الأربعاء 2018/10/17

خطة إدارة ترامب الجديدة لإخراج إيران من سوريا (مفصل)

بقلم: كورتني كوب وكارول لي

المصدر: إن بي سي نيوز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


أفاد خمسة مسؤولين مطلعين، أن إدارة ترامب بصدد وضع استراتيجية جديدة للحرب في سوريا، تركز بشكل أكبر على إخراج القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها خارج سوريا.

لا تشتمل الاستراتيجية الجديدة استهداف الجيش الأمريكي للجنود الإيرانيين أو وكلاء إيران بشكل مباشر، لأن ذلك يعد انتهاكا للتفويض الأمريكي الحالي باستخدام القوات الأمريكية في سوريا، إلا أنه يحق للجيش الأمريكي الدفاع عن النفس بموجب التفويض، وعليه شن هجمات على القوات الإيرانية في حال شكلت هذه الأخيرة تهديدا عليه.

تركز الاستراتيجية الجديدة على الجهود السياسية والدبلوماسية لإجبار إيران على الخروج من سوريا عن طريق الضغط عليها ماليا، وسوف يتم إيقاف مساعدات إعادة الإعمار عن المناطق التي تنتشر فيها القوات الإيرانية والروسية، وفقا لما جاء على لسان ثلاثة مسؤولين مطلعين على الخطة. كما ستفرض الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الروسية والإيرانية التي تعمل في إعادة الإعمار في سوريا.

وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" -وهي مؤسسة فكرية تعارض النظام الإيراني بشدة-: "هناك فرصة حقيقية أمام الولايات المتحدة وحلفائها لجعل النظام الإيراني يدفع ثمن احتلاله المستمر لسوريا."

يمثل إخراج إيران من سوريا الشق الأول من الاستراتيجية الأمريكية الجديدة والتي ستشمل كذلك أيضا الاستمرار في القضاء على الجيوب المتبقية من مقاتلي التنظيم والقيام بانتقال سياسي لا يبعد الأسد عن السلطة بعد خروج كل من تنظيم الدولة وإيران من سوريا.

أعرب مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية عن قلقهم من زيادة التركيز على إيران في ظل وجود كل من القوات التابعة لها والقوات الأمريكية على الأراضي السورية الشيء الذي من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حرب مفتوحة.

وفقا لخبراء قانونيين فإنه لا يسمح للولايات المتحدة بتوسيع مهمتها العسكرية في سوريا من أجل استهداف المواقع الإيرانية بشكل مباشر؛ فمن شأن ذلك أن يجعل الولايات المتحدة متهمة بسوء استخدام التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي أقره الكونغرس عام 2001. فالتفويض الذي سمح باستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم الدولة في سوريا، حد من عمليات القوات الأمريكية ضد الجماعات المسؤولة عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وشركائها.

قالت البروفسور أونا هاثاواي في كلية الحقوق بجامعة ييل "إذا كانت الاستراتيجية الجديدة تعني فتح الباب لاستخدام القوة ضد إيران أو القوات العسكرية الإيرانية في سوريا، فيجب أن يكون هناك تفويض جديد لاستخدام هذه القوة "، مضيفة "من الواضح أن استهداف إيران يقع خارج نطاق التفويض الحالي الذي يتضمن فقط المجموعات التي يمكن ربطها بهجمات 11 من أيلول/ سبتمبر، وإيران ليست ضمن تلك المجموعات. سيكون من المثير للدهشة أن تدعي إدارة ترامب بأن إيران تندرج ضمن هذا التفويض".

وقال مسؤول في وزارة الدفاع إنه في إطار الخطة الجديدة سيواصل قادة الجيش القول بأن الهدف من المهمة الأمريكية في سوريا هي مواجهة تنظيم الدولة، للتقليل من أهمية الحرب ضد إيران، في حين سيزيد البيت الأبيض ووزارة الخارجية من تركيزهما على مواجهة إيران من خلال الضغط عليها اقتصاديا ودبلوماسيا.

