الأثنين 2017/10/23

إعادة إعمار سوريا تجلب عقوداً مربحة للشركات الروسية والإيرانية ( ترجمة )

المصدر: فورين بوليسي

بقلم: بيثاني آلن-إبراهيميان

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

 

شكّلت المدن التي قُصفت عنواناً للموت والدمار. هي اليوم منجم لمليارات الدولارات في إطار عملية إعادة الإعمار الجديدة.

بدأ العنف الذي استمر مدة ست سنوات في الحرب الأهلية بسوريا في التناقص، في الوقت الذي قامت فيه قوات النظام التي يترأسها بشار الأسد بالسيطرة على مساحات شاسعة كانت فيما قبل تحت سيطرة الثوار، كما قامت بطرد تنظيم الدولة من معاقله الرئيسية.

وفي الوقت الذي عايش فيه ملايين السوريين التدمير، وقُتل مئات الآلاف على مر السنوات الست الماضية، سعت الشركات داخل وخارج سوريا إلى الربح المادي.  وستفتح كل الجسور المدمر والطرق والبنايات ومحطات توليد الكهرباء فرصة لتوقيع عقود مربحة لإعادة الإعمار التي سيبدأ النظام عما قريب في تسليمها.

فقد قامت عدة شركات في آب/أغسطس الماضي، من 24 دولة، بالتوجه إلى سوريا من أجل معرض دمشق الدولي. شكلت النسخة الأولى للمعرض، الذي لم ينظم منذ بدء الحرب في 2011، إعلاناً لجاهزية البلاد لاستئناف أنشطته؛ لكن ليس بالشكل الكامل؛ إذ لم تكن الشركات التابعة للدول التي حاربت نظام الأسد مدعوة.

يُعتقد أن الشركات التابعة لروسيا وإيران، اللتين دعمتا الأسد، ستحصل على غالبية عقود إعادة الإعمار، مع أن كلاً من الصين والبرازيل تطمحان إلى أن تدلوا بدلوهما في هذا الأمر. لم تشمل الدعوة معظم الشركات الغربية التي لم تكن تطمح للمشاركة بكل الأحوال.

خلال لقاء الجمعية العامة بالأمم المتحدة والذي جرى في أيلول/سبتمبر الماضي، أكدت الدول الغربية والخليجية المعارِضة للنظام أنها لن تشارك في إعادة إعمار سوريا إلا في ظل "العملية السياسية" الجارية لعزل الأسد من السلطة. وقد أكّد مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة، هيربيرت ماكماستر، هذا الموقف إبان لقاء له في واشنطن في 19 من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي قائلاً : "علينا الحرص على ألا يصل قرش واحد لإعادة الإعمار أي منشأة خاضعة لسيطرة هذا النظام الغاشم".

وفي مطلع نيسان /إبريل سنة 2016، قامت روسيا بتوقيع عقود إعادة إعمار البنيات التحتية وعقود أخرى تقدر قيمتها بمليار دولار أمريكي قبيل دخولها الحرب في سوريا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر من نفس السنة، تعهدت دمشق بإعطاء الأولوية لموسكو فيما يخص منح عقود إعادة الإعمار حسب ما جاء في تقارير لـ "روسيا اليوم"، وكانت قد بدأت بالفعل شركتان للطاقة تابعتان للكرملين بربط علاقات تجارية في مجالي النفط والغاز واستخراج المعادن في المناطق التي خرج منها تنظيم الدولة. كما إن الدولتين تعتزمان خلق بنك مشترك جديد لتسهيل المعاملات المالية بينهما.

إلا أن دمشق توجهت أيضا لأحد حلفائها القدامى من أجل تقديم المساعدة، فقد قامت شركات إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني بتوقيع صفقات لإعادة ربط شبكات الهاتف وزرع الألغام، كما وقعت الشهر الماضي شركات إيرانية عددا من الاتفاقات الأولية لبناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء في عدد من المدن السورية كحلب وحمص. وصرح مسؤولو نفط إيرانيون أن إيران ستقوم بإنشاء مصفاة للنفط بسوريا.

وتسعى بعض الدول إلى الانضمام لركب الدول السابقة؛ إذ صرح وزير الخارجية البرازيلي، ألويسيو نيونيس، في 19  تشرين الأول/ أكتوبر الحالي أن بلاده تعتزم إعادة ربط العلاقات الديبلوماسية مع سوريا وفتح سفارتها بدمشق التي أغلقت في 2012، من أجل فتح المجال أمام رجال الأعمال البرازيليين للمشاركة في إعادة الإعمار هناك.  بالإضافة إلى أن العديد من الشركات الغربية، ممن حضرت معرض دمشق الدولي الشهر الماضي، تأمل في الحصول على حصة مما قدرته مجموعات الإغاثة بحوالي 300 مليار دولار لإعادة إعمار سوريا.

وعلى الرغم من ذلك، لن يستفيد كل السوريين من إعادة الإعمار هذه. فقد فرّت النخبة المعارضة للأسد من سوريا، تاركة وراءها مُواليه الذين يحاولون الاستفادة من الفراغ من خلال القيام بأعمال تجارية جديدة وإنشاء شركات بناء للظفر بأكبر عدد ممكن من العقود بالتعاون مع الشركات الدولية. هذا بالإضافة إلى أنه لن تغدق دمشق هباتِها على كل المدن التي مزقتها الحرب؛ إذ يسعى النظام إلى معاقبة الجهات التي ثارت في وجهه عبر حرمانها من أموال إعادة الإعمار حسب ما جاء على لسان لينا الخطيب، التي ترأس برنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والتي أضافت أن" النظام لا يعبأ بإعادة إعمار سوريا كلها، بل يسعى فقط لإعادة إعمار المناطق الموالية له".

تتوجس مجموعات الإغاثة من يؤدي التسرع في إعادة بناء المناطق الموالية للنظام إلى تعزيز نفس الانقسامات والعنف اللذين شكلا محورا للصراع الذي دام ست سنوات. وقد قامت عدة منظمات بما فيها "أوكسفام"، ومنظمة "أنقذوا الأطفال"، ومنظمة "كير الدولية" بإصدار بيان مشترك مؤخرا تحذر فيه من أن " الخطوة نحو تقديم الدعم لعملية إعادة الإعمار تنطوي على العديد من المخاطر مقارنة بفوائدها" إذا ما قام النظام برعاية هذه الخطوة في إطار لا يحترم حقوق الإنسان.