الثلاثاء 2017/11/07

اعتقال الأمراء “طريقة مضحكة” لإظهار الإصلاح .. كيف خالف “بن سلمان” مفهوم الانقلابات في العائلة السعودية الحاكمة

عنوان المقال الأصلي : مؤامرة القصر العلنية

المصدر: ديفنس وان

بقلم: كريشناديف كالامو

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

اعتقال 11 شخصية رفيعة المستوى بمن فيهم أحد الرجال الأغنياء في العالم، والتي تعد مؤشرا على سطوة سلطة ولي العهد السعودي.  لاتزال التفاصيل تتوارد حول السبب وراء الاعتقالات التي طالت 11 شخصية رفيعة المستوى من ذوي النفوذ والمال والسياسيين في فندق "ريتز-كارلتون" وفنادق أخرى في الرياض.

لكن الأمر المؤكد هو أن التطهير الذي قام به الأمير محمد بن سلمان والذي طال قادة رفيعي المستوى السبت الماضي ما هو إلا خطوة أخرى لتعزيز سلطة ولي العهد منذ وصوله إلى المنصب الصيف الماضي.

كان من بين المعتقلين الذين قامت لجنة مكافحة الفساد التابعة للأمير باحتجازهم نهاية الأسبوع الماضي الأمير الوليد بن طلال، الملياردير السعودي، وعشر شخصيات أخرى على الأقل. وعلى نحو منفصل، كان ولي العهد قد قام باستبدال وزير الحرس الوطني السعودي المسؤول عن عدة فروع في الجيش والتي لم تكن بعد تحت إمرة ولي العهد. وكانت قد أعلنت عن هذه الخطوة قناة العربية "قناة سعودية"، مصرحة أن الخطوة تندرج ضمن الحملة التي يشنّها ولي العهد ضد الفساد. لكن هذه الخطوة تأتي بعد عدة أشهر فقط من تدبير عزل الأمير محمد بن نايف كوزير للداخلية وولي للعهد حتى تنصيب الأمير محمد بن سلمان في حزيران/يونيو الماضي.

على الرغم من اعتبار المؤامرات التي تجري داخل القصر إحدى مميزات الدولة العميقة والتي تلعب فيها الوصاية دورا رئيسيا في تحديد "مَن ضدُّ من"، لكن ما يجعل الأحداث التي جرت في السعودية مفاجِئة هو أنه نادرا ما يتم الكشف عما يجري في الخفاء للعامة. فغالبا ما يتم تهميش الأمراء بشكل سري وتنحية المسؤولين بصمت.

فالاعتقالات التي طالت شخصيات عامة كالوليد بن طلال قد تكون إشارة إلى الرسالة التي يوجهها ولي العهد إلى منافسيه المحتملين على العرش. كما يمكن تفسيرها على أنها خطوة لتعزيز قبضته على السلطة والتهيئة لعزلهم، لو كانوا موجودين.

يقول ديفيد أوتاواي، وهو عضو بمركز "ويلسون" لشؤون الشرق الأوسط، "إن ما حدث يعد سابقة في تاريخ السعودية، حيث تتبنى المملكة نهجا غريبا عنها ذا عواقب مجهولة" مضيفا أن من شأن هذه الخطوات أن " تهدد استقرار آل سعود في الأعوام القادمة".

نصف سكان السعودية شباب تحت 25 عاما، وسيؤيدون قرارات ولي العهد ويصطفّون وراءها، لكن عناصر الحرس الوطني القديمة، والتي أصبحت مقاليد السلطة تنفلت من يدها بسرعة، تبدو رافضة للتغيير الذي يقوم به الأمير بن سلمان.

ففي الوقت الذي استدعى السماح للنساء بقيادة السيارة اهتماما بالغا في الآونة الأخيرة، أثارت مبادرات أخرى لولي العهد في المملكة قلق الكثيرين: إذ يختلف كثيرون حول الصراع الدائر في اليمن والذي لا يعتبر فقط حربا بالوكالة ضد إيران، عدو السعودية الأول في المنطقة، وإنما حرب لا يمكن الفوز فيها، بالإضافة إلى الحصار الذي تفرضه السعودية على قطر، ورؤية الأمير لبرنامج 2030 والذي يهدف إلى تقليص اعتماد اقتصاد المملكة على النفط وكذا خطته ببيع 5% من الشركة السعودية أرامكو والتي يرجح أن تصل قيمتها 100 مليار دولار.

وقد تحدث الرئيس ترامب مع الملك سلمان ولم يتم التطرق لسلسلة الاعتقالات التي جرت في السعودية حسب ما أفاد البيت الأبيض، بل تمحور حديثهما حول الوضع في اليمن، حيث تقود القوات السعودية حربا بالوكالة على المتمردين الذين تدعمهم إيران. كما أعرب ترامب عن شكره الملك سلمان في عدة مناسبات لعقده صفقة بحوالي 15 مليار دولار لشراء المنظومة الدفاعية ثاد المضادة للصواريخ الباليستية. كما قام الرئيس ترامب سابقا بالتغريد على حسابه بتويتر أنه يأمل أن يتم إدراج شركة أرامكو في بورصة نيويورك.

فإذا كان الإصلاح الاقتصادي أحد الركائز الأساسية في خطة ولي العهد، فإن اعتقال الوليد بن طلال، الذي يعد من أغنياء العالم، يعد طريقة مضحكة لإظهار هذا الإصلاح. يملك الوليد بن طلال حصصا كبيرة في شركة "آبل" العملاقة و"تويتر" وكذا "ليفت"، فضلا عن استثمارات أخرى في كل من "سيتي جروب" ومؤسسة "نيوز".

وتقدر ثروة الوليد بن طلال بنحو 17 مليار دولار حسب تقارير لمجلة فوربس الأمريكية، كما إنه يعتمد دور الوسيط لعدد من القادة الغربيين والشركات. وقد أدت أخبار اعتقاله إلى هبوط في أسهم شركة "المملكة القابضة التابعة له " بقيمة 10%. ويقول خبير شؤون الشرق الأوسط أوتاواي إن اعتقال الأمير الوليد من شأنه "أن يقلل من رغبة الكثيرين في الاستثمار برؤية 2030 لولي العهد لجعل القطاعات غير النفطية المحرك الأساسي للاقتصاد".

قد تصبح هذه التكهنات أمرا واقعا، لكن على الأرجح أن الأمير الشاب يراهن على المدى الطويل. ففي ظل انحياز إدارة ترامب للعائلة الملكية الحاكمة وتطهير الجيوب الأخيرة للمعارضة، إذا جرى كل شيء وفقا لمخططه، سيعيد الأمير محمد بن سلمان تشكيل البلاد وفق رؤيته. في الوقت الذي ينتظر فيه وصوله إلى سدة الحكم، والاضطراب الذي أثاره، من المتحمل أن يواجه المزيد من العقبات إبان توليه مقاليد الحكم.