قال مسؤول في الإدارة الأمريكية إنه منذ العام الماضي، ركزت استراتيجية ترامب في سوريا على أربعة أهداف: هزيمة تنظيم الدولة، ومنع الأسد من استخدام الأسلحة الكيمياوية، وخلق عملية انتقال سياسي في دمشق، والحد من "التأثير الإيراني الخبيث في سوريا بحيث لا يمكن أن يهدد المنطقة، مع ضمان انسحاب التي تدعمها إيران من سوريا ".

وأضاف المسؤول نفسه: "ستستمر الولايات المتحدة في سعيها لإخضاع الأسد للمساءلة القانونية عن الجرائم التي ارتكبها...وبموجب قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2018، ستقدم الإدارة الأمريكية عما قريب استراتيجية جديدة إلى الكونغرس بخصوص سوريا تعكس الأولويات الرئيسية لترامب".

"حان وقت للعودة للوطن":

قال الرئيس دونالد ترامب، في نيسان/ أبريل الماضي، إنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا. وقال خلال مؤتمر صحفي له آنذاك "أريد إعادة قواتنا إلى أرض الوطن وإعادة بناء هذه الأمة.. لقد حققنا نجاحا باهرا ضد تنظيم الدولة... وقد حان وقت العودة إلى الوطن، ونحن نفكر في ذلك بشكل جدي".

حاول حينها المسؤولون الأمريكيون والحلفاء الدوليون إقناع ترامب بالعدول عن رأيه وإبقاء القوات الأمريكية في سوريا من خلال القول بأن سحب القوات الأمريكية يتعارض مع جهوده الرامية إلى تضييق الخناق على إيران. قامت إدارته والقيادة العسكرية التابعة له وكذا حلفاؤه في الشرق الأوسط الذين عارضوا انسحاب الولايات المتحدة بإقناعه بأن رحيل الولايات المتحدة سيخلق فراغا تملؤه إيران وتنظيم الدولة. وقد أثار ذلك اهتمام ترامب، حسب ما جاء على لسان مسؤولين مطلعين على الخطة الجديدة بخصوص سوريا.

تعتقد إدارة ترامب أن تأثير العقوبات الاقتصادية الجديدة قد بدأ بالفعل، ومع استمرار الضغوط الاقتصادية، ستواجه إيران صعوبة في إبقاء قواتها في سوريا.

في الوقت الذي لا تشترط فيه الاستراتيجية الجديدة بخصوص سوريا ابتعاد الأسد عن السلطة، فإنها تنص على عدم وجود علاقات وثيقة بين الحكومة الجديدة وإيران وتنص على مقاضاة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وفقا لما جاء على لسان مسؤولين.

ساهمت القوات التي تدعمها الولايات المتحدة في القضاء على القسم الأكبر من تنظيم الدولة في سوريا، حيث استعادت أكثر من ٪98 من الأراضي التي كانت تحت سيطرة هذه الجماعة الإرهابية، لكن المسؤولين العسكريين الأمريكيين يحذرون من أنه ما يزال هناك عدد من الجيوب الصغيرة لمقاتلي التنظيم، من المحتمل أن تؤدي إلى حدوث تمرد.

وعلى الرغم من أن ترامب تحدث عن سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، إلا أن الخبراء يعتقدون أن هذه الاستراتيجية الجديدة تكسب القوات الأمريكية المزيد من الوقت هناك.

وقال روبرت مالي، الذي كان أحد كبار مستشاري الرئيس باراك أوباما في الشرق الأوسط بخصوص الحملة ضد تنظيم الدولة، عن ترامب: "يسعى ترامب إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا" مضيفا "لقد وجدوا طريقة لإبقاء القوات الأمريكية هناك حتى الآن على الأقل..فكم من الوقت ستبقى هناك؟".. لا أحد يعلم.