون الجهاديون. لقد أنفقت الدول الغربية مليارات الدولارات على المساعدات لتفادي المزيد من موجات الهجرة الجماعية إلى أوروبا كما حدث في عام 2015، لكن مع دخول الأزمة السورية عامها التاسع، تشتكي الحكومات المجاورة من الضغط الذي يعاني منه قطاع التعليم والصحة وغيرها من البنى التحتية والخدمات الاجتماعية.

يحمّل السياسيون اليمينيون اللاجئين مسؤولية الاضطرابات الاقتصادية التي يشهدها لبنان. يقول جبران باسيل، وزير الخارجية اللبناني وصهر الرئيس اللبناني، إنه "لم يعد هناك مبرر" لبقاء السوريين في البلاد، مدعيا أن "لبنان في مواجهة مؤامرة" تشجع اللاجئين على البقاء. كُتب على لافتات للتيار الوطني الحر، "سوريا آمنة للعودة ولبنان لم يعد يتحمل". تعارض جماعات حقوق الإنسان هذه المزاعم حيث ما زال الاعتقال التعسفي والتجنيد الإجباري منتشرين على نطاق واسع.

يعاني اللبنانيون من ارتفاع معدل البطالة وغلاء الأسعار، ويتهم النقاد باسيل بإلقاء اللوم على اللاجئين نتيجة لسياسات بيروت الفاشلة. قال طارق زيدان، المدير التنفيذي لمنظمة "حلم"، وهي منظمة غير حكومية: "لقد بلغت مشاعر العداء ضد السوريين في لبنان أعلى مستوياتها على الإطلاق، فقد أصبح الشعب السوري كبش فداء".

يقول ناصر ياسين، أستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت: "من الواضح أن هناك استراتيجية لتهيئة بيئة معادية للاجئين السوريين في لبنان"، في حين ينكر المسؤولون وجود سياسات تمييزية.

يعد المجتمع اللبناني خليطا من مسلمين ومسيحيين بعضهم لاجئون فروا من النكبات الإقليمية، بدءا بالأرمن الذين جاؤوا إلى لبنان هربا من الإبادة الجماعية أوائل القرن العشرين وصولا إلى اللاجئين الفلسطينيين بعد أقل من 30 عاما. أدى وجود المجموعات الفلسطينية المسلحة على الأراضي اللبنانية إلى تأجيج التوتر التي انتهت بحرب أهلية دامت 15 عاما. يخشى الكثيرون من تكرار أخطاء الماضي.

قبل عام 2011، عمل السوريون كمزارعين وعمال نظافة وعمال بناء في لبنان، وأصبح اللاجئون مقيدين الآن بالعمل في هذه القطاعات. لكن مع تعثر الاقتصاد، تشير أصابع الاتهام إلى العمالة الرخيصة للسوريين التي أدت إلى انخفاض الأجور. كما أدت مداهمة أماكن العمل إلى تنبيه أصحاب العمل من توظيف السوريين بشكل غير قانوني.

قال موظف سوري يعمل في إحدى منظمات الإغاثة السورية: "نحن نخرق القانون اللبناني، ونحن ندرك ذلك، لكن لا يمكننا فعل أي شيء آخر"، مضيفا: "لقد سمح لنا بالعمل هنا لفترة طويلة".

يُعتبر اللاجئون الذين يعيشون داخل المخيمات أكثر عرضة للخطر من غيرهم. فقد أصدرت السلطات اللبنانية مرسوما في نيسان/ إبريل الماضي يقضي بضرورة هدم المخيمات غير الرسمية. لقد كان محمد حريصا على بناء بيته بالأخشاب، ولكن اضطر الآلاف إلى تدمير منازلهم التي لا تكاد تحجب عنهم لهيب الحر. فجر يوم 1 تموز/ يوليو الماضي، داهمت القوات اللبنانية مخيما للاجئين السوريين في الشمال الشرقي للبلاد وهدموا نحو 20 مأوى. تقوم قوات الأمن باعتقال السوريين الذين لا يملكون تصاريح إقامة والتي أصبح من المستحيل الحصول عليها الآن، حيث إن نحو 80 ٪ من اللاجئين السوريين في لبنان لا يملكون هذه التصاريح. يقول محمد إن طلبه بالحصول على تصريح إقامة قوبل بالرفض، وقال له أحد المسؤولين: "عد إلى سوريا". كما إنه تم إلقاء القبض على أحد أبنائه وأفرج عنه ثلاث مرات. يقول محمد إن ترحيل السوريين قد تزايد في الآونة الأخيرة موضحا بالقول: "نحن لا نلوم اللبنانيين على هذا".

لا يقتصر الأمر على لبنان فقط، حيث يرى أحد الدبلوماسيين الأوروبيين أنه إذا لم تتمكن السلطات اللبنانية من إعادة اللاجئين إلى سوريا، فهي "تدفع بهم باتجاه أوروبا". شهدت العديد من المتاجر السورية في تركيا مداهمات. يخشى الكثيرين العودة إلى سوريا، يقول محمد إن أحد أبناء عمومته البالغ من العمر 25 عاما قد اختفى فور دخوله سوريا.