الخميس 2018/12/27

سوريا..التغييرات والتحديات الحاسمة

بقلم: سدات إيرغين

المصدر: حريات ديلي نيوز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


بعد القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي "بالانسحاب" من سوريا، دخلت الحرب السورية مرحلة "غير محددة"، في بلد سيعرف العديد من التغييرات خلال الأيام القادمة، وسيتم إعادة تشكيل ميزان القوى داخله. ستعرف هذه الفترة العديد من التغييرات وستجلب معها العديد من التحديات الحاسمة.

تعد تركيا المستفيد الأكبر حيث إن قرار الانسحاب يخدم مصالحها الأساسية في سوريا.

منذ انسحاب القوات الموالية للأسد من شمال سوريا عام 2012، تاركة وراءها قوات الوحدات الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني، اعترى أنقرة قلق بالغ من أن يتم تشكيل منطقة كردية مستقلة على طول حدودها بدعم أمريكي.

إن سحب الولايات المتحدة للدعم الذي كانت تقدمه للوحدات الكردية مصدر ارتياح كبير لأنقرة اليوم. فقد أدى هذا القرار إلى تعزيز موقفها في الأزمة السورية وتعزيز موقعها كقوة إقليمية.

جلبت هذه المكاسب معها مسؤولية كبيرة لتركيا، لتصبح هذه الأخيرة في مقدمة الصراع مع تنظيم الدولة.

من المحتمل أن تدخل تركيا في مواجهات مباشرة مع هذا التنظيم كما هو الوضع في عفرين، ستحاول تركيا الاستفادة من الجيش السوري الحر والهياكل العسكرية المكونة من القبائل المحلية في المنطقة من أجل التصدي لتنظيم الدولة.

مرة أخرى سيكون للقوات المسلحة التركية دور رئيسي في هذه المواجهة، حيث إن أغلب العمليات التي قام بها الجيش التركي في كل من سوريا والعراق كانت في المناطق المتاخمة للحدود التركية، لكن هذه المرة قد يشكل "العمق الجغرافي" عائقا، بالنظر إلى مناطق انتشار تنظيم الدولة حيث إن أغلب هذه المناطق تقع جنوب حوض الفرات بالقرب من الحدود العراقية. ليس من المعروف إذا ما كان الجيش التركي سيقوم بالوصول إلى ذلك العمق في مواجهاته القادمة مع تنظيم الدولة. لكن قبل النظر في مسألة "العمق الجغرافي"، نحتاج للإجابة عن سؤال آخر.

يظل مصير "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعتبر العمود الفقري لمليشيات "ب ي د" غير معروف، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من سوريا.

بعد أن فقدت مليشيات "ب ي د" دعم الولايات المتحدة، ومن الممكن أن تحاول هذه الأخيرة التوصل إلى اتفاق مع نظام الأسد وروسيا. دعونا لا ننسى أن أحد العوامل التي منعت القوات الموالية للأسد من الوصول إلى المناطق الواقعة شرق الفرات هو الدعم الذي كانت تقدمه الولايات المتحدة للمليشيات الكردية. وفي ظل غياب هذا الدعم، لن يكون هناك رادع أمام الأسد وقواته يمنعهم من التوجه شرق الفرات.

بالإضافة إلى ذلك، ما مصير الوحدات العربية داخل "قوات سوريا الديمقراطية"؟

من أجل إجراء تحليل كامل للمخاطر التي ستواجهها تركيا في الفترة القادمة، يجب توضيح السؤال المتعلق بمدى قدرة نظام الأسد على فرض سيطرته على المناطق الواقعة شرقي وشمال شرقي الفرات.

هذه الأسئلة وما شابهها ستكون عمق المباحثات القادمة بين كل من تركيا وروسيا وإيران، التي تنتشر قواتها على الأراضي السورية.

لقد أصبحت هذه الدول الثلاث أطرافاً فاعلة في إدارة الملف السوري من خلال عملية أستانا التي بدأت عام 2017. فعلى الرغم من اختلاف آراء القوى المشاركة في عملية أستانا، فيما يخص المصلحة العامة، إلا أن القوى المشاركة في عملية أستانا قد تمكنت من التعاون وممارسة نفوذها.

إن معرفة ما إذا كانت هذه البلدان الثلاثة قادرة على اتباع النهج التعاوني نفسه في هذه المرحلة تعد المسألة الأهم في المعادلة السورية.

خلال هذه المرحلة، تشعر تركيا بالقلق الشديد إزاء الوضع في المنطقة.

بالنظر إلى الأطراف المتحاربة في سوريا، فحتى الأسبوع الماضي، لم تكن تركيا والولايات المتحدة على وفاق. إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وسعي هذه الأخيرة إلى التعاون مع تركيا قد فتح الطريق أمام تعاون مفاجئ بين البلدين.

إن التحدي الرئيسي الذي سيواجه تركيا الآن هو كيفية البدء بالعملية الجديدة مع الولايات المتحدة دون الدخول في عداءات مع شركائها في أستانا.

على أية حال، بالنظر إلى نفوذها على نظام الأسد، يمكننا القول إن موقف روسيا سيصبح أكثر قوة وستكون مباحثاتها القادمة مع أنقرة بهدف تحديد المحاور الرئيسية التي ستشكل سوريا الجديدة.