الأثنين 2018/11/26

كيف ترهب مخابرات الأسد المؤيدين و”المحايدين” ؟

ليس الترغيب وحده الأسلوب الذي يتبعه النظام لجلب المؤيدين أو "المحايدين" إلى صفه، فهذا الأسلوب قد لا يَفي بالغرض مع شريحةٍ كبيرة من السوريين، لذلك كان لابد من الترهيب؛ الأسلوبِ المفضل لدى نظام الأسد الأب والابن، ويسجل التاريخ أنَ نظام الأسد كان أحد أكثر الأنظمة القمعية، ولديه أساليب رهيبة في زرع الخوف ونشر الرعب تتصدر أساليب القمع والإذلال عبر التاريخ.

شكّلت زيارة مختطفي السويداء الأخيرة إلى مخبأ الأسد في دمشق، وما رافقها من تصريحات لبشار حقيقة ما جرى في المحافظة وريفها قبل وبعد الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة عليها وأدى لسقوط المئات واختطاف التنظيم للعشرات، بدا من خلال مطالبة بشار الأسد لذوي المختطفين بالالتحاق بالخدمة العسكرية الهدفُ الأساسي من الضربة التي سهّلها النظام للتنظيم، وما صحبها من أجواء خوف عاشها الدروز بسبب عدم التحاق أبنائهم بالخدمة العسكرية في صفوف قوات الأسد.

لكن ومع ذلك فإن الرسالة لا يبدو أنها وصلت إلى الدروز، أو أنهم لم يردّوا عليها بالمستوى الذي أراده النظام، فكان أنْ عمل الأسد "كما جرت العادة" على نشر أساليب جديدة تدفعهم إلى الاستجابة لمطلبه، إذ يسود في المحافظة وريفها في هذه الأيام انتشار لعمليات الخطف والسرقة بشكل كبير، من قبل عصابات مرتبطة بنظام الأسد.

يقول الناشط الإعلامي "أحمد المسالمة" في حديث خاص للجسر رداً على سؤال حول ضلوع مليشيات النظام بعمليات الخطف الحالية في السويداء " إن من الواضح أن عمليات الخطف يقوم بها أشخاص يعملون لصالح النظام، لخلق أجواء غير مستقرة بالسويداء وإبقاء أهلها بخوف، وكان واضحاً ابتزاز الأسد خلال لقائه بالمختطفين الذين ربط سبب الاختطاف بعدم تجنيد أبنائهم".

لا يختلف الحال كثيراً في السويداء عن مدينة حلب ودير الزور وغيرها من المناطق التي يطلق فيها النظام يد مليشياته بشكل سري ويقول لهم "اذهبوا اصنعوا ما شئتم"، فلا رقيب ولا حسيب عليكم، وهذا ما سبَّبَ تَكرار الحوادث إلى مستوى بدا فيه النظام عاجزاً عن احتوائها، فيما تبقى الغاية الأساسية منه هو دفع جميع من بَقِيَ تحت سيطرته إلى القبول بالتجنيد في صفه، دون الحاجة إلى إكراه بعض فئات السوريين إلى التجنيد قسراً، وخاصة الدروز الذين حيّدَ الكثير منهم نفسه بعد الثورة.

يقول الناشط "أحمد المسالمة" عن هذا الأمر "إن نظام الأسد قادر على تجنيد شبان السويداء بالإكراه ولكنه لا يريد أن يفتح على نفسه أبواباً أخرى، فهو يعاملهم بنوعٍ من الحسنى لإبقاء أهالي السويداء كما هي عليه "مطبّلين مزمّرين" له، ولا يريد النظام وجود أي توتر بالسويداء تجاهه، فهي مدينة غالبيها العظمى من الدروز الذين يحكمهم "شيخ العقل" وباستطاعته توجيههم بفتاوى قد تكون سلبية إذا ما أجبرهم النظام على التجنيد، ولهذا فهو يتركهم للوقت".

من يعود بالذاكرة إلى بدايات الثورة السورية يدرك أن ما يجري اليوم من ممارسات خطف وسرقة وغيرها من الجرائم بمناطق النظام لا يمكن أن تكون غير مخابرات الأسد ضالعة فيها، إذ كثيراً ما تحدث عن النظام في 2011 عن وجود "إرهابيين" يطلقون الرصاص على المتظاهرين الذين كان سلاحهم وقتها هو الكلمة فقط، بينما كانت توجه ضدهم زخات غير متوقفة من الرصاص من قبل عناصر الأمن، إذن كان الحديث عن وجود "إرهابيين" ذريعة للقتل، كما اليوم الحديث عن كثرة الجرائم بسبب عدم الالتحاق بصفوف قوات الأسد، مثلما فعل مع أهالي السويداء الذين ربط هجوم تنظيم الدولة عليهم بسبب عدم التحاق أبنائهم في صفوف جيشه الذي تحول إلى عصابات سلب ونهب، متجاهلاً أنه هو من جاء بعناصر تنظيم الدولة من حوض اليرموك ومخيم اليرموك إلى بادية السويداء.