الثلاثاء 2017/10/24

بعد الصور الصادمة للطفلة “سحر” .. الغارديان :تعاني الغوطة الشرقية اليوم أسوأ أنواع الجريمة ( مترجم )

المصدر: الغارديان

العنوان الأصلي : سوريا.. صور صادمة لرضيعة سورية تكشف آثار أزمة الغذاء

 ترجمة: مركز الجسر للدراسات

بعد موت الطفلة "سحر ضفدع"، يحذّر مسؤولو الإغاثة من كارثة إنسانية تضع حياة المزيد على المِحك.

إن المعاناة المستمرة للمدنيين المحاصرين في سوريا تكشّفت من جديد في أبشع صورها، بعد ظهور صور جديدة لرضيعة مصابة بسوء تغذية حاد ماتت على أثره من الجوع في إحدى ضواحي دمشق التي تسيطر عليها المعارضة.

فالصور التي نشرتها أمس وكالة الأنباء الفرنسية، تظهر الطفلة "سحر ضفدع" -التي لا يتجاوز عمرها شهرا واحدا، وتزن أقل من كيلوغرامين اثنين- تظهر عيناها غائرتين في محجريهما وضلوعها البارزة من تحت جلدها المتهدل. تلقّت سحر علاجاً لسوء التغذية في بلدة حمورية شرق منطقة الغوطة، وماتت يوم الأحد.

وقد صرح مسؤول، رفض ذكر اسمه، قائلا " إن الإمدادات التي تصل قليلة جدا، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، سيموت المزيد من الأطفال"

يعيش عشرات الآلاف من المدنيين في الغوطة تحت حصار فرضته عليهم القوات الموالية لبشار الأسد. وهناك نحو 3.5 ملايين شخص في سوريا يعيشون في مناطق محاصَرة أو يصعب الوصول إليها، وأغلبية هؤلاء يعيشون في أماكن عسكرية مطوّقة بواسطة نظام الأسد. وقد أدى الاقتتال الداخلي بين قوات الثوار المحلية وتخزين التجار المواد الغذائية إلى تأزم الوضع أكثر مما هو عليه.

يقول أطباء ونشطاء مقيمون في تلك المناطق إن نقص الأغذية بلغ أدنى مستوياته، فعشرات الحالات من سوء التغذية تشاهد في العيادات المحلية والمستشفيات الميدانية. كما إن الأمهات الجدد عاجزات عن إرضاع أطفالهن لأنهن أنفسهن يعانين من نقص التغذية، هذا بالإضافة إلى أن منتجات كحليب الأطفال تكاد تكون معدومة.

يقول محمد كاتوب (وهو طبيب ومسؤول في الجمعية الطبية السورية -الأمريكية، التي تساعد في إدارة مجموعة من المشافي بالغوطة)، إن هناك حاليا 68 حالة لسوء التغذية في مشافي المنطقة. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أكبر بكثير من هذا بسبب صعوبة جمع المعلومات من المنشآت الطبية في المناطق التي تدور فيها الحرب.  ويقول مضيفا.. إن أغلب الوفيات في صفوف هؤلاء المرضى كانت في أغلب الأحيان نتيجة لسوء التغذية الذي أنهك أجهزة المناعة لديهم والتي فشلت فيما بعد في درء الأمراض والعدوى.

وقال يحيى أبو يحيى لوكالة الأنباء الفرنسية، (وهو طبيب في المنطقة)، إن 80% من الـ 9700 طفل تم فحصهم في الأشهر الأخيرة الماضية، يعانون أشد أشكال سوء التغذية، 200 منهم يعانون سوء تغذية حاداً نسبياً، في حين أن 4000 منهم يعانون من نقص في التغذية.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية، إن سحر، الطفلة الرضيعة التي في الصور، لم تستطع أن ترضع حليب أمها لأن هذه الأخيرة لم تستطع إنتاج الحليب اللازم لذلك.

وقال الناشط رائد سرويل "تعاني الغوطة الشرقية اليوم أسوأ أنواع الجريمة" مضيفا أن " آلاف الأطفال يعيشون في خطر، وإذا لم يكن هناك تحرك دولي أو مبادرة أممية لحل هذه الأزمة فإن العواقب ستكون وخيمة وستصبح الغوطة كارثة إنسانية".

تعد الغوطة الشرقية واحدة من مناطق "خفض التصعيد" تم إنشاؤها بموجب اتفاق "خفض التصعيد" والتي لعبت فيها كل من روسيا وتركيا دور الوسيط لخفض العنف في سوريا. لكن النظام استمر في فرض الحصار على المنطقة، ما أثار مخاوف متزايدة بشأن معاناة المدنيين.

يقول مسؤولو الإغاثة أن عدة أسر اضطرت إلى بيع المكملات الغذائية لشراء المزيد من المواد الغذائية الأساسية مثل السكر أو الخبز، ما أدى إلى حالات سوء تغذية حادة. وقال أحد المسؤولين إن كيلوغراماً من السكر يكلف الآن ما يعادل 15 دولاراً (أي ما يعادل 11 جنيه إسترليني)، وهو سعر يتجاوز بكثير القدرة الشرائية للمدنيين الذين يعيشون منذ سنوات في ظل ظروف صعبة.

قام النظام بالحد من وصول الدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية والأمم المتحدة إلى تلك المناطق، كما إن الاقتتال الداخلي بين قوات الثوار صعّب وصول المساعدات. وأدى النقص في المواد الغذائية إلى ظهور سوق سوداء يحتكرها تجار تجردوا من ضمائرهم، الشي الذي أدى تفاقم المعاناة الإنسانية وجعل المواد الأساسية باهظة. فمعظم الأسر تعيش على خبز الشعير والزيتون والنباتات المسلوقة.

حصار الغوطة الشرقية كان لفترة طويلة غير متماسك، وهو ما سهل تفادي المهربين للمقاتلين المحليين المديرين لنقاط التفتيش أو رشوتهم، لكن هجوما هذا العام شتت الثوار في العديد من المدن بريف دمشق، ومكن الحكومة من تشديد النظام بشكل كبير.