الثلاثاء 2018/01/23

تركيا تقوض استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا من خلال هجومها على المليشيات الكردية ( ترجمة )


المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


أردوغان: "لا نأبه لما يقولون"

قام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أخيرا بتنفيذ وعوده بشن هجوم على القرى التي تقع ضمن المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا. جاء الهجوم الذي سُمي "عملية غصن الزيتون" بعد إعلان المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة تشكيل قوة حدودية قوامها 30 ألف جندي، تحت قيادة مقاتلي "قسد"، وكذا حصول تركيا على الضوء الأخضر من روسيا، ما قد يسمح بتدخل تركي قصير الأمد لتسهيل دور قوات النظام في الشمال.

إن التصادم الحاصل بين تركيا والأكراد الموجودين في الشمال من شأنه أن يفتح المجال أمام نوع من التفاهم مع دمشق.

ومن بين النتائج القليلة التي جاءت على إثر قرار ترامب كلمات وزير الخارجية الأمريكية التي انتقاها بعناية وجاءت على إثر البدء في تنفيذ استراتيجية ترامب الجديدة في سوريا المعلن عنها في 17 من كانون الثاني/ يناير الجاري، حيث اعترف حسب تعبيره بوجود "مخاوف بشأن حليفنا في الناتو تركيا" وتوضيحات تيلرسون المستعجلة حول القوى الموجودة على الحدود، على إثر لقائه بوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو في اليوم التالي ووزير الدفاع الأمريكي.

وفي إشارة إلى مستوى العلاقات السيئة التي وصلت إليها العلاقات التركية-الأمريكية، رد الرئيس التركي على حليفه في الناتو، الولايات المتحدة، " لا نأبه لما يقولون...سيدركون لاحقا أنه من الخطأ الوثوق بمنظمة إرهابية".

تَعتبر أنقرة وحدات القوات الكردية، التابعة لقسد، الذراع الأيمن لحزب العمال الكردستاني، التي صنفته كل من الولايات المتحدة وتركيا ضمن المنظمات الإرهابية. يعتقد الرئيس التركي أن الولايات المتحدة قد نكثت بوعودها لوقف التوسع الكردي شمالي سوريا على الحدود التركية.

يقول "فهيم تاستكين": "إن الإعلان الذي جاء بخصوص القوات التي توجد على الحدود، يعني، بالنسبة لتركيا، أن الشراكة التي تقوم بين كل من المليشيات الكردية الانفصالية والولايات المتحدة لن تنتهي بانتهاء تنظيم الدولة كما كانت تأمل أنقرة. فآخر محادثة جرت بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أظهرت بأن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لهذه المليشيات لن ينتهي."

وبحسب ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن ترامب قد قال لأردوغان: "لقد أعطيت التعليمات، ولن يتم إرسال المزيد من الأسلحة" كما أكد البيت الأبيض أن ترامب قد أبلغ أردوغان بـ "التعديلات التي يجري النظر فيها بخصوص الدعم العسكري الذي نقدمه لشركائنا في سوريا". أكدت بعدها الولايات المتحدة للمليشيات الكردية خلال محادثات سرية جرت بينهما أنها لن تغادر المنطقة دون التوصل إلى حل سياسي هناك وعلى إثر ذلك تم تشكيل القوة الأمنية لحماية الحدود التي تدعمها الولايات المتحدة.

ولعل أكثر ما يوضح توتر العلاقة التركية الأمريكية هو أن الحكم النهائي لقرار ترامب كان بيد موسكو. فقد جاء خطاب تيلرسون متأخرا ولا يعكس خطورة الاختلافات القائمة بين كل من الولايات المتحدة وتركيا حول "قسد" وأهداف الولايات المتحدة في سوريا، بما في ذلك إعادة الاستقرار إلى القرى التي تم تحريرها من تنظيم الدولة وعودة اللاجئين واحتواء إيران، بالإضافة إلى العديد من الأهداف، والتي من الممكن أن تتعثّر أو تقوَّض دون تنسيق مع تركيا وروسيا.

بالنسبة لأنقرة، فقد ولى زمن الخطابات والمباحثات، في الوقت الذي قدم تيلرسون التماسا لجاويش أوغلو في فانكوفر، كان الاجتماع الذي جرى بين خلوصي آكار رئيس أركان الجيش التركي وهاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية مع رئيس هيئة الأركان الروسي الأهم والأبرز. بعدها بدأت روسيا بسحب قواتها من المناطق التي تستهدفها القوات التركية. وجاء تصريح على لسان وزير الخارجية الروسي يعرب فيه عن "تخوفه" مما يحدث، ودعا جميع الأطراف إلى "ضبط النفس". قام في هذه الأثناء الدبلوماسيون الروس والإيرانيون بالإضافة إلى نظرائهم الأتراك بالاجتماع من أجل الاستعداد إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، الذي يُعقد 30 كانون الثاني/ يناير الجاري.

