الجمعة 2019/05/17

حلفاء واشنطن الأوروبيون يتراجعون بخصوص الرد العسكري ضد إيران

بقلم: لارا سيلغمان وروبي غرامر

المصدر: فورين بوليسي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


في الوقت الذي يحاول فيه فريق الأمن القومي التابع لترامب الدخول في مواجهة في الخليج العربي، بدأت أوروبا في التراجع.

بدأ حلفاء الولايات المتحدة بالتراجع بخصوص الرد العسكري الذي تحاول إدارة ترامب القيام به بشأن ما تعتبره تهديدات حقيقية من إيران للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، في ظل تزايد المخاوف من أن تدخل الولايات المتحدة في صراع آخر غير مدروس في المنطقة.

وفي الوقت الذي يواصل فيه فريق الأمن القومي التابع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال معدات عسكرية إلى المنطقة، قال جنرال بريطاني بارز في قوات التحالف الذي يحارب تنظيم الدولة في تصريح صحفي له من وزارة الدفاع الأمريكية إنه لا يرى "أي تهديد حقيقي" من القوات التي تدعمها إيران في كل من العراق وسوريا.

شهدت تصريحات الجنرال كريس غيكا، نائب قائد التحالف لمحاربة تنظيم الدولة، ردا وإدانة سريعة من القيادة المركزية الأمريكية.

وقال العقيد بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية "سنكتوم" في بيان له: "تتعارض هذه التصريحات مع التهديدات الحقيقية التي توصلت إليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية وحلفاؤها فيما يتعلق بالقوات التي تدعمها إيران في المنطقة". وأضاف بأن التحالف "الآن في حالة تأهب قصوى" حيث يواصل رصد التهديدات "المحتملة والوشيكة" ضد القوات الأمريكية في العراق.

في رد على التهديدات الجديدة، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية الأربعاء، بإجلاء جميع موظفيها الحكوميين، سواء العاملين داخل سفارتها في بغداد أو داخل قنصليتها في أربيل. كما قام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بزيارة إلى العراق يوم 7 مايو/ أيار الحالي للقاء كبار المسؤولين العراقيين وإطلاعهم على الوضع.

جاءت تعليقات وزارة الدفاع البريطانية مختلفة بشكل طفيف عن تعليقات غيكا يوم الأربعاء، مؤكدة أن "تركيزها الوحيد هو هزيمة "تنظيم الدولة" بشكل دائم".

إن التوبيخ الذي طال أحد المسؤولين في التحالف من قبل الجيش الأمريكي، وكذلك الاستقبال البارد الذي تلقاه بومبيو في أوروبا خلال زيارة قام بها مؤخرا، وقرار إسبانيا باسترجاع إحدى السفن الحربية التابعة لها في مجموعة القطع البحرية الأمريكية في الخليج العربي، يعكس تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وحلفائها بشأن موقف الإدارة الأمريكية المتشدد ضد طهران.

وقال جيم تاونسيند، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون، إن الحلفاء الأوروبيين، الذين يشككون في سياسة ترامب الخارجية، يرون أوجه تشابه مقلقة مع غزو الرئيس جورج بوش للعراق، خاصة وأن جون بولتون، مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، هو من يقود النهج الذي تتبناه الإدارة الأمريكية ضد إيران.

وقال تاونسند "إن حلفاء الولايات المتحدة يشعرون بالقلق حيال ما قد يتسبب به بولتون دون قصد"، مضيفا بالقول: "إنهم يتذكرون عواقب التنفيذ الأعمى للقرارات الأمريكية والتي يمكم أن تجرهم إلى حرب لا نهاية لها".

وأضاف تاونسند أن حلفاء الولايات المتحدة الذين يقاتلون تنظيم الدولة، على وجه الخصوص، يتجنبون نشوب مناوشات بينهم وبين طهران. مضيفا: "فليس من الشائع في أوروبا أن تذهب للموت من أجل دونالد ترامب".

والواقع أن هناك مؤشرات على دخول الولايات المتحدة في مواجهة، سواء عن قصد أو دون قصد. فقد أفادت تقارير بأن البنتاغون يضع خططا للحرب، كما قام بإرسال نحو 120 ألف جندي إلى المنطقة. وفي الوقت الذي وصف فيه ترامب هذه التقارير على "أنها عارية من الصحة"، فقد قال "لو كان الأمر صحيحا، لقمنا بإرسال عدد لا حصر له من الجنود".

