الأحد 2017/10/22

النزاع الدبلوماسي “الروسي-الأمريكي” سيعرض التحقيق في سوريا للخطر ( ترجمة )

المصدر: نيويورك تايمز

بقلم: ريك كلادستون

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

إن اشتداد المواجهة في الأمم المتحدة بين كل من الولايات المتحدة وروسيا من شأنها أن تعرض التحقيق الدولي حول هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا للخطر، وعلى وجه التحديد قصف السارين المميت على البلدة التي كان يسيطر عليها الثوار في نيسان إبريل الماضي.

لا يوجد خلاف حول أن يكون السارين المميت والمحظور بمقتضى معاهدة دولية وقعت عليها سوريا، قد استعمل في قرية خان شيخون في 4 أبريل/نيسان جنوب محافظة إدلب والذي أودى بحياة الكثيرين وأمرض المئات. لكن روسيا مع حليفها الأول نظام الأسد، شككت في التأكيدات الغربية حول أن تكون قوات الأسد قد ألقت قنابل تحتوي على هذا الغاز السام.

أكد الروس أنهم سيستعملون حق النقض في مجلس الأمن لإلغاء التفويض الذي يخوّل اللجنة بالتحقيق، إذا ما أدان التقرير الذي ستطرحه الخميس المقبل، بشارالأسد. وتُعتبر هذه اللجنة (التي سينتهي التفويض الذي يخولها بالتحقيق في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل) الآلية الوحيدة للمساءلة حول الفظائع التي خلفها استعمال الأسلحة الكيماوية في سوريا.

وقد قدمت هذا الأسبوع، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، مقترحا بالتصويت في مجلس الأمن حول تمديد عمل اللجنة لمدة سنة، قبل صدور التقرير الخميس المقبل.

وقد قالت هيلي في تصريح لها " إنه لا يجب لهذا الأمر أن يكون مثيراً للجدل، لكن بعض الأعضاء في مجلس الأمن قرروا جعله كذلك" مضيفة أنه " لا علاقة لهذا التجديد بما سيتضمنه التقرير ولا بالسياسة، وهذا ما يسعى الروس إلى فعله.  ولا يمكننا العمل على هذا النحو".

مردفة أن عمل اللجنة لقي "تأييدا كبيرا" في مجلس الأمن، ووصفته بأنه مهم لإيجاد وملاحقة مرتكبي هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا بغض النظرعن هويّتهم. وأضافت أنه " لا يمكننا اختيار المذنبين بأنفسنا أو تبرئتهم"

وفي مذكرة لها، اطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" الجمعة الماضية، دعت السيدة هيلي دبلوماسيي مجلس الأمن إلى التصويت في الأيام القليلة المقبلة على قرار تمديد تفويض اللجنة، لأن عملها لم ينته بعد. وقد صرحت قائلة  "بعيدا عن هجوم خان شيخون، فإن أكثر من 60  اتهاماً موثوقاً لاستعمال الأسلحة الكيماوية في سوريا، لا تزال قيد المراجعة"، مضيفة أن "عمل اللجنة بدأ في التراجع بالنظر إلى مدة عملها."

وقد شدّت فرنسا على يد الأمريكيين بخصوص الجهود التي يقومون بها الخميس الماضي، إذ صرحت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الفرنسية، أنييس روماتي-إسباني، في لقاء لها بباريس قائلة " لا يمكننا السماح بالتصدي لمصداقية واستقلالية هذه الآليات عند أداء عملها، ولا السماح لروسيا بالتدخل في نتائجها لأنها لا تتلاءم وتطلعاتها".

وفي مؤتمر صحفي له الأربعاء الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إن اللجنة " أداة مهمة للغاية، وهي وسيلة للمساءلة وإننا نؤيد تماما ما تقوم به".

فعقب لقاء يوم الجمعة، لم يتم تحديد جدول زمني لتصويت مجلس الأمن على القرار، لكن الدبلوماسيين الغربيين يأملون أن يتم التصويت في مطلِع الأسبوع المقبل، ومن المحتمل أن تستعمل روسيا الفيتو، الشيء الذي سيجعلها سبباً في إغلاق إحدى مجالات التعاون بينها وبين الولايات المتحدة وحلفائها فيما يتعلق بالمساءلة في الحرب الدائرة بسوريا.

إن استعمال الأسلحة الكيماوية، يُعتبر جريمة حرب، وقد شكّل هذا الموضوع محور نقاش في الآونة الأخيرة حول الفظائع المرتكبة خلال الحرب الأهلية السورية والتي استمرت لأكثر من ست سنوات.

