الأربعاء 2019/07/10

بلومبرغ: خيارات الأسد بعد انقطاع شريان النفط الإيراني

بقلم: جوليان لي

المصدر: بلومبرغ

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


يبدو أن قناة السويس تمنع مرور السفن المتجهة إلى سوريا، الأمر الذي يضع بشار الأسد في موقف صعب.

في خطوة لشد الخناق على تدفق النفط إلى سوريا، قامت البحرية الملكية البريطانية الأسبوع الماضي بمنع ناقلة تحمل الخام الإيراني في البحر الأبيض المتوسط ​​من المرور عبر مضيق جبل طارق. مع توقف الإمدادات الإيرانية إلى سوريا، تجد سوريا نفسها مضطرة للبحث عن بديل.

محملة بالنفط الإيراني الخام، انطلقت ناقلة النفط العملاقة "غريس 1 " من محطة في جزيرة "خرج" الإيرانية في منتصف نيسان/ أبريل الماضي، وذلك في رحلة طويلة حيث التفت حول أفريقيا متجهة نحو شرق البحر الأبيض المتوسط. تم إيقاف الناقلة العملاقة لاعتقاد أنها كانت في طريقها إلى مصفاة تابعة لوزارة البترول السورية، التي تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

تبلغ الرحلة من إيران إلى سوريا عبر إفريقيا نحو 14500 ميل، أي ما يعادل (23300 كيلومتر)، مقارنة بـ 4100 ميل فقط عبر البحر الأحمر وقناة السويس. فما الذي دفع بهذه الناقلة لخوض هذه الرحلة الشاقة؟

 ببساطة، لأنه تم منع نقل النفط الإيراني عبر خط أنابيب سوميد التي تمر عبر مصر والتي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط. كما تم حظر نقل هذا النفط عبر خط أنابيب إيلات عسقلان الذي يمر بإسرائيل، والذي بني في المقام الأول لنقل إنتاج إيران من النفط عبر البحر الأبيض المتوسط.

رحلة شاقة:

حاولت إيران إرسال النفط إلى سوريا عبر إفريقيا بعد أن مُنعت هذه الناقلة من المرور عبر قناة السويس. يبدو أنه يتم منع السفن التي تنقل الخام الإيراني إلى سوريا من استخدام قناة السويس في الآونة الأخيرة. يعتبر هذا لأمر تطورا جديدا، حيث بلغ متوسط تجارة النفط بين البلدين في عامي 2016 و2018 عبر الممر المائي نحو 500 ألف برميل يوميا. وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، نشر في آذار/ مارس الماضي قائمة تتضمن أسماء جميع السفن المشاركة في نقل النفط الإيراني الخاضعة لعقوبات.

يمكن القول إن مصير الناقلة الإيرانية "سي شارك" من فئة "سويس ماكس" يعكس ما يحدث.  فقد حاولت هذه الناقلة التي تقوم بنقل نحو مليون برميل من الخام الإيراني المرور عبر المدخل الجنوبي لقناة السويس في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكنها عادت بعد يوم، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبرغ. توقفت نحو خمسة أشهر في المياه الإقليمية المصرية قبل أن تعود إلى قناة السويس في أواخر نيسان/ أبريل الماضي ولا تزال الناقلة محملة بالنفط. قبل إيقافها، قامت هذه الناقلة بما لا يقل عن 11 رحلة بين العامين 2017 و2018 محملة بالنفط الإيراني باتجاه سوريا.

لا لكن هذا لا يعني أن مرور الخام الإيراني ممنوع بشكل كلي، لأن السفن المتجهة إلى تركيا لا تزال قادرة على المرور. بل يعني أن السفن المتجهة إلى سوريا يجب أن تسلك طريقاً أطول بكثير عبر إفريقيا، وأن تحميل سفينة أكبر سيجعل الرحلة أكثر اقتصاداً. تستطيع الناقلة "غريس1" أن تحمل ضعف كمية التي تستطيع أن تحملها الناقلة "سي شارك". لكن الطريق الذي كانت تحاول عبوره يمر عبر مياه الاتحاد الأوروبي لهذا تم منعها من إكمال رحلتها.

وكانت حكومة جبل طارق أنكرت ادعاءات وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية القائلة بأن احتجازها لسفينة "غريس1" جاء بناء على طلب من الولايات المتحدة.

إذا لم تتمكن سوريا من الحصول على الخام الإيراني عبر البحر، فماذا عن طريق البر؟

سيكون ذلك صعبا. يسيطر الحلفاء الأمريكيون على  معظم الأراضي المنتجة للنفط في سوريا نفسها، بينما تجوب القوات الأمريكية معظم المعابر، بدءاً من العراق ووصولا إلى سوريا، التي ربما كانت تستخدمها إيران لإنشاء طريق بري للصادرات الإيرانية.

من الواضح أن سوريا بحاجة إلى استيراد النفط. بعيدا عن الأسباب الطبيعية الأخرى، فإن بشار الأسد في حالة حرب. وبالنظر إلى القيود الصارمة التي فرضتها العقوبات على مورّديه المحتملين، فلم يجد بُداً سوى اللجوء والاستعانة بداعميه.

إذا كانت ممرات التهريب التي أقامها تنظيم الدولة خلال خلافته غير صالحة لتصدير النفط من سوريا ولا يمكن استخدامها في الاتجاه المعاكس، فربما ستصبح كذلك عما قريب.

أو ربما قد يجد الوقود الذي يتم إرساله للطائرات والمركبات العسكرية الروسية داخل سوريا طريقه لنظام الأسد.

لدى نظام الأسد صديقان رئيسيان منتجان للنفط، إيران وروسيا. مع إغلاق الطرق نحو الأول قد يُضطر إلى اللجوء للثاني. يطرح هذا الموضوع مجموعة جديدة من المخاطر المحتملة. إن احتجاز سفينة إيرانية في مضيق جبل طارق واحتجاز سفينة روسية في بحر إيجه أمران مختلفان جدا.