الثلاثاء 2017/08/29

لغم أطاح بالحلم

اقترب العيد وهاهم أطفال العالم الإسلامي يتسابقون باتجاه متاجر الألبسة لشراء ثياب تليق بهذه المناسبة العظيمة، برفقة آبائهم وأمهاتهم غير آبهين بما يدور في فلك السياسة أو في بلدان باتت تُنسب فيها المخيمات إلى النهاية الحتمية وهي الموت.

أطفال دير الزور .. تلك المحافظة التي تقبع في أقصى الشرق السوري، تموت بصوت مرتفع "جهارا نهارا" وليس بصمت كما كانوا يقولون سابقا، ويشارك في قتلها تحالف دولي عالمي ونظام  يرأسه مجرم أبى لأجل الكرسي إلا أن يحرق الأخضر واليابس في سوريا، ومحتل روسي وإيراني.

لم يعد الطعام متوفراً في هذه المحافظة التي غيّر تنظيم الدولة مسماها من الدير إلى "الخير"، وهذا الخير لم يره أهلوها منذ بدء الحملة الهمجية عليها مع جارتها ..الرقة..

يسير علاء أمام عائلته المكونة من ابنته وابنه وزوجته، خوفاً عليهم من أن ينفجر بهم لغم زرعه التنظيم في طريق الموت إلى "مخيمات الموت".

عطش الأطفال في صحراء حرارتها تصل أرقاما قياسية، وبدؤوا بالبكاء فمسح الأب دموعهم مردداً جملة قالها حين خروجهم من بيتهم في الميادين شرق دير الزور... "عندما نصل الحسكة سأشتري لكم ثياب العيد وآخذكم إلى الألعاب".. قالها مراراً لأطفاله كي يشد أزرهم ويشجعهم على السير باتجاه المخيم بعد أن تركهم المهرب أمام ثلاثة كيلومترات يجب أن يقطعوها بمفردهم، محذراً إياهم من الألغام.

لم يكن علاء إلا والداً أراد أن يصنع الفرح لأبنائه ويجعلهم كبقية أطفال العالم يحتفلون بالعيد،  لكن اللغم هشم حلم الأطفال بالفرح قبل أن يهشم جسد والدهم في بادية تفصل الحسكة عن دير الزور، لم ينزح خوفاً على نفسه بل بحثاً عن بسمة يزرعها على وجنة ابنته "جنى"  وابنه قاسم.

لا اتصالات ولا هواتف ولا سيارات تمر في منطقة اسمها "مالحة الذرو" ولم يكن من زوجته وأطفاله إلا أن يستغيثوا  ويصيحوا طالبين  ممن يسمع الصوت أن يأتي لينقذ فرحهم المنتظر، بعد قرابة ساعة أتت عائلة أخرى وحملوا جثة تنزف ما تبقى من الحلم لتدخل المخيم بلا دماء ويموت الأب ويرحل مع موته حلم أطفاله بفرح ولباس جديد، وليبدؤوا حياة أخرى بطعم الموت.. في مخيمات الموت.