الأثنين 2019/02/18

المعهد العالمي للسياسة العامة: قوات الأسد شنت أكثر من300 هجوم كيماوي

بقلم: لويزا لوف لوك

المصدر: واشنظن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


شن نظام الأسد والقوات التابعة له أكثر من 300 هجوم باستخدام الأسلحة الكيماوية خلال الصراع الدائر منذ نحو ثماني سنوات، حسب ما أفاد تقرير نشر يوم الأحد الماضي.

إن النتائج التي توصل إليها المعهد العالمي للسياسة العامة، الذي يتخذ من برلين مقرا له، تقدم أشمل سجل حتى الآن فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيمياوية المفترض في سوريا، في الوقت الذي تقترب فيه الحرب السورية من نهايتها.

ويمكن استعمال هذه النتائج التي تم التوصل إليها كجزء من القضايا الدولية لجرائم الحرب ضد نظام بشار الأسد.

قال المعهد العالمي للسياسة العامة إنه "تم توثيق 336 استخداماً للأسلحة الكيمياوية، بدءاً من غاز الأعصاب وصولاً إلى قنابل الكلور الخام الخطيرة".

نُسبت جميع الهجمات - 98 في المئة منها- إلى قوات الأسد أو القوات المتحالفة معه، بما في ذلك الميليشيات الموالية المعروفة باسم قوات النمر التي تحظى أيضاً بدعم روسيا. في حين نُسبت بقية الهجمات إلى تنظيم الدولة الذي كان يسيطر على أجزاء كبيرة من سوريا.

بدأ المعهد العالمي للسياسة العامة عمله هذا في 23 كانون الأول/ ديسمبر من عام 2012 – وذلك بعد أشهر من إعلان الرئيس باراك أوباما أن استخدام الأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين السوريين خط أحمر.

يقول الباحثون إنهم توصلوا إلى هذه النتائج من خلال إفادات الشهود والتحليل الذي أجري بعد الهجوم، بما في ذلك تقارير عن الآثار الناجمة والظاهرة عن الغازات الكيمياوية والطريقة التي استخدمت بها هذه الأسلحة في مواقع الهجوم.

جاء في التقرير أن "نظام الأسد لم يفلت من العقاب إثر استخدامه هذه الأسلحة المحظورة وحسب، بل نجح كذلك في استخدامها لأغراض استراتيجية."

مع اقتراب هزيمة الثوار السوريين وإعادة فتح مؤيديهم في الخليج العربي لسفاراتهم في دمشق، يبدو أن الأسد قيد الخروج من العزلة الدبلوماسية التي كانت مفروضة عليه في السابق.

تبقى الولايات المتحدة خصماً قوياً للأسد، رغم أن واشنطن لا تملك نفوذاً يذكر على سوريا. كما أعلن الرئيس ترامب الشهر الماضي عن خطط لسحب القوات الأمريكية من سوريا. لكن ادعاءاته بهزيمة تنظيم الدولة، أثارت انتقادات حادة حتى من حلفاء سياسيين له.

في أعقاب هجوم بغاز الأعصاب عام 2013 على إحدى ضواحي دمشق، عَدَل أوباما عن توجيه ضربة عقابية لنظام الأسد بعد صفقة "اللحظة الأخيرة" التي كان من المفترض أن تدفع بالأسد إلى التخلي عن مخزوناته الكيمياوية.

تم تدمير أكثر من 72 طناً، لكن الهجمات لم تتوقف. جاء في تقرير المعهد العالمي للسياسة العامة أنه تم استخدام غاز الكلور في العديد من الهجمات اللاحقة، والذي يتحول إلى حمض الهيدروكلوريك عند استنشاقه. يمكن أن يؤدي التعرض له إلى تلف في الجهاز التنفسي للضحية وبالتالي إلى الوفاة في بعض الحالات.

أصدر بعدها ترامب أوامره العسكرية مرتين بشن ضربات ضد أهداف تابعة للنظام في أعقاب الهجمات الكيماوية، أحدها كان في بلدة خان شيخون الشمالية والآخر في منطقة دوما بريف دمشق.

لم يتم تسجيل أي استخدام لأسلحة الكلور في سوريا منذ آخر ضربة صاروخية أمريكية في 14 نسيان/ أبريل من العام الماضي.

يقول توبياس شنايدر، الذي قاد فريق البحث في المعهد العالمي للسياسة العامة، "كلما نظرنا أكثر في الأنماط المرتبطة باستخدام هذه الأسلحة، كلما أدركنا أنها لم تكن فعلا شريرا منفصلا، ولكن اعتبرتها قوات النظام قوة أساسية كجزء من حملتها الواسعة النطاق لشن عنف عشوائي".

يقول العاملون في المجال الطبي والإسعافات الأولية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إنهم عالجوا أكثر من 5000 شخص يشتبه بأنهم تعرضوا لغازات كيماوية منذ عام 2012، مما زاد الضغط على النظام الصحي المتضرر. لقي ما لا يقل عن 188 شخصا حتفهم بعد هجمات الكلور، وفقا لتقديرات العاملين في المجال الطبي والإسعافات الأولية.

في مقابلات مع صحيفة واشنطن بوست، وصف الأطباء الفوضى التي أثارتها الهجمات الكيماوية.

يقول أحد الأطباء الذين عملوا في بلدة جوبر التي كانت تسيطر عليها المعارضة قبل أن يستعيدها نظام الأسد في آذار/ مارس من عام 2017 "بدا الأمر وكأنه تعذيب نفسي، لم نستطع مجاراة ما يحدث".

"كانت القنابل سيئة بما فيه الكفاية، ولكن عندما بدأت الهجمات الأخرى ، لم نكن نعرف ما يجب فعله". مضيفاً " لقد ولّدت المواد الكيمياوية لدينا نوعاً مختلفاً من الخوف."

تدفع التقارير التي تفيد بتعرض مدينة أخرى للهجوم إلى التصاق الأطباء بهواتفهم، ويتم تداول الرسائل فيما بينهم عبر تطبيق "واتس آب" ووصف الأعراض التي يعرفها الأطباء.

يقول أحد الأطباء معلقاً على هذا الأمر" لقد علمنا ما يمكن أن تفعله المواد الكيمياوية بجسم الإنسان ولماذا يجب أن نخافها. لقد دفعوا بالناس إلى حافة الجنون وأرعبوهم. وكما تعلم، فقد أدى هذا إلى تثبيط معنوياتهم".

ووفقا للبيانات، فقد ركزت قوات النظام باستمرار على ضرب المراكز السكانية عوض الخطوط الأمامية، حتى عندما عانت هذه الأخيرة الهزيمة على الأرض.

قال شنايدر "لقد نجحت هذه الاستراتيجية"، مردفًا "من الصعب تخيل ألا تتأمل الأنظمة الأخرى، التي تواجه تحديات مماثلة، كالسودان، المثال السوري عن كثب".