الأربعاء 2018/10/24

يهود ومسيحيون وإسلاميون يدعمون ابن سلمان.. كيف ذلك؟

لا يمكن أن يجتمع إسلاميون ويهود ومسيحيون على قلب رجل واحد، إلا إذا كان هناك سبب يجمعُ هؤلاء في قضيةٍ وتعاونٍ مشترك يقفز فوق مبادئ الدين والعقيدة والمجتمع والثوابت التي لا يمكن التنازلُ عنها.

كان من الملفت للانتباه أن يجتمع من يُصنفون على أنهم في خانة الإسلاميين مع يهود ومسيحيين في الدفاع المستميت عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد ضيق الدوائر عليه عقب اتهامه بإصدار أمر قتل الصحفي خاشقجي في جريمةٍ بشعة لا تزال تلقى حتى الآن ردود فعل ساخطة في الأوساط الأمريكية وغيرها من الأوساط الدولية، داعيةً إلى معاقبته وفرض عزلة دولية عليه.

3 مواقف متزامنة من يهود ومسيحيين وإسلاميين دافعت بشدة عن ابن سلمان بقضية "خاشقجي" التي كشفت الكثيرَ مما لم يُكشفْ بعدُ وأعطت إشارة إلى أن ما هو قادم أكثر ظلمةً مما هو منصرم.

إسلاميون من علماء ودعاة طالما كانوا وجهة نظرِ الكثير من المسلمين حول العالم منتظرين منهم الخطبة والموعظة الحسنة، القائمة تطول في سرد هؤلاء مثل العريفي والمغامسي والسديس ومشايخ آخرين في السعودية كان لهم صدى واسع ومحل اهتمام الملايين، غير أنهم الآن ظهروا على حقيقتهم، واتضح زيفُ مبادئهم وخداعُ ألسنتهم التي اتضح أنها لا يمكنها أن تتحرك أو تنبس ببنت شفه إلا وفق النغمة التي يريدها وليُّ الأمر - ولك أن تقل وليَ النعمة إن جاز التعبير-.

مواقف صلبة أظهرها دعاة السلاطين مبرئين وليَ العهد تبرئة الذئب من دم يوسف ومنافحين عنه بشتى الطرق محاولين إيجاد مخرج ديني له وللجريمة التي ارتكبها، نشير هنا إلى استدلال المغامسي الذي شبَهَ ما حدث مع الخاشقجي بما حصل مع الصحابي الجليل خالد بن الوليد حين قَتلَ مالك بن نويرة فيما يعرف في التاريخ الإسلامي بحروب الردة.

حسناً .. هذا عن المحسوبين على الإسلاميين، لكن ماذا عن اليهود والمسيحيين وكيف توافقوا على دعم ابن سلمان؟

المسؤولون الإسرائيليون لم يكن لهم أيُّ موقفٍ سلبي أو إيجابي بشأن ما جرى لخاشقجي، فالبرغم من العاصفة الإعلامية الكبيرة التي أثارها مقتل الصفحي؛ لم يكن هناك أي تصريح إسرائيلي رسمي إزاء ذلك، وبالطبع لن يكون هناك تصريح سلبي يُدين السعودية، فكيف يدين الاحتلال حليفاً بات أكثر تعاوناً معه بعد قدوم ابن سلمان الذي أغدق الملايين على ترامب حليفِ إسرائيل الأوثق وأعطى إشارات بالتنازل عن القدس؟. وفي نفس الوقت لن يكون هناك تصريحٌ إيجابيٌّ يقف مع السعودية، فهذا سيدين تل أبيب ويكشف وجهها "اللاإنساني"، وكذلك سيوقع السعودية في حرج شديد، ومن هنا فإن ما لم يعبِرْ عنه الساسة الإسرائيليون عبر عنه الكتابُ والمحللون الإسرائيليون الذين وقفوا إلى جانب ابن سلمان.

تقول الكاتبة الإسرائيلية "تسفيا غرينفيلد" في خضم أزمة خاشقجي والدعوات لعقاب ابن سلمان، "إن ولي العهد السعودي هو الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ 50 عاماً، وتقول إن عزله يعتبر مدمراً لإسرائيل، وتدعو كذلك إلى التساهل والتعامل بنعومة معه، وتضيف أن اليهود كانوا يُصلون ويدعون ليأتي زعيمٌ عربي مثل ابن سلمان يوافق على توقيع اتفاق نهائي معهم، وتلفي بالوقت نفسه بالملامة على تركيا التي قالت إنها تصور إسرائيل على إنها استعمار أجنبي بالشرق الأوسط"، كما توجد مقالات أخرى لكتابٍ يهود تتمحور حول نفس الرؤية.

أما عن ترامب فكان موقفه المتأرجح من القضية محلَ جدلٍ واسع ، فتارةً يُبدي اهتمامه بالقضية ويتوعد السعودية، وتارات أكثر يظهر مدافعاً عنها وعن ولي العهد السعودي محاوِلا تبرئته من الجريمة وملقياً باللوم على آخرين، والناظر في كيفية تعامل الملياردير مع القضايا الإنسانية يجب ألا يتفاجأ بكيفية تعامله، فهو يضع المال فوق أي اعتبارات، لكن في نفس الوقت لا يغفل الاهتمام بمعتقداته الدينية ودعم اليهود في أحلك الظروف واقتناص الفرص واكتساب الصديق المغفل الذي من الممكن أن يوصله إلى ما يريد.

حقيقة وجدَ ترامب في ولي العهد السعودي ما لم يجد في غيره من الزعماء، فهو قبل أن يُنصبَ ملكاً استطاع أن يطوعَهُ فيما يريد، فكيف إن صار ملكاً بيوم ما ؟

لا تغتروا كثيراً بما أطلقه ترامب من تصريحات نارية ضد السعودية وركزوا فقط في هذا التصريح الذي يحمل في جوانبه معالم مرحلة قادمة أشد رداءة من سابقاتها إن ظل ابن سلمان في منصبه . يقول ترامب ولأول مرة: "إن السلطات  السعودية ساعدت الولايات المتحدة في دعم إسرائيل، وهي أعظم حليف بالنسبة لواشنطن وأحد أكبر المستثمرين، وربما الأكبر في هذه البلاد، حيث تستثمر فيها مئات مليارات الدولار، مما أتاح خلق آلاف فرص العمل".

هذا الموقف الصريح بدعم إسرائيل من قبل ابن سلمان لم يكن قد سبق أن ظهر للعلن بهذه الصورة وهذا الدفاع المستميت، وإن كان يشير إلى شيء فإنما يشير إلى رغبة جامحة لدى ترامب ومن خلفه اليهود بالحفاظ على هذا المتزعم العربي الذي سيكون ممهِداً لمشاريع صهيونية أمريكية أخرى بالمنطقة.

يصح القول بعد ذلك إن ابن سلمان ركب على ظهور بني جلدته وانتزع منهم الأموال ليضعها بخزينة دول أخرى بمباركةٍ من "المتمشيخين" حوله الذين يُطوّعون النصوص القرآنية والنبويةَ لما يخدم توجهات حاكمهم لدرجة أن يصفوه بالمحدَّثَ الملَهَم ! ..

أيُّ مشايخ هؤلاء الذين كنا نجلهم ونستمع منهم ، رحم الله خاشقجي الذي أزاح بموته الكثير من الأقنعة وجعلنا نتهيأ للأسوأ كي لا ننصدم.