تسعى اللجنة إلى تحديد مرتكبي الهجمات الكيماوية، وتعرف باسم "آلية التحقيق المشتركة" وأنشئت منذ أربع سنوات كعملية مشتركة بين كل من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، والتي تحظر عالميا استخدام مثل هذه الأسلحة.

فقد علمت لجنة المحققين هذه، أن قوات النظام قد استعملت قنابل غاز الكلور في هجومين على الأقل سنتي 2014 و2015 خلال الهجمات التي كانت تشنها على المناطق الخاضعة للثوار كما استعملت غاز الخردل السام مرة على الأقل. لكن ما حصل في بلدة خان شيخون ظل المسألة الرئيسية للتحقيق الذي تجريه اللجنة.

دفع الهجوم الذي جرى على بلدة خان شيخون بالرئيس دونالد ترامب إلى الأمر بشن هجوم بالصواريخ بعد عدة أيام على المطار العسكري في الشعيرات بسوريا، والذي قال مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية إنه مكان وجود الطائرات التي حملت أسلحة الغازات السامة.

وقد اتهمت روسيا الولايات المتحدة بالتسرع في الحكم حول المسؤول عن هذه الهجمات، وأكدت منذ البداية أن هجوم السارين إنما كان ذريعة للتنديد بالأسد. وأدانت بشدة الهجوم الصاروخي، كما هددت بقطع الاتصالات العسكرية التي جاءت للتقليل من نشوب صراعات عسكرية بين القوات الروسية والأمريكية الموجودة في سوريا.  ولطالما شكّك الروس في حيادية لجنة التحقيق المشتركة وقدرتها على جمع معلومات وأدلة ذات مصداقية في منطقة حرب.

وقد تزايدت هذه الشكوك بشكل علني الجمعة الماضية، عندما تحدث رئيس قسم شؤون منع انتشار الأسلحة والرقابة على التسليح في وزارة الخارجية الروسية "ميخائيل أوليانوف" في مؤتمر صحفي للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وطعن في الافتراض الرئيسي حول هجوم خان شيخون قائلا إنه عارٍ عن الصحة.

وأضاف "إن تحليل التصوير الفوتوغرافي الروسي يظهر أن الحفرة التي خلفتها القنبلة قد تم تفجيرها على الأرض، ما يثير التساؤل حول الطريقة التي يمكن بها لقوات النظام أن تضعها هناك".

وقال السيد أوليانوف أيضا إن صور الضحايا الأطفال- الذين جاء على ذكرهم ترامب عندما أمر بشن الهجوم الانتقامي- يظهر أن هؤلاء الأطفال قد أُعطوا مخدرات لتزييف أعراض الهجوم، فيما يمكن أن يجعل منه "حادثة مزيفة" ينبغي على اللجنة النظر في النتائج التي توصلت إليها.

لم يبدِ رئيس فريق التحقيق السيد إدموند موليت "وهو دبلوماسي قديم في الولايات المتحدة" تعليقاً حول نتائج التقرير قبل نشره.  لكن من المعروف أنه أبدى إحباطه من عدم تعاون النظام في هذا الشأن.

وبعد مؤتمر صحفي خاص لمجلس الأمن في يونيو/حزيران الماضي- بعد مضي ثلاثة أشهر على هجوم خان شيخون- صرح السيد موليت أنه بالحاجة إلى مساعدة سوريا وأنه " يأمل أن يحصل على الأدوات اللازمة للقيام بعمله".

لم يتمكن محقوقو اللجنة من زيارة خان شيخون بسبب انعدام الأمن بالمنطقة، واعتمدوا عوض ذلك على مصادر أخرى لجمع المعلومات بما في ذلك الشهود العِيان وأجهزة المراقبة الجوية وعينات من التربة التي لم يقوموا بجمعها بأنفسهم.

تشكك كل من روسيا وسوريا بمصداقية النتائج التي تم التوصل إليها بسبب عدم قدرة هذه اللجنة على التنقل بشكل آمن داخل سوريا. لكن المحللين الخارجيين يقولون إن هذا التشكيك كان صائبا- وإن كان النظام هو الملام على ذلك جراء عدم تعاونه.

ويقول أرون (وهو عضو بمؤسسة القرن "مركز للأبحاث") الذي كتب بشكل مستفيض عن الشأن السوري: "إن نقطة ضعف هذا التحقيق وتحقيقات أخرى أنها لم تكن قادرة على الوصول إلى موقع الحدث".

مضيفا أنه بالنسبة لمحققي خان شيخون " فالأمر مهم جدا، ولذا من المرجح أن ينتهي بهم المطاف بالقول " لا نعلم ما الذي جرى".