الجمعة 2020/03/27

كورونا في “سوريا الأسد”.. هكذا يواجه النظام الوباء القاتل

في الوقت الذي أقرّ فيه نظام الأسد، منذ يوم الأحد الماضي، بتسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا في مناطقه، يواجه السوريون معركة جديدة عنوانها: رعب وتكتم واستهتار وغلاء.

كشف نظام الأسد حتى هذه اللحظة 5 حالات إصابة بفيروس كورونا الجديد بمناطق سيطرته، وقام باتخاذ "إجراءات احترازية" على غرار العديد من دول تفشّى فيها الفيروس، كان آخرها فرض حظر تجول جزئي ليلي، فيما يرى مراقبون أن الوضع في سوريا مختلف كلياً عن بقية العالم من حيث عدة أمور، أبرزها أنها باتت فعلياً "بلا نظام" مع تفرّغ الأسد لحربه التي شنها ضد السوريين منذ العام 2011.

1- "منبع الوباء" مفتوح والشفافية معدومة:

لا يكفّ نظام الأسد عن استخدام العقلية الأمنية في كافة المجالات، وتُحتّم عليه هذه العقلية أن تصبح إصابة أحدهم بالوباء العالمي الجديد، خبراً حساساً يستلزم السرية والتكتم الشديدين.

أقرّ النظام خطوات احترازية للحدّ من تفشي الوباء قبل الإعلان عنه، وذلك عبر منع التنقل بين المحافظات، وإغلاق المعابر الحدودية مع لبنان، وإغلاق المعبر الوحيد مع الجانب التركي في "كسب" بريف اللاذقية، غير أن "منبع الوباء" لا يزال مفتوحاً على مصراعيه. إذ لا تزال الطائرات الإيرانية تهبط في دمشق، ولا يزال معبر "البوكمال -القائم" الحدودي مع العراق يعمل بشكل معتاد.. يمر منه مقاتلو المليشيات الإيرانية إلى المدن والبلدات السورية، محمّلين بالأسلحة والذخائر وكذلك "بالفيروسات".

يتغلغل هؤلاء بين الناس، يمشون في الأسواق ويخالطون ويتاجرون بلا حسيب ولا رقيب، ولك أن تتخيل حجم الكارثة في أن يكون أحد هؤلاء مصاباً بكورونا، ويقوم بنقل العدوى لمن حوله!.

أمام هذا الواقع نشر ناشطون سوريون تحذيرات كثيرة منذ أسابيع، بعدم مخالطة عناصر هذه المليشيات أو الاقتراب منها، وذلك بعد أن بلوغ وفيات وإصابات الفيروس في إيران معدلات قياسية.

سادت حالة من الغضب في أوساط سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، غير أن حالات الشكوى والغضب لم تظهر إلى العلن بطبيعة الحال، بل بقيت في إطار المحادثات الجانبية خوفاً من مصير أفظع من الإصابة بالفيروس.

يقول الشاب " م . س" القاطن في أحد أحياء مدينة دير الزور، إن وجود عناصر عراقيين وأفغان وإيرانيين وباكستانيين يثير ذعر السكان، الذين لا يستطيعون تجنب المخالطة بهؤلاء العناصر خوفاً من الانتقام.

ويتابع الشاب الذي طلب عدم كشف اسمه: "هم يتصرفون وكأنهم أبناء البلد، ونحن الضيوف فيها.. لا يمكننا تجنبهم أبداً، فهم ليسوا معزولين في أماكن مخصصة، بل يتنقلون في كل مكان".

هذا الأمر ينطبق على عشرات بل مئات المدن والقرى والبلدات التي ينتشر فيها عناصر المليشيات الإيرانية.

يتحدث سكان مناطق الأسد عن مئات الإصابات بفيروس كورونا، التي لا تظهر إلى العلن، إما بسبب تكتم المصابين على أنفسهم خوفاً من الحجر، أو بسبب تكتم الأجهزة الأمنية في المشافي.

