الجمعة 2018/07/13

فورين بوليسي: بشار الأسد أضعف مما يبدو..ولم يفز بالحرب

إن بشار الأسد لم يفز في حرب سوريا، بل تدخل الحربُ مرحلةً أكثرَ خطورةً، وعلى الرغم من أن تقدُّم النظام سريع على الخريطة إلا أنه لم يُنهِ الحربَ، فالأسد الآن أضعف مما يبدو، ويعتمد حكمه على دَعْم الرعاة الأجانب مثل إيران وروسيا.

يجب على الولايات المتحدة أن تعلم أن تجاهُل حلّ المسألة السورية لن يؤدي إلى انتصار واضح للأسد بل سيؤدي إلى مزيد من الفوضى على الطريق ولتفادي ذلك ينبغي على الولايات المتحدة أن تبدأ الآن في بناء نفوذ جديد، وأن تعزز القدرات العسكرية لشركائها على الأرض، وتعيد بناء قوات المعارضة من أجل حرمان الأسد من الشرعية الدولية.

إن انتصارات الأسد في المراحل الأخيرة من الحرب السورية قد اعتمدت بشكل مكثَّف على دَعْم إيران وروسيا، وعلى الرغم من أن هذه التدخلات أدت إلى استقرار نظام الأسد على المدى القصير، إلا أنها تعيد رسم خريطة القوة في الشرق الأوسط بطريقة تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

باتت المشكلة الأولى أن إيران وروسيا ستتمكَّنان الآن من استخدام سوريا كنقطة انطلاق لعدوانهما الدولي، وبحسب ما ورد بدأت روسيا بالفعل في استخدام قاعدتها الجوية السورية لدعم عمليات المرتزقة المدعومين من الكرملين في جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، وهذا يساعد بوتين في جهوده الرامية إلى تقويض تحالُف الناتو وتقويض النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه تقوم إيران بإنشاء قواعد وإنشاء وكلاء سوريين من أجل فَتْح جبهة ثانية ضدّ إسرائيل في حرب مستقبلية، وقد تتصاعد إلى عملية برية في جنوب سوريا.

وهناك مشكلة أخرى تتمثل في أن حَصْر الأسد للمجتمعات المعارضة يزعزع استقرار الدول المجاوِرة ويزيد من عدم الاستقرار الإقليمي بطريقة من شأنها إطالة أمد الحرب.

من المحتمل أن يكون الأردن على حافة الانهيار بسبب العدد الكبير من اللاجئين السوريين، لذلك أغلق حدوده أمام 59000 سوري فروا من هجوم الأسد الأخير في منتصف عام 2018 ، وقد يُضطر هؤلاء السكان الآن للعيش في ظل نظام يسعون إلى الفرار منه، مما يخلق بيئةَ ظُلْم يستغلها "الإرهابيون".

إن انسحاب الولايات المتحدة من شرق سوريا حيث يوجد حالياً حوالي 2000 جندي من شأنه أن يخلق فراغاً سيتنافس فيه العديد من المتحاربين لملْئِه، ويأمل الأسد ومؤيدوه وتركيا، وكذلك الجماعات الجهادية مثل القاعدة وتنظيم الدولة في السيطرة على المناطق التي استولى عليها تحالف الولايات المتحدة.

 

الجهاد العالمي

بالإضافة إلى لعبة الشطرنج الجيوسياسية التي يتم لعبها الآن في شرق سوريا، فإن المنطقة تُشكِّل أرضيةً محتملة لتنظيم "القاعدة" حيث كانت "القاعدة" تعمل عَبْر شرق سوريا قبل ظهور "تنظيم الدولة" في عام 2014 ، ومن المرجَّح أن يكون لديها شبكات هناك.

وعلى الرغم من ضَعْف "تنظيم الدولة" فإنه لم يُهزَم في سوريا وفي 22 حزيران/ يونيو أعلن "تنظيم" الدولة عن هجومه الأول على عاصمته السابقة الرقة التي تسيطر عليها الآن قوات سوريا الديمقراطية، مما يدل على استمرار قدرته على إلحاق الضرر.

إن مكاسب الأسد في ساحة المعركة لن تُنهِيَ التمرد الجهاديّ، ذلك لأن وحشية الأسد هي التي تُسبِّب هذا التمرد، فعلى الرغم من كَسْر جماعات المعارضة عن طريق الأسلحة الكيماوية وعمليات الإعدام الجماعية والتجويع والتعذيب، لكن تصرفات الأسد شدَّت عزيمة عشرات الآلاف من الجهاديين الذين سيستمرون في قتاله لعقود قادمة.

في جميع الاحتمالات ستقود القاعدة ذلك التمرد، إذ إنها تملك القوات الأقوى بين جميع جماعات المُعارَضة السورية المتبقية في غرب سوريا، وبالإضافة لقيامها ببناء قوتها القتالية السورية فإنها تقوم أيضاً بتجنيد مقاتلين أجانب من أجل استخدام سوريا كمنصة إطلاق للهجمات العالمية في المستقبل.

إن التأمل بمستقبل يستعيد فيه الأسد السيطرة، ويمنع التهديدات الجهادية للغرب هو مَحْض خيال واستعادة الأسد لمناطق جنوب سوريا التي كانت تسيطر عليها المعارضة المدعومة من قِبل الولايات المتحدة من شأنه أن يقضي على المعقل الحقيقي الأخير للمقاومة المعتدلة، ومن شأنه كذلك إزالة الخيارات الغربية وكل هذا يمهد الطريق لمجموعات مثل "القاعدة" لإعادة تشكيل طبيعة المعركة السورية من تمرُّد مؤيِّد للديمقراطية إلى جهاد عالميّ.

كيف ستستجيب الولايات المتحدة؟

يبقى النهج الأكثر فعاليةً هو بناء مجموعات معتدلة مستعدة لإعادة توحيد البلاد عَبْر تسوية يتم التفاوض عليها، وتعد العقبة الأهمّ أمام بناء قوة معارضة شريكة هي غياب إرادة الولايات المتحدة والتزامها، إذ يمكن لجهود واشنطن أن تُغيِّر مسار الحرب بشكل جذريّ.

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على أجزاء كبيرة من موارد النفط السورية، لكن قوات سوريا الديمقراطية تُعَدّ شريكاً ذَا مشاكل، حيث يقوم القادة الأكراد بقَمْع النشاط السياسيّ في المناطق التي يسيطرون عليها وتفتقر المجموعة إلى الموارد الضرورية والقدرات والخبرة في حكم الشعب السوري.

وسوف تحتاج واشنطن أيضاً إلى التوصل لاتفاق مع تركيا لكي تُنهِي حربها مع قوات سوريا الديمقراطية، وأن تتوافق أنقرة مع الولايات المتحدة ضدّ نظام الأسد وداعميه، ومن المرجَّح أن تتضمن الصفقةُ تنازلاتٍ تسمح لتركيا بالمساعدة في تأمين المناطق ذات الأغلبية العربية في شرق سوريا.

أخيراً: يجب أن تعترف واشنطن بفشل العملية الدبلوماسية الدولية، إن القيام بذلك من شأنه أن يعوق الجهود المتجددة من جانب روسيا لاختطاف العملية الدبلوماسية عن طريق رَفْض المحادثات المدعومة من الأمم المتحدة.