الخميس 2019/04/25

تركيا تنجح في إبعاد الأكراد عن محادثات أستانا

بقلم: أمبيرين زمان

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


يجتمع اليوم كبار المسؤولين من تركيا وإيران وروسيا في العاصمة الكازاخستانية، لحضور الجولة الأخيرة من محادثات السلام السورية التي ترعاها دول ذات الثقل الإقليمي.

يشارك في هذه المحادثات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، وذلك بعد اجتماعه في جنيف مع مبعوث الولايات المتحدة إلى سوريا جيمس جيفري. يسعى الدبلوماسي الأمريكي المخضرم إلى إعادة إحياء محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع الذي مازال مستمرا منذ ثماني سنوات. وينظر العديد من المراقبين إلى هذا الجهد على أنه محاولة لوضع بصمة أميركية على مستقبل سوريا بعد الحرب، ويرون أن هذه محاولات محكوم عليها بالفشل بسبب سياسة إدارة دونالد ترامب الحالية، المتمثّلة في خنق النظام من خلال فرض عقوبات عليه، في الوقت الذي تطالبه بالانسحاب الكامل للقوات الإيرانية كشرط أساسي لتخفيف هذه القيود.

تحتاج محادثات جنيف إلى وجود توافق في الآراء بين القوى الفاعلة داخل سوريا، وهي - باستثناء الولايات المتحدة – بدأت في العمل على ذلك من خلال مسار أستانا، والذي بدأ عام 2017.

من المتوقع أن تكون هذه الجولة فرصة لتشكيل لجنة دستورية يفترض أن تضع دستوراً جديداً لسوريا. وقد تأخّر تشكيل اللجنة، التي ستسبق الانتخابات، بسبب اعتراضات نظام الأسد المستمرة على إدراج أربعة أفراد على الأقل لتمثيل المعارضة المرتبطة بالجيش السوري الحر. لكن قناة "تي آر تي وورلد" الإخبارية كانت قد نقلت أن بيدرسن نجح في إقناع بشار الأسد.

باءت المحاولات السابقة لتشكيل هذه اللجنة بالفشل بسبب نشوب مشاجرات في اللحظات الأخيرة، وهو نمط قد يتكرر في أستانا.

نجحت تركيا، بدعم من روسيا، في إبعاد "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي عن اللجنة تماما، كما نجحت سابقا في إبعاد هذه المجموعة عن محادثات الأمم المتحدة. يُعد حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" الذراع السياسية لـ"وحدات حماية الشعب" الكردي (ي ب ج)، اللذينِ تصنفهما تركيا "جماعات إرهابية"، بسبب ارتباطهما بحزب العمال الكردستاني، الذي يقود حركة تمرد داخل تركيا منذ 35 عاما.

سيكون وضع إدلب على طاولة المباحثات، حيث أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين هذا قائلا: "سنناقش الوضع على الأرض وما يتعين علينا القيام به من أجل إبعاد التهديدات بشكل نهائي، ولا سيما التهديد الذي يشكله حالياً الجيب الإرهابي في إدلب".

تخضع المنطقة الواقعة في الشمال الغربي المتاخم للحدود التركية لسيطرة هيئة تحرير الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة. خلال الصفقة التي أبرمت في أيلول/ سبتمبر مع موسكو، تعهدت تركيا بالقيام بما اعتبره الكثيرون مهمة مستحيلة: إخراج هيئة تحرير الشام من المنطقة المنزوعة السلاح التي تراقبها القوات التركية، والدفع بمقاتلي هيئة تحرير الشام "المعتدلين" إلى العمل تحت مظلة أنقرة، وبالتالي القضاء على التطرف داخل المجموعة. سيؤدي هذا ظاهريا إلى خلق الظروف الملائمة لشن النظام هجوما على المنطقة لاستعادة السيطرة على المقاطعة في نهاية المطاف، لكن ليس دون التسبب في خسائر كبيرة في صفوف المدنيين والدفع بموجات نزوح جماعية جديدة باتجاه الحدود التركية.

وقفت روسيا حتى الآن في وجه النظام، ما أعطى تركيا المزيد من الوقت للوفاء بالتزاماتها. يرجع ذلك جزئياً إلى هدف روسيا الاستراتيجي المتمثل في إبعاد تركيا عن المدار الأمريكي لزيادة نفوذها في سوريا لتعزيز مصالح أنقرة، فمنذ وقت قريب أعطت روسيا الضوء الأخضر لتركيا بالسيطرة على جيب عفرين الذي كان تحت سيطرة "وحدات حماية الشعب" العام الماضي.

من بين الأحداث المرتبطة بهذا الأمر، قالت روسيا إنها ستنظر في بيع طائراتها القتالية إلى تركيا إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن تهديداتها القاضية بوقف تسليم الطائرات المقاتلة من طراز "إف-35" لتركيا بسبب رفض أنقرة تقويض صفقتها مع روسيا للحصول على صواريخ إس- 400 الروسية الصنع. وقال ألكساندر ميخيف، رئيس شركة روزوبورون اكسبورت لتصدير الأسلحة الروسية، "إذا طلب منا الجانب التركي تقديم استشارات، فسنكون مستعدين للقيام بذلك".

لكن العنف تزايد داخل مقاطعة إدلب خلال الأسابيع الماضية في انتهاك واضح وصريح لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بموجب اتفاقية خفض التصعيد في أيلول/ سبتمبر الماضي. استأنف كل من النظام والطائرات الحربية الروسية الغارات الجوية على إدلب، بينما رد مقاتلو المعارضة بالقصف المدفعي والصاروخي وقذائف الهاون، ما أدى إلى مقتل مدنيين.

أشار تريفور مايس في مقال له نشره مؤخرا على المجلس الأطلسي إلى خمس انتهاكات لوقف إطلاق النار: "منذ آذار/ مارس الماضي، حيث تعد عودة القوات الجوية الروسية إلى أجواء محافظة إدلب أكثر التطورات خطورة في نمط انتهاكات وقف إطلاق النار"،  كما أشار مايس في مقاله إلى زيادة نشر الذخائر العنقودية المحظورة على نطاق واسع ... وقد ضربت سوقاً "في كفر نابل في 5 نيسان/ أبريل الحالي، وأسفرت عن مقتل 13 شخصا. ألقى ميس باللوم على "عدم وجود آلية إنفاذ" لاتفاقية وقف إطلاق النار التي تم إبرامها في أيلول/ سبتمبر الماضي بخصوص إدلب.