الخميس 2019/06/27

العقوبات الأمريكية على خامنئي تتجاوز مفهومها الرمزي


المصدر: ستراتفور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


رداً على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة الأسبوع الماضي، قامت الولايات المتحدة بإطلاق حزمتين من العقوبات ضد إيران في 24 حزيران/ يونيو الحالي. فقد فرضت المزيد من العقوبات على قادة في الحرس الثوري الإيراني، ومن المرجح أن يكون تأثير العقوبات ظاهراً على الاقتصاد الإيراني.

أما المجموعة الثانية من العقوبات فقد استهدفت المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي ومساعديه، حيث يمكن أن تكون دلالة هذه العقوبات أعمق بكثير من العقوبات المعتادة التي تفرضها الولايات المتحدة لعزل إيران عن العالم وإلحاق الضرر باقتصادها.

أمر تنفيذي لتسهيل الطريق:

وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً هذا الأسبوع يقضي بتجميد جميع ممتلكات المرشد الإيراني ومكتبه، التي تقع ضمن نطاق الولايات المتحدة. كما يعطي هذا الأمر الضوء الأخضر لوزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على أي شخص أو كيان يعينه المرشد الأعلى، أو مكتبه، كالمسؤولين الحكوميين أو رؤساء الشركات. هذا بالإضافة إلى أنه يسمح بفرض عقوبات على جميع التعيينات التي يقوم بها أشخاص تابعون للمرشد. كما يفرض القرار عقوبات على أي شخص يدعم الأشخاص أو الهيئات التي فرضت على عقوبات عليها بموجب هذا الأمر.

لم تقم وزارة الخزانة بعد بإنفاذ هذا الأمر، على الرغم من أن وزير الخزانة الأمريكية، ستيفن منوشين، قال إنه سيتم فرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في وقت لاحق من هذا الأسبوع.  ستشمل هذه العقوبات العديد من التعيينات التي قام بها خامنئي، بما في ذلك الأعضاء الرئيسيون في النظام الإيراني وأجهزته العسكرية والاستخبارية. تغطي هذه التعيينات أيضا ما يسمى "بنياد"، أو المؤسسات الدينية الخيرية، وغيرها من الشركات التي تشكل إمبراطورية تجارية واسعة.

من المحتمل أن يكون للعقوبات المفروضة على خامنئي - الذي لا يغادر الأراضي الإيرانية- تأثير ضئيل، لكن العقوبات على الشركات والمؤسسات الخيرية أو ما يعرف بـ"بنياد" قد تقيّد الاقتصاد الإيراني. بنفس القدر من الأهمية، يمكن للعقوبات أن تكون حجر عثرة أمام أي جهود مستقبلية بين طهران وواشنطن لعقد صفقة ما.

أصبح إجراء مفاوضات أمراً شاقاً:

قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن العقوبات الجديدة قد تؤدّي إلى "إغلاق دائم" للدبلوماسية مع الولايات المتحدة. على الرغم من حدة هذا البيان، إلا أن فرض عقوبات على ظريف وخامنئي سيجعل من الصعب الدخول في جولة جديدة من المفاوضات. في حالة ظريف ربما قد تمنعه هذه العقوبات من أداء بعض مهامه الدبلوماسية.

في نيسان/ إبريل الماضي، قام البيت الأبيض بخطوة كبيرة أخرى قد تؤثر على قدرات إيران الدبلوماسية، حيث قام بتصنيف الحرس الثوري الإيراني على أنه "منظمة إرهابية أجنبية"، إلا أن الولايات المتحدة قامت بخلق استثناءات للقيام ببعض الأنشطة الدبلوماسية من قبل أعضاء حاليين وسابقين في الحرس الثوري الإيراني. من المحتمل أن تضع الولايات المتحدة آليات مماثلة ضمن العقوبات التي ستفرضها ضد ظريف. ولكن في حال اختارت عدم القيام بذلك، فسيتم تقليص الأنشطة الدبلوماسية الإيرانية بشدة طالما ظل ظريف في منصبه.

ناهيك عن القيمة الرمزية لفرض عقوبات على خامنئي، فإنها سيكون لها تأثير حقيقي على قدرة إيران على إجراء المزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة، حيث إن نظامها السياسي برمته يعتمد على مفهوم ولاية الفقيه (حكم الفقيه).

قد يرى "صقور إيران" فرض عقوبات على الدائرة المحيطة بخامنئي وظريف، ومضاعفات احتمال إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية في المستقبل، فرصة لجعل الأمر أكثر صعوبة - إن لم يكن جعله مستحيلا - لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، حتى بعد انتهاء فترة ولاية الإدارة الأمريكية الحالية.

رد اقتصادي قوي

تلعب الجمعيات الخيرية الدينية أو ما يعرف بـ"البنياد" والمؤسسات الأخرى المرتبطة بالمرشد الأعلى الإيراني، دوراً رئيسياً في اقتصاد إيران. ففي الوقت الذي لا تملك فيه الكثير منها أصولاً خارجية ضخمة، إلا أنها تساهم بالخُمس في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لإيران، وتعمل في عدد كبير من الصناعات التي تستورد وتصدّر المنتجات. هذا يعني أن البندين الثاني والثالث من هذا الأمر والمتمثّلين في فرض عقوبات على هذه الكيانات - إذا تم إنفاذ الأمر على نطاق واسع من قبل وزارة الخزانة - يمكن أن يزيد من حجم الضغط المفروض على الاقتصاد الإيراني ونظامه المالي الهش.

ليس من الواضح إلى أي مدى ترغب واشنطن في فرض عقوبات لإنفاذ هذا الأمر على الخميني، أو مؤسسة "مصطفازان"، أو "آستان قدس رضوى"، أو أي من "البنياد" والكيانات الأخرى المرتبطة بخامنئي، لكن من الواضح أن "صقور إيران" ستسعى لفرض عقوبات على هذه الشركات أيضا.

على الرغم من أنه من الصعب التأثير بشكل مباشر على بعض مجالات الاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات، إلا أنه لدى الولايات المتحدة مساحة لإضافة عدد من العقوبات الثانوية الفعالة. إذ يمكنها توسيع شبكة العقوبات المالية الثانوية والتهديد بفرض عقوبات على بنوك بلدان أخرى تتعامل مع إيران في مجالي الواردات والصادرات. كما تستطيع واشنطن فرض عقوبات على دول أخرى لشرائها النفط الإيراني، فهي تنظر في مسألة فرض عقوبات على الجهات المحلية الإيرانية والآليات المالية المدعومة أوروبيا لتسهيل التجارة الإنسانية.

لا يوجد أمام الولايات المتحدة خيار آخر- لا يتضمن فرض عقوبات على السلك الدبلوماسي الإيراني بأكمله – يستطيع توجيه ضربة موجعة للاقتصاد الإيراني كالعقوبات التي استهدفت قطاع النفط. لكن هشاشة الاقتصاد الإيراني تجعل استخدام أي طريقة أمراً ضاراً.