الأثنين 2019/10/14

هكذا تآمرت “ب ي د” على مصير سكان مناطقها

لا يزال الانسحاب الأمريكي المتتالي من عدة مناطق في شمال شرق سوريا، يثير موجة من المفاجآت حول مصير مئات المدن والقرى التي كانت تحت سيطرة مليشيات "ب ي د".

منذ انطلاق عملية "نبع السلام" التركية في منطقتي "رأس العين" و"تل أبيض"، وجدت "ب ي د" نفسها – بعد تخلي واشنطن عنها – أمام خيارين اثنين: إعادة المناطق التي احتلتها إلى أصحابها الأصليين، أو تسليمها إلى نظام الأسد.

وأمام ابتعاد "ب ي د" عن مشروع "حماية المدنيين" الذي صدّعت به رؤوس السوريين خلال أعوام نفوذها بدعم أمريكي غير محدود، يبدو أنها حسمت أمرها على اتباع الخيار الثاني، لتسقط عنها آخر الأقنعة التي صنّفت فيها نفسها كطرف معارض لنظام الأسد.

الاتفاق الذي تم برعاية روسية بين "ب ي د" والأسد لا تزال بنوده غامضة أمام عامة الناس المترقبين، غير أن الواقع على الأرض يشير إلى أن تلك المليشيات باعت مصير مئات الآلاف في مناطقها، ووضعتهم أمام الغول الذي شرّدهم وهدّم مناطقهم وهدّد حاضرهم ومستقبلهم.

في زحمة التطورات المتسارعة في الشرق السوري، يراقب السوريون ما يجري بخوف ووجل، أمام سيناريو تسليم "ب ي د" مواقعها لقوات الأسد، ففي محافظات الرقة ودير الزور والحسكة ثمت مئات آلاف الأشخاص المطلوبين من النظام، وهؤلاء مهددون الآن بمواجهة مصير مخيف بعد بدء دخول قوات الأسد مناطق تل تمر والطبقة وعين عيسى وسواها.

تمثيلية "الاحتفالات الشعبية" التي تنقلها وسائل إعلام النظام حول دخول قواته تلك المناطق، تخفي وراءها سيناريو كارثياً ينتظر أهالي تلك المناطق والنازحين فيها، ولا سيما أنه يدخلها اليوم بدعم ومساندة من الطرف الذي خدعهم لسنوات بأنه "يحميهم ويدافع عنهم".

رغم كل تلك المفاجآت التي حملها اليومان الماضيان، وقد تحملها الأيام القادمة كذلك، إلا أن ما يحصل ينبغي أن يكون طبيعياً بالنظر إلى مليشيات ركبت ظهر الثورة وحرمت ملايين السوريين من حقهم في تقرير مصيرهم. أليس النظام انسحب من مناطق "ب ي د" في 2013 بلا رصاصة واحدة في اتفاق لا يخفى على أحد؟ ألم تبقِ مليشيات "ب ي د" علم الأسد في مناطقها على الرغم من مسرحيات الاشتباكات بين الطرفين في الحسكة والقامشلي؟ ألم تمارس تلك المليشيات سياسة نظام الأسد حرفياً على أهالي الجزيرة السورية؟

الأجوبة على تلك الأسئلة واضحة،  فلماذا التعجب مما يجري حالياً؟ الأمر ببساطة أن "ب ي د" (التي وصفتها بثينة شعبان في 2016 بأنها رديف "للجيش السوري") تقوم حالياً بتسليم ما تسلمته منذ 2013 لنظام الأسد، غير آبهة بمصير عشرات آلاف الشباب في مناطقها، المهددين بعدة خيارات مرعبة، بدءاً بالاعتقال، وليس انتهاء بالتجنيد الإجباري.