الثلاثاء 2019/06/11

إدلب.. محاولة للبقاء على قيد الحياة في بساتين الزيتون

بقلم: سينيم كوسوغلو

المصدر: الجزيرة إنجليزية

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


نزح مئات الآلاف من المدنيين في محافظة إدلب شمال غرب سوريا منذ نيسان/ أبريل الماضي.

تمتد خيم اللاجئين السوريين بالقرب من بلدة أطمة الحدودية الصغيرة حد الرؤية.

تضم بلدة أطمة، التي تبعد 20 دقيقة بالسيارة من معبر باب الهوى بين سوريا ومحافظة هاتاي التركية، أكبر تجمع خيم للنازحين داخليا في سوريا بسبب أعداد الخيم الهائل.

بعد إظهار بطاقات هويتنا عند المعبر، سرنا باتجاه المخيم الذي يستقبل ما لا يقل عن 800 ألف لاجئ، وهو عدد يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للخيم المخصصة داخله.

تغطي بساتين الزيتون الطريق إلى المخيم ويتفرق على قارعة الطريق العديد من اللاجئين الذين يعيشون تحت الأشجار في ملاجئ بدائية الصنع.

غادر معظم السوريين منازلهم في جنوب إدلب بعد ما بدأت القوات الموالية للنظام بقصف المنطقة في نيسان/ أبريل الماضي، متوجهين إلى مخيم أطمة الذي كان يعج باللاجئين.

إنه اليوم الأول من عيد الفطر، أحد الأعياد المهمة لدى المسلمين. في طريقنا إلى بلدة الخيم العملاقة، لا وجود لمظاهر العيد داخل أطمة. لفت انتباهنا أن أغلب الأطفال يحملون أسلحة بلاستيكية ويلعبون مع أقرانهم ألعابا حربية.

في بستان زيتون على الحدود التركية، يوجد ما لا يقل عن 300 عائلة - نحو 1500 شخص - معظمهم من النساء والأطفال. حالهم كحال معظم السوريين الذين نزحوا حديثا، يعيشون على قارعة الطريق منذ فرارهم من الهجوم التي شنته قوات النظام في نيسان/ أبريل الماضي.

يعيش معظم هؤلاء النازحين تحت أشجار الزيتون، والتي يتم تغطية فروعها بأغطية وغيرها من المواد المتوفرة للاحتماء من حر الشمس، لا مأوى لهم ويفتقرون لأبسط مقومات العيش.

أخبرنا مدير المخيم أن منظمة غير حكومية واحدة فقط قدمت الطعام خلال شهر رمضان، وتوقفت عن تقديم المساعدات الغذائية في اليوم الأخير منه. موضحا أن كميات الطعام التي كانوا يحصلون عليها لم تكن تكفي لإطعام الجميع.

نصبت أغلب هذه الخيم في العراء ما يعني عدم وجود مساحات خاصة للنازحين. لا يحوي المخيم مرافق صحية؛ الأمر الذي زاد من صعوبة الوضع.

روت لنا بعض النساء قصصا عما يعانين لإطعام أسرهن والحفاظ على نظافة أطفالهن، فقد اضطر بعضهن إلى وضع حملهن داخل المخيم ليتم نقل الأطفال بعدها إلى أحد المستشفيات المحلية القريبة، كما يعاني كبار السن والرضع في ظل هذا الطقس الحار.

وفقا لمصادر محلية، فقد نزح حوالي 350 ألف شخص على الأقل في إدلب في الفترة ما بين 1 نيسان/ أبريل ونهاية أيار/ مايو الماضيين من الجنوب إلى الشمال، حيث أجبرهم القصف على الفرار. يفضل نصف النازحين البقاء بالقرب من الحدود التركية – أملا في أن تكون أكثر أمانا، لكنهم يشعرون اليوم بأنهم محاصرون وتقطعت بهم السبل.

تدار المحافظة من قبل الإدارة المحلية، ما يسمى بحكومة الإنقاذ، الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة.

يراهن الكثيرون على تركيا التي تستضيف ما لا يقل عن 3.6 مليون لاجئ سوري لاستقبال هؤلاء النازحين، في الوقت الذي تجد فيه أنقرة نفسها غير قادرة على استقبال المزيد من اللاجئين في ظل الظروف الاقتصادية المتردية. وفي الوقت الذي تتهم فيه روسيا تركيا بعدم الالتزام باتفاقية إدلب، والتي بموجبها ستصبح فيها المنطقة داخل مناطق خفض التصعيد.

من الصعب معرفة ما إذا كانت اتفاقية إدلب - التي وقّعها الضامنون في أستانا - فاشلة أم ناجحة؛ على الرغم من أنها قد أنقذت أرواح الكثيرين، في الوقت الذي تواصل فيه القوات الموالية للأسد قصف إدلب بدعم من الروس.

لم يعد الوضع مستقرا في إدلب بعد اليوم. تقوم المخيمات بإنشاء جيل لا يتذكر أين ولد ولم يدخل المدارس نهائيا، ولا يعرف سوى الحرب.

يمثل اتفاق أستانا فرصة أمام الأطراف المتحاربة للدخول في هدنة مؤقتة، لكن المنظمات غير الحكومية وأفراد المجتمع المدني يرون أن الوقت قد حان لتدخل المجتمع الدولي.