السبت 2017/06/03

هل يتلاعب ترامب بالسعودية من خلال البعبع الإيراني؟

منذ تربعه على كرسي الرئاسة الأمريكية وهو يهاجم إيران ويحذر من سياساتها في المنطقة، بل ووصفها بالدولة الإرهابية الأولى في العالم، ورفع المحللون سقف التوقعات فقالوا إن نذر حرب تلوح في الأفق، فيما رجح آخرون أن ترامب سيطلق رصاصة الرحمة على الاتفاق النووي الذي عقده الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران.

عصا التخويف بإيران وسياستها في المنطقة يحملها المسؤولون الأمريكيون في حلهم وترحالهم بشكل متواصل، فوزير الدفاع ماتيس قال في وقت سابق "إن في كل أزمات الشرق الأوسط من لبنان و سوريا و العراق واليمن هناك دائما إيران وحرسها" ولم يفوت "التاجر" ترامب على نفسه العصا نفسها، فحملها خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية التي جنى بها مئات المليارات من الدولارات، وتمحور بيان قمته الختامي مع الدول الإسلامية على ضرورة التصدي لإيران ومواجهتها.

لكن ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قبل أيام كشف بشكل لافت أن ترامب يخدع السعودية ويستنزفها ماليا من خلال ذريعة مواجهة "البعبع الإيراني" فالصحيفة ذكرت أنه ورغم المليارات التي كسبها ترامب في زيارته الأخيرة بالرياض، فإن صفقات أخرى بالمليارات عقدتها الإدارة الأمريكية مع إيران، وقالت التايمز "إن إيران تنتظر تسلم أسطول من طائرات بوينغ الأميركية، عقب صفقتين بقيمة 22 مليار دولار مع الشركة الأميركية" واللافت أن آخر عقد وقع بين الشركة الأميركية وطيران إيران (أسيمان) حسب الصحيفة كان بعد شهرين من تنصيب ترامب رئيسا، أي هو ذات الوقت الذي كان يصف طهران بالدولة الأولى إرهابيا!

صحيح أن مواقف ترامب الأخيرة تدل على وقوفه مع السعودية وعدائه لإيران، لكن وقوفه هذا لا يقتصر إلا على الأقوال دون الأفعال، فماذا قدمت واشنطن لقاء التهديدات الإيرانية في بحر الخليج العربي والدعم الإيراني المستمر لمليشيات الحوثيين في اليمن؟، بل إن الرياض تقاتل وحدها في التحالف العربي، ومشاركة الولايات المتحدة في الضربات الجوية على الحوثيين قد تكون ممكنة إذا أدخل الجمل في سم الخياط، فإيران بشكل لا يقبك التشكيك تبدي ارتياحا تجاه تعامل الولايات المتحدة أمام توغلها العلني في اليمن أقرب دولة لحليفة واشنطن المفترضة السعودية، والتي تسقط عليه ا صواريخ الحوثيين البالستية كل ليلة وضحاها.

لم تكن قمة الرياض الأخيرة لحماية السعودية من إيران كما يدعي ترامب، وإلا فتحت أي خانة يدرج كلام التايمز الأمريكية؟، بل إن القمة كانت لاستنزاف السعودية ماليا كما هي السياسة التي اتبعها الرؤساء الأمريكيون سابقا في سلب ثروات الشرق الأوسط تحت ذرائع متعددة.

مال ترامب إذا مع أسلافه حيث مالوا وطابقهم في ذلك النهج، بل قد يكون تفوق عليهم ولاسيما أنه تجرد من أقواله التي أطلقها خلال حملته من العداء للإسلام والسعودية التي طالما ابتزها بقانون جاستا، فانتزع بمهارته في التجارة أكبر رقم في صفقة تعد رابحة بكل المقاييس لواشنطن، وخاسرة بكل المقاييس للرياض.

ويرى الكثير من المحللين أن إيران فرحت في الخفاء كثيرا بصفقة السلاح الأخيرة للسعودية، فهي حققت لها غرضا مهما ألا وهو استنزاف المملكة ودفعها إلى مزيد من الانكفاء والاتكال على الغير لحماية نفسها، في حين لم يتغير أي شيء إطلاقا في موازين القوى على أرض الواقع، وما جرى ويجري في سوريا والعراق واليمن وغيرها من المواقع المحتلة إيرانيا لم يحصل بمجرد الصدفة، وإنما حصل بتفاهمات كانت الولايات المتحدة أول من أمضى عليها، وعندما يحين وقت إبطال مفعول تلك التفاهمات ستحظر أمريكا، كما حصل في ضربتها الأخيرة في التنف التي استهدفت مليشيات إيرانية كانت تحاولربط أجزاء الهلال الشيعي، لكنها تترك الدول تتمزق وتتصارع لتطلب فيما بعد النجدة منها، ففي ذلك مصلحة أمريكية أيا كانت النتائج.