السبت 2018/07/21

ستراتفور : أوكرانيا.. موضوع “القمة الثانية” بين ترامب وبوتين


المصدر: ستراتفور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


بعد بضعة أيام فقط من القمة الافتتاحية التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، دعا ترامب بوتين إلى عقد قمة متممة في واشنطن. في 20 تموز/ يوليو الجاري، أكد مسؤولون روس أن موسكو تدرس الاجتماع. وقال ترامب إن القمة الأولى كانت "فقط بداية" لمفاوضات مطولة حول العديد من القضايا بين البلدين والتي تضم ملف الحد من انتشار الأسلحة والملفين السوري والأوكراني. وعلى ما يبدو أن الرئيس الروسي يستعمل الصراع القائم على حدوده الغربية لتسريع المحادثات.

بعد القمة الأولى، بات الصراع في أوكرانيا مجالاً لإجراء مفاوضات محتملة. ووفقا لتقرير نشره موقع بلومبرغ نقلاً عن مسؤولين روس لم يذكر التقرير أسماءهم كانوا موجودين في خطاب مغلق ألقاه بوتين في 19 تموز/ يوليو الجاري، حيث كشف بوتين أنه قدم اقتراحاً لترامب من أجل إجراء استفتاء في شرق أوكرانيا بخصوص الوضع السياسي للأراضي الانفصالية في دونباس. بعد فترة وجيزة من القمة، كشف بوتين أن "أفكاراً جديدة" نوقشت حول النزاع، ويبدو أن الاستفتاء أحد هذه الأفكار، والذي من الممكن أن يكون حلاً ظاهرياً لصراع  دام خمسة أعوام.

ومع ذلك، قد تنشأ العديد من المشاكل على هكذا اقتراح.

من المحتمل أن تعارض الحكومة الأوكرانية ذلك، فقد كانت كييف ضد الاستفتاء على الوضع السياسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014 من قِبل روسيا بعد فترة قصيرة من انتفاضة "يوروميدان". ووصفت كل من أوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ذلك التصويت بأنه غير قانوني. وقد أكد بوتين أنه يتم الالتزام "بالقانون الدولي"، وهو ما أكده خلال القمة، مصرحاً أن "هذه القضية منتهية بالنسبة لروسيا".

في الواقع، وصف رئيس الوزراء الأوكراني "أرسيني ياتسينيوك" الاقتراح بأنه "فخ تفاوضي"، كما ورد أن مجلس الأمن القومي الأمريكي قد رفضه بالفعل.

فلا تريد موسكو ضم المناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا. فقد أدى الدعم  الروسي غير الرسمي إلى ظهور منطقة رمادية خارج الحدود الإقليمية تقوض نزاهة أوكرانيا الوطنية وجهود كييف للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

علاوة على ذلك، فإن بروتوكول مينسك الثاني سيعقّد إجراء أي استفتاء في شرق أوكرانيا، إذ تنص البروتوكولات على الخطوات السياسية والأمنية المحددة التي يتعين على أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا اتخاذها لإنهاء النزاع، وإجراء استفتاء ليس جزءاً من تلك الخطة.

وقد دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حتى الآن، موقف أوكرانيا في النزاع، قائلين إنه يتعين على روسيا أولاً تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار وإزالة أسلحتها الشخصية والثقيلة كشرط استباقي للقيام بأي خطوة سياسية. لقد عرقل الوجود الروسي في المنطقة اقتراح موسكو لإنشاء قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في دونباس. كما أكدت كل من أوكرانيا والغرب أنه يجب أن تدخل قوات حفظ السلام إلى كل المناطق بما في ذلك الحدود الروسية مع الأراضي الانفصالية. وكانت روسيا قد وافقت فقط على نشر قوات الأمم المتحدة على طول خط الاتصال بين قوات الأمن الأوكرانية والانفصاليين. فلن يقبل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بإجراء استفتاء ما لم تنسحب روسيا من هناك، ومالم تتمكن القوات الدولية أو المراقبون من الوصول إلى كل المناطق التي توجد ضمن حيز مناطق النزاع.

علاوة على ذلك، فإن روسيا ليست مهتمة بوضع الأراضي الانفصالية، فلا تسعى موسكو لضمّها؛ غير أنها تقدّم لها الدعم بشكل غير رسمي من أجل إنشاء منطقة رمادية بهدف المساس بوحدة أراضي أوكرانيا وتقويض جهود كييف في الانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي. فلن يكون الاستفتاء في حقيقة الأمر من مصلحة روسيا، ما يزيد من احتمال جعله إشكالية بشكل متعمد.

أخيرا، من المحتمل أن يكون اقتراح بوتين ذا دوافع سياسية إضافية. مع العلم أن أوكرانيا ستكون ضد الاستفتاء، إذ يمكن استخدامه لزرع الفتنة بين كييف والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وبحسب ما ورد، فقد قال ترامب إنه سيدرس الفكرة. يظهر اقتراح بوتين، خلال محادثاته مع ترامب، روسيا كقوة فاعلة ترغب في التفاوض وتقديم تنازلات (مهما كانت مزعجة) بشأن قضية أوكرانيا. يمكن استغلال هذه الصورة خلال المفاوضات، ربما من خلال تخفيف الضغط الأمريكي على روسيا بشأن الحد من التسلح، والعقوبات، وتخفيف التعزيزات العسكرية على الأراضي الأوروبية الحدودية. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل أن يؤدي اقتراح الاستفتاء إلى تقدم ملموس في حل النزاع، إلا أنه يشير إلى إمكانية حدوث تغير في الطريق المسدود للعلاقات الأمريكية الروسية.