الأحد 2019/06/09

لماذا يطلق نظام الأسد “شريعة الغاب” في مناطق سيطرته؟

أشبه ما يمكن التعبير عنه بـ "الفوضى الخلاقة" محلياً تشهدها عدة مناطق يسيطر عليها نظام الأسد والمليشيات التي تسانده سواء كانت روسية أو إيرانية، وخاصة في مدينة حلب التي تعيش أكبر حالة من الانفلات الأمني، مع كثرة الجرائم وتقصير نظام الأسد الواضح في ضبط مرتكبيها.

الاعتداء الجنسي على الأطفال

عجّت الصفحات الموالية لنظام الأسد مؤخراً بتعليقات غاضبة بعد الكشف عن جريمة اعتداء جنسي وتحرش من قبل آذن مدرسة في إحدى أحياء مدينة حلب، حيث طالت جريمته 6 طفلات، وأعلن نظام الأسد إيداعه في السجن للتحقيق معه مشيراً إلى أنه اعتراف بالجريمة، ولم تكد تمض أيام قليلة حتى فوجئ الحلبيون بجريمة جنسية جديدة ضد أحد الأطفال في مدينة مسكنة بريف حلب الشرقي، وكان الضحية طفل، وقد لقي حتفه بعد أن قام المعتدون بقتله بحجر كبير على رأسه، وبعد عدة أيام أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الأسد أنه تم القبض على المعتدين.

من خلال متابعة تعليقات الموالين على مثل تلك الحوادث المتكررة تظهر مدى حالة الاستياء التام من إمكانية تشديد النظام للقبضة الأمنية على مثل مرتكبي تلك الجرائم، فالناس قد ملت وسئمت من المناشدة وضرورة المحاسبة والتصدي لمثل هؤلاء، على عكس ما كان يفعله النظام أيام المظاهرات، حيث كان يحشد في كل حارة وزقاق العديد من الشبيحة لقمع المتظاهرين بالقوة.

تراخي نظام الأسد في محاسبة مرتكبي جرائم الزنا والاعتداء على الأطفال دفع بآخرين إلى تكرار مثل تلك الجرائم بحسب ما يقول سكان محليون في مدينة حلب، ويشير هنا الأهالي إلى المدعو "المزنرة" الذي أقر باغتصاب أكثر من 20 طفلاً وقتل أحدهم قبل أن يقوم النظام باعتقاله، فيما كشفت الصفحات المحلية أنه كان أحذ الأذرع القوية في مليشيات الدفاع الوطني التي عمل النظام على تقويتها ومنحها إمكانية التسلط على رقاب السوريين. كل ذلك يدفع السكان في مدينة حلب إلى أخذ الحيطة والحذر من إرسال أبنائهم الصغار دون مرافقة من الكبار.

السرقة والسطو المسلح

كان ولا يزال الصاغة وأصحاب محلات الصرافة في خطر كبير بمدينة حلب، في ظل جعلهم الفريسة الأولى لعمليات السطو والسرقة من قبل مسلحين لا يخفى صلتهم بالمليشيات المرتبطة بنظام الأسد، وقد نشرت شبكة "أخبار حي الزهراء بحلب" الموالية قبل أيام خبراً عن تعرض صائغ للسرقة بعد خروجه من محله في مدينة حلب، حيث سرقت منه نحو كيلو غرامات من الذهب، مشيرة إلى أن هذه الحادثة تعد الثالثة خلال نحو شهرين.

من خلال الفوضى وإباحة عمليات السرقة والسطو أو التغاضي عن مرتكبيها وتقليل المحاسبة يحاول نظام الأسد كسب الحاضنة الشعبية مجدداً لكن بطريقة مخابراتية خبيثة، إذ يحاول القول "شاهدوا ماذا حل بكم بعد الثورة ضد نظامي الذي كان ضابطاً للوضع الأمني، فلم تعودا تنعموا بالأمن والأمان بعد الثورة"، فبهذه الطريقة يريد دفع الناس للقبول به مجدداً والتمسك به لعل وعسى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، من دون توضيح حقيقة أنه هو من يقف وراء معظم تلك العمليات ضد الأهالي المدنيين، بهدف ترويعهم ونشر الفوضى التي لن تعود إن لم يعد هو، وفق ما يريد إيصاله بالطبع، وبالتأكيد لن يعود النظام كما كان في السابق بدون التعاون التام معه والتجنيد في صفوف قواته، وفي أضعف الإيمان القبول به حاكماً والقبول بكل ما يفعله وبالواقع الموجود ساء أم حَسُن.

يبقى السكان هم من يدفعون الثمن لقاء طريقة النظام الجديدة في الحكم، بغض النظر عن نتائجها الكارثية، حيث صار السوريون في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد يعيشون في خطر محدق دائماً في وقت ترتفع فيه بشكل مخيف الأسعار ويهرب منها معظم الأهالي كما تهرب الفريسة من المفترس، فيما يحاول شبيحته ملأ جيوبهم من خلال خطف طفل هنا وسرقة سيارة هناك وسطو على صائغ أو محل في بلد "شريعة الغاب".