الثلاثاء 2017/02/28

ملابسات “الجريمة الأمريكية” في الثورة السورية

لا يزال السؤال الحائر هو ..كيف تخمرت لدى فئة من الشعب السوري الثائر ضد عقود من إجرام وزنازين نظام الأسد أنَّ الولايات المتحدة راغبة بإزاحة هذا النظام؟ هل حدث تأثُّر ما بالخدع السياسية؟ أم إن نغمة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما "على الأسد أن يرحل" أطرَبت آذانهم ؟ هل تناسى السوريون يوم جاءت عام 2000 وزيرةُ الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت كنائبة عن الرئيس بيل كلينتون، في حضور مراسيم توريث الابن لمقاليد الحكم في سوريا، قبل دس أبيه في التراب؟.

الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، وعد بإعادة بناء الجيش الأمريكي في إطار سعيه إلى استعادة عظمة الولايات المتحدة، وهو الذي طلب تسجيل شعار "لنحافظ على عظمة أمريكا" والذي ينوي استخدامه خلال حملته لإعادة انتخابه في 2020، فمهما حدثتني عما تمتلكه أمريكا من عمق ثقافي وتاريخي وأنها تتبختر بقوة ورصانة قانونية ودستورية وتطور هائل في الدقائق واللطائف التكنولوجية ، يبقى الدور الكارثي الذي لعبته أمريكا في سوريا أكبر مما نتوقع ، فهي التي تغاضت عن كل جرائم نظام الأسد على مدار أعوام، وهي التي أجازت لطائراته بدك المدن السورية الثائرة دون ردعٍ ، مكتفيةً بالتنديد الخجول الذي كان بمثابة ضوء أخضرَ للأسد وحلفائه.

الولايات المتحدة سمحت كذلك لإيران أن " تستَنمِر" في سوريا، وأن تبدوَ كطوق نجاة لنظام الأسد، وتعامى الأميركيون عن وجود مليشيات تابعة لإيران، كانت بالأمس الذي سبق الثورة على رأس محور الشر العالميّ ، كـ"حزب الله اللبناني".

أليسَتِ الولاياتُ المتحدةُ هي من ساند مليشيات " ي ب ك " التي كانت بمثابة الطعنة في خاصرة الثورة في عدة مناطق ؟ أمام كل هذا تبدو خريطة سوريا اليوم مفككة وكل بقعة فيها تحمل لوناً فاقعاً يشي بأن الولايات المتحدة أرادت بتدبير محكم أن تُدخِل سوريا في براثن صراع مفتوح ، ومهما مُنِحَ النظام تنفساً اصطناعياً من الجولات التفاوضية سواء في جنيف أو أستانا ، فإن الولايات المتحدة تبدو هي القشة التي قصمت ظهر الثورة السورية منذ انطلاقها عام 2011 ، واتضح لمراقبين أنها أعطت ضوءاً أخضر لأحلام روسيا في المتوسط، بإقامة قواعدَ عسكرية في سوريا ، ما كانت موسكو تحلم بها لولا رضا أميركي غير معلن ..عن كل ما يجري.