يبدو أن مساعي بومبيو لحشد الأوروبيين من أجل تبني موقف أقوى ضد إيران، خلال الرحلة التي قام بها إلى بروكسل يوم الإثنين، قد باءت بالفشل. الأمر الذي يؤكد وجود خلاف قوي بين أوروبا والولايات المتحدة بسبب قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015.

منذ البداية، بدا كبار قادة الاتحاد الأوروبي محبطين من زيارة بومبيو التي استغرقت 11 ساعة، كما كانوا محبطين من تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. وقالت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحفيين قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي، "لقد قيل لنا خلال الليل إن [بومبيو] كان يخطط للتوقف هنا في بروكسل"، حيث تزامنت زيارة بومبيو مع اجتماع منتظم لوزراء الاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، أعرب وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، عن قلقه من تزايد التوتر في الخليج. وقال هانت: "نحن قلقون للغاية من خطر حدوث صراع دون قصد، دون تصعيد مقصود من كلا الجانبين".

قال كبار مسؤولي إدارة ترامب إن الزيارة كانت مثمرة، حيث التقى بومبيو مع نظرائه البريطانيين والفرنسيين والألمان ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي في لقاءات فردية. (على الرغم من أن الأوروبيين قد رفضوا طلبه لعقد اجتماع مشترك لإظهار جبهة موحدة ضد التهديد الإيراني).

وقال بريان هوك، مبعوث بومبيو لإيران للصحفيين، إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين "يتفقون في الكثير من القضايا" مضيفا قوله " نحن نتشاطر نفس التقييم ضد التهديدات".

لكن التحركات الأخيرة من قبل الحلفاء الأوروبيين تشير إلى عكس ذلك. فقد قالت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، بالنيابة عن إسبانيا إن مدريد سحبت يوم الثلاثاء "منديز نونيز فريجيت" من المجموعة البحرية بقيادة حاملة طائرات "يو إس إس أبراهام لنكولن" في الخليج لأن الولايات المتحدة تركز الآن على إيران بدلا من الهدف المتفق عليه وهو الاحتفال بذكرى الملاحة البحرية.

كما أوقفت ألمانيا أمس الأربعاء عملياتها التدريبية العسكرية في العراق بسبب التوترات الإقليمية المتزايدة.

بعد زيارته لبروكسل، سافر بومبيو إلى روسيا، حيث نفى مساعي الولايات المتحدة إلى الدفع بإيران إلى الدخول في نزاع لكنه تعهد بالرد على أي هجوم إيراني.

وقال بومبيو إلى جانب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء الماضي: "نحن لا نسعى إلى شن حرب مع إيران" مؤكدا بالقول: "لكننا أوضحنا أيضا للإيرانيين أنه إذا تعرضت المصالح الأمريكية للهجوم، فسنرد بكل تأكيد بالطريقة المناسبة".

حذر تاونسند من أن الضغط السياسي داخل واشنطن يمكن أن يتسبب في تصعيد خطير.

وقال تاونسند إن وزير الدفاع السابق، جيمس ماتيس، كان يحمي القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" وقيادات العمليات القتالية الأخرى من الضغوط السياسية خلال العامين الأولين من إدارة ترامب. استقال ماتيس في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في الوقت الذي يقترب فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة، جوزيف دانفورد، من تقاعده، وقائد القيادة المركزية الجديد، الجنرال كينيث ماكنزي، الذي قضى سنوات في العمل مع رؤساء الأركان المشتركة، "يقرأ ما بين السطور عندما يتعلق الموضوع بالسياسة".

قال تاونسند: "إن الأمر أشبه بلعبة العروش" موضحا " الرئيس يراقب بولتون، وبولتون يراقب ما قد يفعله الإيرانيون، في حين تترقب القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" ما سيقرره بولتون".

قد يؤدي تزايد التوتر في الأوساط السياسية إلى اتخاذ قرار ما كان لتيم اتخاذه في ظروف مختلفة".