الأثنين 2018/02/26

الأطباء في الغوطة الشرقية لا يزالون ينتظرون المعجزات

المصدر: واشنطن بوست

بقلم: لويزا لوفلوك وزكريا زكريا

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


في الوقت الذي صوّت فيه مجلس الأمن بالإجماع السبت الماضي على مشروع قرار لوقف الأعمال القتالية في سوريا لمدة 30 يوما، لا يزال الأطباء في مستشفيات غوطة دمشق المحاصرة يداوون الجرحى وينتظرون المعجزات.

أدى الهجوم الشرس الذي شنته الطائرات الروسية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف الغوطة الشرقية، الذي استمر لستة أيام، إلى قتل أكثر من 500 مدني وإصابة ما يزيد على 2500 آخرين حسب ما أفادت به منظمات الإغاثة وعمال الإنقاذ. وقد سارعت القوى العالمية إلى وقف موجة العنف هذه والتي تعد إحدى أكثر الفترات دموية في الحرب السورية، التي دامت ست سنوات، عبر عقد اجتماعات في مجلس الأمن.

بعد أن يئسوا من فشل محاولات وقف إطلاق النار السابقة، عبّر الأطباء عن خوفهم من إعطاء آمال زائفة للمرضى واستمرار القصف.

وفي حديث له مع "واشنطن بوست" قال الطبيب، حمزة حسن، وهو عضو في الجمعية الطبية السورية الأمريكية، والتي تعتبر منظمة غير ربحية، "لقد سمعنا صوت انفجار منذ دقائق، أتمنى أن تتم الموافقة على هذا القرار، لكننا لا نثق بروسيا، أُرهقنا للغاية، نحن مرهقون جدا".

ألقى المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون باللوم على روسيا، التي تعتبر الحليف الرئيسي لبشار الأسد، حول تأجيل التصويت لمدة يومين في الوقت الذي لا تزال فيه أعداد الضحايا بارتفاع مستمر في الغوطة الشرقية.

تعقيبا على ما حدث قالت نيكي هيلي، ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "ها نحن نصوّت اليوم على نفس مشروع قرار وقف إطلاق النار، فلم يتغير به شيء، باستثناء بعض التعليقات، إذ كان من الممكن إنقاذ الكثير من الأرواح خلال الأيام الماضية".

كما علق، ستيفن هيكي، ممثل بريطانيا في الأمم المتحدة، قائلاً " في الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن يناقش “شكليات" مشروع القرار، كانت طائرات النظام تقصف المدنيين في المستشفيات والمنازل".

استهدفت الغارات التي شنتها الطائرات السبت الماضي العشرات من المنشآت الطبية، التي تضررت إثر الحصار المفروض على الغوطة منذ خمس سنوات من قبل قوات النظام. وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" السبت الماضي إن القصف الأخير على الغوطة الشرقية استهدف المستشفيات المتبقية، الوضع الصحي هناك في "أسوأ حالاته".

محتجزين في غرفة واحدة، انتظر حسن وزملاؤه الأطباء لساعات توقُّف القصف؛ ما أدى إلى موت المرضى من ذوي الإصابات البليغة.

وقال الأطباء العاملون بهذه المنشآت الطبية، إن القصف الذي تشنه القوات الموالية للأسد يعد الأسوأ من نوعه منذ ست سنوات. يقول حسن، هذه المرة الأولى التي أنظر فيها إلى الوجوه الخائفة في مستشفى وأعلم أن العديد منهم سيموتون قريبا.

يقول زملاء حسن إننا نواجه مهمة مستحيلة فكل أكياس الدم نفدت، ومواد التخدير أيضا على وشك النفاد. في الزاوية، التف الأطباء حول شاب مصاب إصابة بليغة، حيث يقوم أحدهم باستخدام التنفس الاصطناعي فيما يمسك الآخر يده.

ولا يوجد وقت محدد لبدء تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، بيد أنه يجب البدء بإرسال قوافل المساعدات الإنسانية على الفور والفرق الطبية لإسعاف الحالات الحرجة والجرحى.

إن هناك فقرة تضمنها القرار والتي ربما قد تسهل الطريق أمام النظام لشن هجمات أشد عنفا على المنطقة. فقد سمح القرار بشن هجمات على مسلحي تنظيم الدولة والقاعدة، إذ ينتمي المئات من مقاتلي الغوطة الشرقية إلى هيئة تحرير الشام التابعة للقاعدة، على الرغم من أن معظمهم ليسوا كذلك.

وفي بيان لها، وصفت منظمة العفو الدولية التصويت " بالخطوة الجيدة" لكنها حذرت من أن "القائمة الطويلة التي تركها القرار المتعلقة بالأهداف المشروعة، من شأنها أن تفتح الباب أمام هجمات عشوائية جديدة ضد المدنيين والبنية التحتية".

إن القصف الوحشي والعنف الذي شهدته الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي يعد الأسوأ من نوعه خلال السنوات الست الماضية، ومن شأنه أن يريق المزيد من الدماء خلال الأشهر القادمة. في الوقت الذي كانت فيه قوات النظام والقوات الموالية تشن هجمات عنيفة على آخر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لم يكن واضحا إذا ما كانت الجهود الدولية ستحدّ من وتيرة العنف.

وكان عدد من الدبلوماسيين ومنظمات الإغاثة حذروا من أن مئات الآلاف من المدنيين في خطر جراء تطاحن مختلف الأطراف، ما يزيد من احتمالية سقوط المزيد من الضحايا.

وجاء نقلا عن ميني نيكولاي، مديرة مكتب "أطباء بلا حدود" في بروكسل، قولها " كان الأطباء في (الغوطة الشرقية) قبل ثلاثة أيام يطالبون بالإمدادات، أما الآن فإنهم يقولون إنهم عاجزون عن فعل شيء وإن حصلوا على تلك الإمدادات، بسبب أعداد الجرحى الكبيرة".

لقد دفعت وتيرة العنف وقلة الموارد إلى إجبار الأطباء على اختيار مَن يُسعفون. تقول أماني بلور، وهي طبيبة تعمل بأحد مشافي المنطقة "عندما يكون هناك قصف أو انفجار بالقرب من المستشفى، وتتدفق أعداد الضحايا، نصبح مُجبرين على اختيار من نسعف، ونعالج من نجد أن فرصهم على النجاة أكبر". مضيفة "لقد كان هناك طفل بإصابة بالغة، لم نستطع إسعافه على الرغم من توسلات أمه".