الجمعة 2016/09/09

لماذا توقفت معركة حلب؟

تساؤل بات يُطرَح بقوة في الآونة الأخيرة، وتكثر حوله التكهنات، والاتهامات، والتحليلات، فمن فرض الداعم، إلى خلاف الفصائل، إلى ضغط الدول، إلى غير ذلك.

ولأن البعض طالبني بتوضيح ما أعرفه عن هذا التوقف، فأقول أمانة: كل القادة الذين أجالسهم أستفسر منهم عن أي ضغوط لوقف المعركة والكل نفى.

وأما عن الخلافات فليس هناك خلاف طارئ استدعى إيقاف المعركة، ولم يكن هناك سبب أعرفه استدعى توقف المعركة، بل إن المعركة لم تتوقف أصلًا.

ذلك أن المجاهدين ومنذ أن فتح الله عليهم وكسروا الحصار، كانت البقعة المحررة لديهم ضيقة وتحتاج إلى توسيع كي تصبح مناسبة لعبور قوافل الإغاثة.

وقد قام المجاهدون بأكثر من عمل لتوسيعها لم يكتب له الفتح، بسبب التحصين والتلغيم وشدة القصف الجنوني المركز على بقعة محددة، لدرجة أخرت متابعة التحرير.

هذا التأخير استفاد منه العدو، فاستقدم مؤازرات ضخمة من حماة، وغيرها، إضافة إلى استقدام أعداد كبيرة من شبيحة نبل والزهراء ولواء القدس والمليشيات الطائفية.

وبدأ -ومنذ ذلك الحين- بشنّ معارك يومية لاسترجاع ما خسره، تحت غطاء من القصف المدفعي والصاروخي المكثف، بكل أنواع الأسلحة بما فيها العنقودية والفوسفورية.

فلا تكاد تمر 7 أو 8 ساعات إلا ويشن معركة جديدة، مستفيدًا من الكمّ البشري الكبير الذي استقدمه، ومن غطاء سلاح الطيران، وضيق البقعة التي يتمركز فيها الثوار.

هذه المعارك كلفت العدو خسائر فادحة، بلغت أرقام الخسائر حدًّا مرعبًا لا يمكن تخيله، حيث تجاوزت أعداد قتلى النظام الـ500 بحسب اعترافه، ما عدا الجرحى.

وكان من بين القتلى ضباط برتب عسكرية كبيرة، من الساحل وإيران وغيرها، إضافة إلى تدمير عشرات الآليات الموثقة، والتي لا يخلو يوم إلا ولها حظ من التدمير.

تصميم النظام على استعادة المنطقة التي شكلت صفعة كبيرة له ولروسيا، جعله لا يبالي بحجم خسائره، ويتابع المحاولات المستميتة، فيما كان دور الثوار مكتفيًا بالصد.

لأننا نحترم عنصرنا البشري، ولا نلقيه بالتهلكة، فكان لا بد من انتظار تفريغ شحنة الهجوم، واستيعابها بالصد، إلى أن يتم استنزاف النظام، وتحويله إلى موقف المدافع.

للآن: معارك يومية، واشتباكات، وصدّ، وثبات أسطوري، تعجز عنه الجبال، وليس كما يتخيل البعض، أن الجبهة هادئة، تنتظر الإذن بالمعارك، والسماح بالتقدم.

فإلى أهلنا في حلب: الصبر الصبر.. لقد وثقتم بالله، ثم بالمجاهدين يوم أن كانت تفصلهم عنكم مسافات كبيرة، تضم ثكنات وكليات حربية ومعسكرات ضخمة.

فما بال البعض قد دخل اليأس قلبه، والمجاهدون على مرمى البصر منه، ينتظرون الفرصة ليكملوا التقدم والتحرير؟ {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}.

لنصبر ونصلح ما بيننا وبين الله، فلا شك أن من بين الأسباب معاصي وقعنا بها جميعًا، المنتقد والمنظر قبل غيره، مما يستوجب المسارعة في التوبة وإصلاح العلاقة مع الله.

الكلام عن تخوين الفصائل، والطعن بالمجاهدين، وتشويه بطولاتهم، هو هدف يسعى إليه العدو، ويحرض عليه الشيطان، ويفتّ في عضد الثوار، ويضعف معنوياتهم.

وتقديرنا لبطولات الثوار يجب ألا تكون دافعًا لتحميلهم فوق طاقتهم، وكأنهم جيش يمتلك كل أسباب المواجهة اللازمة، فالعدو بدوله وطيرانه لا يملك التقدم المستمر.

أسأل الله أن يعجل بالفرج عنا وعنكم وعن جميع المسلمين، أعينوا إخوانكم بالعمل ومشاركتهم الجهاد، ولا تنسوهم من صالح دعائكم، وانتظروا الفرجَ فإن فرج الله قريب.