الأربعاء 2017/10/18

مجرمون “بنهايات غامضة”  .. لهذا السبب قتل الأسد “جزار دير الزور”

غازي كنعان وجامع جامع ومحمد سليمان وآصف شوكت ورستم غزالة و"النسخة الأصلية" من سهيل الحسن، ثم عصام زهر الدين ..وسواهم الكثير، يحتفظ السوريون بأسمائهم جيداً لسببين: الأول أن هؤلاء المجرمين ولغوا بدماء الأبرياء حدَّ الثمالة، حتى باتت أسماؤهم في جميع سجلات جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، والسبب الثاني أن حياة هؤلاء السفّاحين انتهت بسيناريوهات غامضة بين الاغتيال أو الانتحار أو القتل بالمعارك.

أسماء طالما أرعبت السوريين وروّعتهم، وارتكبت بحقّهم مجازر خلّدها التاريخ، نفّذوها بأوامر مباشرة من حافظ الأسد ووريثه في "جمهورية الخوف"، وانطوى ذكرهم كذلك بأوامر من الجهة نفسِها.

بعيداً عن قصص مقتل كنعان وسليمان وشوكت ..استوقفتني قصة هلاك "عصام زهر الدين" الضابط الكبير في عصابات الحرس الجمهوري، والمسؤول عن عدة مجازر في مناطق مختلفة بسوريا، وصاحب الصور الشهيرة التي ظهر فيها وهو يسلخ جثثاً بشرية معلّقة .. الرواية الرسمية لنظام الأسد أنه قُتل بانفجار لغم في منطقة حويجة صكر بمدينة دير الزور التي يتولى زهر الدين قيادة قوات النظام فيها، ولعل نظرة بسيطة إلى رواية اللغم تشير إلى غرابتها وعدم تناسقها مع الوقائع.

أولاً .. إن منطقة حويجة صكر لا تزال منطقة اشتباكات حامية الوطيس، لأن سيطرة قوات الأسد عليها تعني إطباق الحصار على مدينة دير الزور، ومن المستبعد عقلاً ومنطقاً أن يتواجد ضابط بحجم عصام في المنطقة.

ثانياً .. إن قال قائل إن "زهر الدين" ضابط ميداني لا يُستبعد وجوده في مناطق الاشتباكات؛ فالجواب على هذا أننا إن صدّقنا وجوده في تلك الجبهة، فهل يُعقل أن يكون أول المقتحِمين في منطقة يعلم أصغر مجنّد في قوات الأسد أنها مزروعة بالألغام ؟ من البدهيات هنا أن تقوم القوات التي سيطرت على مكان ما، أن تمشطه عبر كاسحات الألغام وأجهزة كشف المتفجرات.

نعم .. الأرجح بحسب معطيات الأمور أن عصام زهر الدين قُتِل بالطريقة التي تمّت بها تصفية جامع جامع وآصف شوكت وغازي كنعان .. لكن لماذا ؟

الجواب عن هذا السؤال لا يحتاج إلى كثير من التدبُّر، فالبحث وراء مقتل شخصيات عسكرية وأمنية كبيرة في نظام الأسد يقود إلى الإجابة نفسها دونما تردُّد .. مجرمو الحرب شخصيات يستفيد منا الأسد كثيراً، ويحقق بهم إنجازات معينة تنفعهم في وقت معين، ثم لا يلبثون أن يصبحوا أسماء ثقيلة الظل، بالنسبة له .. فيتخلص منهم.

"عصام زهر الدين" يَرِد اسمه كمسؤول عن مجازر دموية رافقت الحرب التي شنها بشار الأسد على السوريين، منها مجزرة مسرابا بريف دمشق عام 2012، ولعل أفظعها حصل في دير الزور حين اقتحمت مليشيات الحرس الجمهوري حيي الجورة والقصور وقتلت ما لا يقل عن 300 مدني عبر إعدامات ميدانية وحشية وصلت إلى حد حرق البشر وهم أحياء.

ويبدو السجلّ الأسود لعصام زهر الدين عامل إرباك لنظام الأسد الذي تحاول روسيا هذه الأيام تلميعه أمام المجتمع الدولي بإظهاره شريكاً في الحرب ضد الإرهاب، فهل يمكن لبشار الأسد أن يمثّل هذا الدور بينما يحوي نظامه وحشاً ظهر على حسابه الشخصي في فيسبوك وهو يقطع جثث البشر؟

إنها عملية ممنهجة ليست بالجديدة، فلنعُد إلى الأسماء المتهمة بقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري .. أين هم الآن ؟ قتلهم الأسد جميعاً، لتبقى الجريمة دون دليل، وليرحل المنفّذون بصمت.. ليس عصام زهر الدين أولَهم، ولن يكون آخرهم ، فهؤلاء السفاحون ليسوا سوى بيادق لدى كبيرهم الذي علّمهم القتل، يزجهم لشرب الدماء متى شاء، ويشرب دماءهم متى شاء.. مجرمون لا كرامة لهم ولا وزن، ولن يسجلهم التاريخ كنظرائهم الذين ضحَّوا لأجل شعوبهم، بل سيقترن اسمهم بالمرحلة الأشدّ دموية من تاريخ سوريا الحديث، وتُذكر أسماؤهم كلما ذكرت المجازر الرهيبة ضد السوريين.