الأحد 2019/05/19

الولايات المتحدة تستعد لشن حملة ضغط جديدة على الأسد

بقلم: براينت هاريس

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


صرح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة "المونيتور" بأن إدارة ترامب تعتزم تكثيف الضغوط السياسية والاقتصادية على سوريا في الأشهر المقبلة، لإجبار نظام بشار الأسد على "رؤية الواقع وتقديم تنازلات" فيما يتعلق بعملية السلام المتوقفة التي تدعمها الأمم المتحدة.

وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي قامت فيه مجموعة من الخبراء في الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصناع القرار السابقين بتكليف من الكونغرس بتقديم توصيات مشابهة لعدد من المشرعين في وقت سابق من هذا الشهر، على الرغم من اعترافهم الضمني بأن فرص نجاح هذه الحملة شبه منعدمة.

وكانت مجموعة دراسة سوريا كتبت في تقرير أولي لها حصلت صحيفة " بوليتيكو" على نسخة منه: "الأسد غير مستعد لتقديم تنازلات ويعتزم استعادة سوريا بأكملها". ثم يمضي التقرير لتقديم قائمة التوصيات الرئيسية بما في ذلك "الاستمرار في عزل نظام الأسد من خلال العقوبات والضغط الدبلوماسي ورفض المساعدة في إعادة الإعمار".

تأتي حملة الضغط هذه في الوقت الذي تكثف فيه قوات الأسد هجومها على محافظة إدلب؛ آخر معاقل الثوار، والتي تخضع بشكل كبير لسيطرة جماعة "هيئة تحرير الشام" التابعة للقاعدة. في هذه الأثناء تقوم كل من روسيا وإيران وتركيا بإجراء محادثات حول المستقبل السياسي لسوريا، وتهميش عملية السلام التي تدعمها الولايات المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أوضح ضرورة "التنفيذ الكامل" لقرار الأمم المتحدة في اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في وقت سابق من هذا الأسبوع. قال مسؤول أمريكي بارز لصحيفة "المونيتور" إن هدف الإدارة هو إجبار الأسد وحلفائه على "الانخراط في عملية انتقال سياسية [كما ورد في القرار مجلس الأمن رقم 2254] بشكل فعال".

وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة كررت تحذيراتها لقوات الأسد بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية. واعتبر المصدر قوات النظام التي تشارك في حملة إدلب " مسؤولة عن ارتكاب أسوأ انتهاكات الحرب".

يحث التقرير الذي أعدته مجموعة دراسة سوريا، الإدارة الأمريكية على توضيح أن الهجمات الكيمياوية أو "أي شكل آخر من العمليات التي تستهدف المدنيين بشكل عشوائي ستؤدي إلى رد عسكري سريع من الولايات المتحدة وأوروبا".

ومع ذلك، فإن التقرير يختلف بشدة مع الإدارة بشأن مسألة القوات الأمريكية.

بخصوص التطورات الأخيرة بشأن خطة انسحاب ترامب، ستسحب الولايات المتحدة قواتها بالتدريج لتبقي على 400 جندي أمريكي فقط في سوريا. سيكون 200 جندي منهم في شمال شرق سوريا داخل المنطقة الآمنة التي ستكون خاضعة لمراقبة دولية بمشاركة تركيا. بينما ستبقي على 200 جندي آخرين داخل قاعدة التنف في الجنوب الشرقي لمواجهة إيران.

يرى التقرير أن "الانسحاب الأمريكي المعلن عنه سيقوض ثقة الحلفاء في الالتزام الأمريكي داخل سوريا ويدفع بشركاء واشنطن وحلفائها الإقليميين إلى البحث عن حلول منفصلة أو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد".

يرى خبراء هذه المجموعة أن السياسة الأمريكية يجب أن تهدف إلى "الحؤول دون تطبيع الحكومات العربية لعلاقاتها مع نظام الأسد". مؤكدين أن عزل الأسد سيدفع كلا من "روسيا والجهات الفاعلة المحلية للتسوية".

ويوصي التقرير أيضا بتقديم المساعدات لتحقيق الاستقرار والتي كانت قد ألغتها الإدارة في وقت سابق.

قال السناتور بوب مينينديز، أبرز الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية، إن سياسات إدارة ترامب أعاقت قدرة الولايات المتحدة على مواجهة الأسد. وقال مينينديز لصحيفة "المونيتور": "لقد بدأت الإدارة في الابتعاد عن تلك السياسة"، مضيفا قوله: "لقد سمحت هذه السياسة بوضع مستقبل سوريا في أيدي قوى خارجية ومصالحنا في أيدي الروس وهذا خطأ فادح". متحدثا عن توصيات التقرير، قال: "إنها يمكن أن تسفر عن نتائج". كما رحب النشطاء المناهضون للأسد بهذه التوصيات.

قال جيمسون كننغهام ( خبير سياسي استراتيجي في منظمة أمريكيون من أجل سوريا حرة)لصحيفة "المونيتور"، "إن التصعيد الأخير ضد إدلب والهجوم الذي يشنه النظام ضد المستشفيات والمدارس والأهداف المدنية الأخرى يُظهر أن الأسد سيبذل قصارى جهده لاستعادة البلاد وتدمير أي شخص يقف في طريقه" وأضاف: "يوضح هذا التقرير الأولي أنه يتعين على الولايات المتحدة تكثيف جهودها للضغط على الأسد لإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

كما تدعو مجموعة دراسة سوريا الكونغرس إلى تأكيد تعيين سفراء في كل من العراق وتركيا وإقرار قانون "قيصر" لحماية المدنيين السوريين، والذي من شأنه أن يعاقب نظام الأسد ومؤيديه. وكان مجلس النواب وافق على مشروع القانون بالإجماع في كانون الثاني/ يناير الماضي، ووعد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيمس ريش، بإنفاذه في المستقبل القريب.

أخيرا، يتطرق التقرير إلى سياسة إدارة ترامب حول قضية رئيسية أخرى: قضية اللاجئين. بالإضافة إلى دعم البلدان التي استوعبت معظم اللاجئين، فإنه يدعو إلى إعادة توطين 5600 لاجئ سوري داخل الولايات المتحدة خلال عام 2020 - أو ما يقارب 0.1 ٪ من مجموع اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم -وذلك "لإرسال رسالة مهمة إلى جميع الحلفاء الأوروبيين والبلدان المستضيفة".

لقد منع ترامب السوريين من دخول الولايات المتحدة كجزء من حظره السفر على سبع دول، منها خمس دول ذات غالبية مسلمة. حددت الإدارة أيضا عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم الولايات المتحدة لعام 2019 بنحو 30 ألف لاجئ، وهي نسبة منخفضة جدا.