لا أحد يعلم بالضبط لماذا يُخفي النظام الحقيقة عن الناس، لكن الجميع يعلمون أن السكوت وعدم الشفافية يعطي انطباعاً عاماً بأن الأمور بخير، ما يعني خشية حقيقية من انفجار الوضع بسوريا في أية لحظة، وفقاً لما صرّحت به "منظمة الصحة العالمية" قبل أيام.

2- بنية تحتية مهترئة وخدمات بالحد الأدنى:

قبل الثورة السورية بعقود، أهمل نظام الأسد البنية التحتية في سوريا، ووجّه جميع مقدرات البلاد ظاهرياً إلى "القوات المسلحة" فيما كان هو والطغمة التي تحيط به يملؤون خزائنهم الخاصة.

البنية الصحية في سوريا تعاني أصلاً من الضعف والترهل وقلة الإمكانيات، ولا شك أن أكثر من 9 سنوات من حرب الأسد على شعبه ساهم في زيادة الضعف على الجانب الصحي، إضافة إلى العقوبات المفروضة على الأسد منذ 2012.

بناء على ذلك لا تملك مناطق الأسد أي مقومات لمواجهة ظروف أبسط بكثير من وباء كورونا.

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً صوراً صادمة حول بناء خصصه النظام كمركز للحجي الصحي في منطقة "الدوير" بريف دمشق. وتظهر في الصور حالة بدائية للمركز إضافة إلى انتشار الأوساخ فيه بشكل لافت، ما جعل بعض المعلقين يؤكد أن هذا المركز بحد ذاته "يجلب الوباء للأصحاء فكيف بالمرضى؟".

يقول أحد الناشطين السوريين في دمشق (طلب عدم كشف هويته حفاظاً على سلامته) إن "النظام الذي سخّر كل إمكانياته لقتل السوريين منذ 2011، لا يمكن أن يفعل شيئاً بخصوص الحفاظ عليهم من كورونا أو غيرها" ويتابع : "ما يهم بشار الأسد حالياً هو فقط أن يبقى على كرسي الحكم، بغض النظر إن بقي شعب يحكمه أو لا".

3- وضع اقتصادي كارثي يزيد "كورونا" من وطأته:

أمام انتشار جائحة وبائية مثل كورونا، فإن شعوب العالم أخذت احتياطاتها من التخزين الغذائي والاحتياجات الصحية اللازمة، بينما لا يستطيع السوريون أساساً تأمين متطلبات الحياة اليومية الأساسية.

السيدة "ب . د " نازحة من مدينة الرقة وتعيش في إحدى ضواحي دمشق، تقول إن الأسعار قفزت في العاصمة بشكل جنوني منذ انتشار الأخبار عن "كورونا"، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة على التجار.

والأمر نفسه يتحدث عنه سكان مدينة دير الزور مثلاً، التي بات الحصول على كيس صغير من "الخبز" فيها إنجازاً كبيراً.

أحد الفنانين الموالين لنظام الأسد (طارق مرعشلي) خرج منذ أيام في بث مباشر، انتقد فيه ملف "حظر التجول" الجزئي الذي فرضه النظام مؤخراً من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحاً، والحملات التي تدعو إلى "خليك بالبيت".

قال مرعشلي إن الأوضاع في سوريا لا تشبه بقية العالم، فالمواطن السوري محروم من الحصول على الكهرباء التي تنقطع أكثر من 20 ساعة يومياً، إضافة إلى انعدام  احتياجاته الغذائية الأساسية.

الدولار وصل اليوم في العاصمة ومدينة حلب إلى حدود 1400 ليرة مقابل الدولار الواحد، وحظر التجول الليلي أقرب إلى النكتة وفق ما تقوله السيدة النازحة، "فالناس يصطفّون في طوابير لا تنتهي صباحاً للحصول على الخبز، ويجلسون مساء في منازلهم!"، تتابع بالقول: "يبدو أن النظام لم يشبع من دمائنا، فاختار القضاء علينا بشكل بطيء، والآن جاء كورونا ليساعده في المهمة".