السبت 2018/09/08

وزير الخارجية الروسي ستيفان ديمستورا !

لم يعد يُرى ضرباً من الانحياز أن يكرر مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا حرفيا رواية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن إدلب، التي تمثل أكثر مسائل القضية السورية حساسية من الناحية الإنسانية أولاً، والناحية السياسية ثانياً، ويتبنّى بالمطلق كلَّ مزاعم الحليف الأول للنظام الدموي، بما فيها تلك التي يُجمع المجتمعُ الدولي الذي ينتمي له دي ميستورا على بطلانها، ليبدو المبعوث الأممي مصراً على الظهور بشخصيته الجدلية التي لم يعرف السوريين الخير منذ رأوها.

تسعة أيام فصلت بين مؤتمري المبعوث الأممي حول إدلب لم يخرج من ثغره في كلا المؤتمرين إلا ما يزيد الرعب في قلوب ملايين الأطفال والنساء الأبرياء من المهجرين والنازحين وأصحاب الأرض، وهم في أكثر الأوقات انتظارا لخبر من هنا أو تصريح من هناك يدحض الشائعات والحرب الإعلامية التي أرهقتهم أكثر من الصواريخ والبراميل.

في أوج التحذيرات التي أطلقتها عدة دول ومنظمات دولية من كارثة إنسانية قد تكون الأفظع في سوريا منذ سنوات أفرط مبعوث الأمم المتحدة في حديثه عن إدلب حول موضوع "جبهة النصرة" وادّعى في مؤتمر ( 30 آب الماضي ) أن لدى النصرة القدرة على استخدام الكلور كسلاح تماما كما نظام الأسد، في محاولة خطيرة لخلط الأوراق مسبقا في حال حصول أي هجوم كيماوي في الشمال السوري، وقد نفت الولايات المتحدة قدرة أي فصيل من المعارضة على صناعة أسلحة كيماوية على عكس نظام الأسد.

أما في المؤتمر الثاني (9 - أيلول) فأيد دي ميستورا مزاعم روسيا بأن قاعدة حميميم في الساحل تعرضت لهجمات من "النصرة" ومن المعلوم أن مسألة الجزم بمسؤولية جهة ما عن هجوم لم يتبنه أحد، تحتاج تحقيقا مطولاً من جهات محايدة ومختصة، وذلك إن تجاوزنا قضية أن دي ميستورا ليس من مهامه الكشف عن المتورطين بشن هجمات، وذلك الدور لا يلتزم به المبعوث المثير للجدل عندما يكون المتورط بالهجوم نظام الأسد وخاصة مجازر الكيماوي.

حين يتزامن الحديث المكرر للمبعوث الأممي مع خروج مئات آلاف المتظاهرين من عشرات المدن والبلدات في الشمال السوري في جمعة حملت اسم "دي ميستورا والأسد شركاء في القتل والتهجير" ندرك حجم الفجوة بين ما يحلم به الشعب السوري وما يحاول المجتمع الدولي فرضه في تلك البلاد التي مزقتها حرب نظام الأسد وحلفائه، ويبلغ الأسف ذروته لدى السوريين عندما يأتي تبرير قتلهم من منظمة الأمم المتحدة التي من المفترض أن تكون مسؤولة عن تأمين الحماية لهم وفق القوانين الدولية، وتقديم سلامتهم على أية مصالح أخرى كمزاعم "محاربة الإرهاب" التي يشرعن النظام وحلفاؤه من خلالها قتل وتشريد ملايين السوريين.

لكن وفي الوقت الذي بات فيه كل السوريين المؤمنين في الثورة على يقين بتآمر العالم على ثورتهم وسعيه إلى إعادة تدوير قاتلهم، فإن من المؤسف أن تجد آخر قلعة للثورة يغيب عنها القرار والرؤية الموحدة، ويرهن بعض ثوارها مصير مناطقهم بمفاوضات سياسية لم يسبق أن تمخض عنها إلا اتفاقيات الهزائم والاستسلام، وينسف كل هذه الفرضيات السلبية لو أدرك الثوار أن السلاح الذي بيدهم أصدق إنباء من أية مؤتمرات، وأن الحرب التي قد يخوضونها بمرارتها ستكون أفضل بكثير من قرار الاستسلام.