يعلق المحلل السياسي ميتين غوركان، في محاولة لفهم الدوافع والنتائج المحتملة للعملية التركية قائلاً: "إذا سعت أنقرة للحصول على موافقة موسكو، قد تحصل عليها، لأن روسيا بحاجة ماسة إلى الحصول على انتصار عسكري محليا". مضيفا أنه " في هذه الحالة، قد تعطي موسكو الضوء الأخضر لتركيا للقيام بعملية قصيرة الأمد محددة الأهداف. وقد تصر موسكو أيضا على أن تقوم تركيا بتسليم عفرين لبشار الأسد بعد الإبقاء على القوات التركية لمدة قصيرة في المنطقة."

في الوقت الذي تمر فيه العلاقات التركية-الأمريكية بحالة من السقوط الحر، لا يخلو التنسيق التركي-الروسي من بعض الاحتكاكات والتي تتضمن خيبة أمل الكرملين بخصوص عدم وفاء أنقرة بالتزاماتها في إدلب. يقول غوركان " في 2017، أعطت موسكو فرصة لأنقرة لإخلاء المنطقة، وإخراج الجماعات المتطرفة هناك، لكن أنقرة تأخرت في الرد كما إن أداءها على أرض المعركة لم يتماشَ مع التطلعات الروسية. إذ يمكن القول إن هذا الامتعاض الروسي من أداء تركيا عسكريا أدى بروسيا إلى إعطاء الضوء الأخضر لقوات نظام بشار الأسد لشن هجمات شمالي إدلب.

بعبارة أخرى، تعتقد روسيا أن تركيا تماطل بشأن تنفيذ وعودها التي تفضي بإعادة تشكيل المعارضة السنية غرب نهر الفرات لتصبح طرفا فاعلا فيما يجري هناك وفصل الجماعات المسلحة السنية عن الجماعات المتطرفة التابعة لهيئة تحرير الشام، إذ يمكن لعملية عفرين أن تُعرّض الترتيبات التي سعت روسيا جاهدة إلى تحقيقها غرب نهر الفرات للخطر.

يضيف غوركان قائلا: "إذا لم تقم الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات فلن يرى بوتين جدوى من مساعدة ترامب على حساب علاقاته الإقليمية. ولذلك قد تقوم روسيا بلعب دور سلبي داخليا وتقديم الدعم خارجيا، ما يسمح للأطراف الإقليمية باتخاذ مبادرة ضد الأكراد أو غيرهم. قد تظن موسكو أنها تملك القول الفصل، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فهي ترى أنه يجب التعامل بحذر مع الدب الروسي، آخذة بعين الاعتبار أن طهران وأنقرة ودمشق ستدلو بدلوها في النهاية".

وحشية النظام تزداد في مناطق خفض التصعيد:

يحذّر مسؤولون أمميون من خطر الهجمات التي يقوم بها النظام على الغوطة الشرقية وإدلب اللتين تقعان ضمن مناطق خفض التصعيد وفقا لعملية أستانا التي دعمتها كل من روسيا وإيران وتركيا.

وفقا لمركز الأنباء التابع للأمم المتحدة، "منذ أواسط شهر نوفمبر 2017، قُدرت أعداد الذين تعرضوا للهجمات الجوية من طرف قوات النظام وحلفائه بشكل يومي في الغوطة الشرقية بنحو 393000 سوري.

أدت الصواريخ التي أطلقتها مجموعات المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية باتجاه المناطق السكنية في دمشق إلى تفاقم الوضع، كما أدى تصاعد القتال بين قوات النظام وجماعات المعارضة المسلحة منذ ديسمبر / كانون الأول الماضي، إلى نزوح أكثر من 200،000 مدني وسقوط العديد من الضحايا في صفوف المدنيين.

 

وكان أحمد الأحمد، المنسق الإعلامي السوري للهلال الأحمر التركي، قد قال لخالد الخطيب، "إن موجة النزوح التي بدأت في أوائل ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، قد زادت بشكل مهول منذ اليوم الأول لسنة 2018. وكان الهلال الأحمر قد قام بإنشاء مخيمين لإيواء النازحين وإطلاق حملة تحت اسم "لستم وحدكم"، يضم أول مخيم نحو 5000 نازح، في حين يضم الثاني نحو 20000 نازح. توجد هذه المخيمات بالقرب من معبر باب الهوى شمالي إدلب… يضيف أحمد الأحمد قائلا " نحن نخطط لإنشاء المزيد من المخيمات على الحدود السورية التركية شمال إدلب لاستيعاب الأعداد الكبيرة للنازحين والتي قدّرها الهلال الأحمر التركي بنحو 300 ألف، أغلبهم من الأطفال والنساء".