الخميس 2018/12/27

هواجسُ من مفاجآت “شرق الفرات”

"سينسحب ترامب من سوريا.. لن ينسحب".. توقعات وتخمينات، كان السبب فيها، قراراً على شكل تغريدة في صفحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مفادها.. قررتُ الانسحاب من سوريا.

تأثير هذا القرار انعكس على كل الأطراف اللاعبة في المنطقة، فكلٌّ يهرول لملء الفراغ الذي ستتركه أمريكا، ولاسيّما بعد تصريح البنتاغون حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا خلال فترة أدناها 60 يوماً، وأقصاها 100 يوم.

"سوريا كلها لك" قالها ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحاً وليس تلميحاً، فهم معناها الداني والقاصي.. ولكن من سينفذ ذلك وما موقف نظام الأسد وداعميه منه؟

أردوغان.. فهم الرسالة وبدأ بتعزيز وجود قواته في المناطق الحدودية، يرافقها الجيش الوطني التابع للجيش الحر الذي تمرّس في قتال تنظيم "ب ي د" المصنّف على قائمة الإرهاب في تركيا، وليست عفرين سوى درس لم تفهمه مليشيات "ب ي د"، ويبدو أنها لا تريد الفهم، وستتعرّض وفق جميع المحلّلين العسكريين لهزيمة ساحقة، تبدأ في منبج ولن تنتهي إلا بزوال الإرهاب الذي تمثّله "ب ي د" على الحدود السورية التركية، ولكنَّ السؤال الذي ينتظر الجميع الإجابة عنه: هل ستكتفي تركيا بطرد "ب ي د" من حدودها أم إنها ستكمل وصولاً إلى مناطق سيطرة التنظيم في أقصى الشرق السوري؟، وفق ما قاله ترامب الذي أشار لقدرة تركيا على القضاء على تنظيم الدولة في سوريا.

روسيا.. لفَّت الرمادية موقفها، بل ذهبت موسكو إلى أبعد من ذلك فقد تساءلت ماريا زاخاروفا في أول ردٍّ روسي على قرار الانسحاب الأمريكي عمن سيسد الفراغ في حال تم ذلك.

إيران.. لم تبدِ أيّ اهتمام بقرار الانسحاب، ويبدو أنها اكتفت بنور هلالها الذي تحقق، وتعمل اليومَ على نشر التشيع في المناطق التي تسيطر عليها، بتسهيل وتواطؤ من نظام الأسد الذي باع سوريا الأرض لروسيا، وباع سوريا الهوية لإيران، في سبيل كرسي تقف أركانه على جماجم أطفال المحافظات التي ثارت ضده ذات ربيع صار عمره ثمانية أعوام، بلغ التآمر على الشعب السوري فيها أشدّه من جميع القريب والغريب.

تحركات النظام في غرب الفرات تدلُّ على أنه يريد أن يوهم الجميع أنه على جهوزية لسد الفراغ واستلام ما تبقى من مناطق سيطرة "قسد" على طبق من فضة، ولاسيّما بعد تخلّي الحليف الأمريكي عن مليشياتٍ طالما ارتمت في أحضان خصوم وأعداء في سبيل الوصول إلى حلم الانفصال بدويلة تبخّرت بتغريدة من رئيس دولة، لطالما أشاد بها ووعد بعدم التخلي عنها.

بين كرّ وفرّ اللاعبين وأطراف الصراع شرق الفرات يعيش المدنيون في ريف دير الزور مأساة من نوع آخر، وهي التوجّس من عبور النظام من منطقة الشامية إلى الجزيرة في حال انسحاب التحالف الدولي، وتبثّ عناصر تابعة له إشاعات مفادها أن النظام سيحاسب من يقبض عليه في الجزيرة، وتدعو المدنيين لعقد مصالحات، ما جعل ناشطين يطلقون عدة مناشدات بعدم تصديق الإشاعات التي يبثها أذناب النظام في المنطقة.