السبت 2018/02/10

تزايد التنافس بين روسيا وإيران حول سوريا ( ترجمة )


المصدر: تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية) 

بقلم: لينا سنجب

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


إيران وروسيا تصطفّان مع نفس الجهة في سوريا، وقد عقدا العزم على إبقاء نظام بشار الأسد في السلطة. لكن تدخلهم الطويل في البلاد والتنافس القائم بينهما جعلهما ضد بعضهم في معركة النفوذ.

 

إيران.. المال والأرض:

بدأ الوجود الإيراني في سوريا بعد فترة وجيزة من الثورة الإيرانية، عندما رحب "حافظ الأسد" بوجودها في سوريا، بهدف إقامة توازن بين التحالفات في المنطقة وخارجها. ولكن استثمارها اليوم على نطاق أوسع من ذي قبل.

وحتى نهاية عام 2016، قدمت إيران قروضاً لسوريا بلغ مجموعها 4 مليارات دولار. ومنذ ذلك الحين، قدّمت قرضاً إضافياً بقيمة 3.5 مليار دولار. تستخدم إيران هذه القروض لتصدير البضائع إلى سوريا.

كما وقّعت دمشق خمس اتفاقيات تعاون على الأقل مع طهران، للاستثمار في ميناء مدينة طرطوس الساحلية، واستخدمت أكثر من 5000 هكتار من الأراضي الزراعية السورية والبحث عن مناجم الفوسفات جنوب تدمر وإعطاء تراخيص لشركات الهواتف المحمولة، على الرغم من أن معظم هذه الصفقات لم يتم تنفيذها بعد.

كما وسعت إيران وجودها في سوريا من خلال حيازة المزيد من الأراضي. فقد استحوذت على مساحات كبيرة عند مدخل مدينة دمشق، على مقربة من السفارة الإيرانية الواقعة على الطريق السريع المؤدّي إلى المَزّة، وعلى مرمى حجر من مكتب رئيس الوزراء. ويقال إن الموقع هو عبارة عن مركز ثقافي إيراني كانت إيران تقوم ببنائه لعدة سنوات، والذي تقوم الآن بتوسيع مساحته، إذ يحيط بالمبنى الأصلي الذي تقوم إيران بتشييده الآن عدة مبانٍ أخرى.

 

روسيا.. القلوب، الأذهان، والقوة العسكرية:

يعود تأثير روسيا في المنطقة إلى الحقبة السوفياتية، حيث دعمت موسكو استقلال سوريا في عام 1946 وقدمت الدعم الثقافي والتعليمي لها؛ فقد تتلمذ وتدرب العديد من السياسيين والمسؤولين العسكريين السوريين الموجودين الآن على الساحة السياسية، في روسيا. يذكر أن أول قاعدة بحرية روسية في سوريا تأسّست في طرطوس عام 1971.

واليوم، أضافت روسيا خططا استثمارية في سوريا إلى قائمتها. إذ إن هناك صفقات روسية لبناء محطات توليد كهرباء، وبناء أربعة مصانع للحبوب في حمص بتكلفة 70 مليون يورو، وكذا إنشاء مضخات للغاز والبحث عن النفط بتكلفة تقدر بـ 100 مليون دولار على مدى الـ 25 عاماً القادمة. تبلغ تكلفة الصادرات الروسية إلى سوريا نحو 200 مليون دولار.

ولكن هناك أيضا تدخلات عسكرية أكثر وضوحا في سوريا. فقد وقع الرئيس فلاديمير بوتين صفقة مع النظام تسمح لروسيا بالحفاظ على قاعدتها الجوية في سوريا لنحو نصف قرن مع إمكانية التمديد. وخلال زيارة بوتين الأخيرة للقاعدة العسكرية في حميميم، تم تهميش وجود بشار الأسد، فقد توجه الرئيس الروسي إلى هناك لدعم جنوده وتعزيز معنوياتهم، ولكنْ كان هناك أيضا لإرسال رسالة إلى الأسد حول من هو صاحب القرار، ومن أنقذه من الهلاك المحتّم.

كما حققت موسكو بعضا من القبول لدى العديد من الشرائح السكانية. يرفض العديد من السوريين أجندة إيران الدينية ودورها في التغيير الديموغرافي، في حين وجدت مزاعم روسيا ترحيباً أكثر، إثر ادعائها بأنها تسعى للحفاظ على النسيج الاجتماعي في سوريا قبيل الحرب. وقد قامت موسكو بجلب الشرطة الشيشانية السنّية تلبية لنداءات الأغلبية السنية في حلب، على نقيض الميليشيات الشيعية التي تعتمد عليها إيران.

 

معركة النفوذ:

هناك من يقول إن روسيا لديها أيضاً حصة في الصفقات الاستثمارية التي وقّعتها دمشق مع طهران أو تلك التي وعدت روسيا بتأمينها لصالح إيران، الشيء الذي يفسر لماذا لم يتم حتى الآن تنفيذ صفقات استخراج الفوسفات وتراخيص شركات الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى عدة صفقات أخرى، يعتقد الكثيرون في دمشق بأن روسيا تحاول عرقلة خطط التوسع الاقتصادي الإيراني في المنطقة. وتفيد التقارير بأن الشركات الروسية تتقدم بالفعل على إيران في مجال البحث عن الغاز.

فقد واجهت كل من روسيا وإيران العديد من العقبات خلال جهودهما لتوسيع نفوذهما العسكري في سوريا. فعندما قامت المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران بمنع إخلاء حلب، هاجمت الطائرات الحربية الروسية بلدتي كفريا والفوعة لإجبار الإيرانيين على تنفيذ الاتفاق. وردا على ذلك، منع مقاتلو حزب الله الجنود الروس من الدخول إلى وادي بردى خلال حصار المدينة وأزمة المياه هناك. فكل واحد منهما يحاول الضغط على الآخر من خلال ما يتقنُه، إيران أرضاً، وروسيا جواً.

لذلك، في الوقت الذي تعتبر فيه كل من روسيا وإيران حليفتين تجمعهما البراغماتية في سوريا، تواجهان اليوم تبايناً تكتيكياً متزايداً، قد ينتهي بفشل هذا التحالف.