الخميس 2019/06/20

ليس بوتين فقط.. حتى ضباط “حميميم” يُذلون الأسد !

ربما صار من الاعتيادي أنْ تظهر صورٌ ومقاطع فيديو بين الفينة والأخرى تظهر امتهان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس النظام بسوريا بشار الأسد، إذ حصل ذلك مرات عدة، سواءٌ في زيارتي الأسد إلى موسكو وشحنه بطريقة سرية عبر طائرات شحن، أو من خلال وقوف بشار ذليلاً في الخلف بقاعدة حميميم خلال زيارة بوتين إلى القاعدة التي تحتلها روسيا، لكنْ أنْ تُوجَهَ الإهانة من قبل ضباط روس في تلك القاعدة، فإن ذلك يظهر مدى درجة الاستخفاف والامتهان التي تعامل بها روسيا بشار الأسد، والذي يبدو أنه صار مجرد هيكل وحاكم ورقي تستخدمه موسكو لتحقيق أهدافها بسوريا.

"ضباط الأسد عديمو الوعي وهم سبب الهزائم"

في خضم المعارك التي تشهدها جبهات الشمال الغربي من سوريا بين الثوار من جهة وقوات النظام المدعومة بالمليشيات الأجنبية (وبعضها روسية) من جهة أخرى إلى جانب الدعم الجوي المنقطع النظير والغارات المكثفة على نقاط سيطرة الثوار؛ في خضم كل ذلك توجه قاعدة حميميم إهاناتٍ جديدةً لنظام الأسد، إذ إنها أرجعت سبب فشل حملات التقدم بريفي إدلب وحماة إلى قلة خبرة ضباط الأسد، وقالت القاعدة في منشور لها على فيسبوك:  إن"قلة الخبرة القتالية لدى عناصر الفرق العسكرية البرية التابعة للقوات الحكومية السورية وانخفاض نسبة الثقة بالقيادة هو عامل أساسي يترجم اليوم على أرض الواقع".

وأضافت الصفحة: "لقد وصلت تقارير عسكرية من مستشارين روس شمال البلاد أفادت عن عدم الوعي الكافي لبعض الضباط السوريين، وُصِفَ باللامبالاة، ونتج عن ذلك تعقيدات في العمل العسكري وتأخير في السيطرة على مقاطعة إدلب"، ويختتم ذلك المنشور الذي كتبه الضابط الروسي "أليكسندر إيفانوف" بالقول إن الوحدات الروسية الخاصة إضافة للقاذفات الجوية الروسية هي من كان لها الفضل في سيطرة قوات الأسد.

لم يكن كلام القاعدة الروسية غريباً، فمن المعلوم أنه لولا الدعم الروسي لسقطت دمشق بيد الفصائل، ولكان سقط معها نظام الأسد منذ وقت طويل، لكن ما يثير الاستغراب هو أن الإهانات صارت تُوجَهُ إلى نظام الأسد  من قبل الضباط الروس الذين يديرون قاعدة حميميم، وبغض النظر عن صحة ما يقوله الضابط الروسي الذي يرجع سبب الهزائم للنظام لا لروسيا فإن ذلك يكشف مدى امتهان الروس لنظام الأسد، وجعله حتى سبباً في الهزائم، وتحميله مسؤوليةَ القتلى الذين يسقطون من قوات النظام والمليشيات التي تشرف عليها روسيا، لاسيما في معركة حماة الجارية.

للإعلام الروسي باعٌ طويل في إظهار الاحتقار الروسي الرسمي لنظام الأسد ومتزعمه بشار، إذ إن وسائل الإعلام سربتْ أكثرَ من مرة صورا تُظهر بشار الأسد في حالةٍ لا تليق برئيس دولة على الإطلاق، خاصة حينما منع ضابطٌ روسي بشارَ الأسد من التقدم بجانب بوتين خلال زيارة الأخير إلى قاعدة حميميم في 2018، وتلا ذلك تسريبُ الإعلام الروسي صورةً أخرى تظهر بشار الأسد واقفاً  بصورة مذلة بجانب مجموعة من الضباط الروس بينما يقف بوتين في المقدمة يتلو خطاباً، في مشهدٍ كشفَ حينها أن بوتين يتعامل مع سوريا كأراضي روسية، في وقت يتبجح فيه بشار الأسد ونظامه بـ "الانتصار" على الثورة.

 

"إهانات سابقة لعناصر الأسد"

 

سبق أن تداولَ ناشطون في جنوب دمشق صورة تعمدَ الإعلامُ الروسي نشرَها بعد سيطرة قوات الأسد بفضل اتفاق "المصالحة" الذي عقدته روسيا، حيث يظهر في الصورة ضباطٌ روس يعتقلون عناصرَ من قوات الأسد يرتدون الزي العسكري الرسمي، وهم منبطحون على الأرض وأمام الملأ وذلك في معاقبة لهم على "التعفيش" الذي مارسوه بالمنطقة، ورجح الناشطون أن يكون هؤلاء تابعون لـ "الفرقة الرابعة" التي يديرها ماهر الأسد، غيرَ أنَ روسيا تعمدت إهانة هؤلاء العناصر وإظهار هيمنتها على المنطقة، رغم موجة الغضب الكبيرة من مؤيدي النظام لما جرى واعتبارهم أنه إهانة لـ "الجيش السوري"، حيث ردت وقتها قاعدةُ حميميم على التعليقات الغاضبة بالقول :"سيتم التعامل بالقوة مع أي تمرد من قبل الأفراد المتورطين بانتهاك القانون، ومن يساندهم في المناطق التي تم تحريرها بمشاركة من القوات الروسية".

سبق أن تعرض نظام الأسد لإهانات مباشرة من عدة جهات روسية، مثل بوتين ووزير خارجيته ووزير دفاعه بقولهم أكثر من مرة إنه لولا الدعم الروسي لسقط الأسد منذ زمن بعيد، وهذا الشعار رددته إيران أيضاً، بل وحتى مليشيات حزب الله اللبناني.

ومع استمرار الإهانات الروسية سواء من بوتين أو من وسائل الإعلام الروسية لا يُتوقع أن يصدر من نظام الأسد أي تعليق أو اعتراض، فمن لم يعترض على كل تلك الإهانات من غير المعقول أن يسعى لإعادة كرامته، وبالأصل فإنه لم يعد يمتلك أي وسائل تعيد له كرامته، في وقت لا يزال يصر على إظهار كل الوحشية ضد السوريين، بينما يبدو كالفأر على المحتلين؛ كبيرهم وصغيرهم.