السبت 2018/06/23

كم عربياً ومسلماً يردد الآن فلينجح أردوغان ؟

مما لا شك فيه أن الانتخابات المفصلية التي ستجري في تركيا غداً الاحد لا تهم نحو 90 مليون تركي فحسب ، بل إن هناك 4 ملايين سوري ربما يحسبون الآن في هذه اللحظات الدقيقة تلو الدقيقة لما سيجري بعد انتهاء يوم الغد على مصيرهم بعد توعد المعارضة التركية بترحيلهم على إيقاع الطبل والمزمار.

لسان حال أولئك الملايين الاربعة يتمنى من كل قلبه أن يفوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية ويجنبَهم مصيراً مرعباً فقد يفتح عليهم أبواباً جديدة من الموت في البحار المظلمة في ظل إيصاد كافة الدول العربية (باستثناء السودان البلد الفقير) أبوابها بوجه السوريين الهاربين من بطش الأسد وزبانيته.

فلينجح أردوغان.. لسان حال من بات المخيم في تركيا منزله الذي يأوي إليه، فيه مأكله ومشربه ومدرسةُ أولاده يقول هؤلاء جميعاً فلينجح أردوغان لنبقى هنا لائذين بآخر مأوى لنا بعد أن تعمدت دول كبيرة غنية بالمال منعنا من الوصول إلى عتبة أبوابها، يرون اليوم نية الكويت ترحيل سوريين لمجرد ما تسميها السلطات "مخالفات قانونية" وفي تركيا يوجد المئات من السوريين ممن حتى الآن لم يستخرج بطاقة تعرف عنه ولم تقترب منه السلطات أو تفكر بترحيله وتحسب ألف حساب قبل الإقدام على هذه الخطوة، يرون ما يحدث للاجئين السوريين في السعودية وكيف يحاول ابن سلمان في سياسته الجديدة ترحيلهم بأسلوب ناعم ويفرض عليهم ضرائب عن كل شهر يجلسون فيه ويقولون الحمد لله الذي وهبنا أن نجلس في أرض تعتبرنا الحكومة جزءاً من شعبها لا تفرض علينا نظام جزيةٍ كالذي تفرضه السعودية الكبيرة أكثر من تركيا من حيث المساحة والغنية أكثر من حيث المال، لكن تركيا أكثر احتواء منها للشعوب المنكوبة بعشرات المرات.

فلينجح أردوغان.. لسان دعوات السوريين وهم يرون في هذه الأثناء ما تفعله لبنان حيث تسعى سلطاته إلى ترحيل السوريين إلى مناطق نظام الأسد وتريد توقيع مفوضية الأمم المتحدة على إجراءتها في حالٍ معاكس لموقف الحكومة التركية التي تسعى بنفسها إلى تحسين أوضاع اللاجئين السوريين وسعت إلى تجنيس الآلاف منهم في خطوة غابت تماما عن لبنان وبقية الدول العربية التي ضاقت ذرعاً بالسوريين رغم أنهم عضو فاعل بالمجتمع لا يعتاش فقط على المساعدات وخاصة في لبنان أكثر اللاهثين وراء عودة السوريين .

فلينجح أردوغان كلمتان لا يقولها فقط السوريون المشتتون بسبب الحروب الكبيرة في بلادهم بل إن هذه الكلمتين يرددها في هذه اللحظات من يعيش في تركيا من مئات الآلاف من المصريين والعراقيين واليمنيين والأفغان والباكستانيين وشعب الإيغور وغيرهم من الشبان والعائلات المنكوبة المظلومة التي هجرتها حكوماتها إما من خلال الانقلابات ضد تطلعات الشعوب أو من خلال تضييق سبل العيش ضدهم أو فقر بلدانهم كحال كثيرين من مواطني دول المغرب العربي.

فلينجح أردوغان يرددها الكثير من مواطني الدول الإفريقية الفقيرة المسلمة التي للحكومة التركية فيها يد بيضاء من خلال المساعدات الإنسانية وإنشاء مشافٍ لمعالجة مرضاهم.

فلينجح أردوغان كلمة يقولها اليوم من لا يزال يرى أملاً في بعث انتفاضة جديدة في روح الدول الإسلامية التي تراها اليوم تتقلب بين أحضان الغرب وتركض لاهثة وراء استرضاء ترامب وإسرائيل وتسليم القدس لليهود في مقابل بقاء كثير من الزعماء العرب على كراسيهم ، بينما تركيا تجاهر بضرورة أن يكون هناك دولة مسلمة في عضوية دائمة بمجلس الأمن وتنتقد سياسة الغرب وزعماءه ضد الإسلام وترفض قطعاً ما تقوم به أمركيا والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وكأن تركيا باتت اليوم خنجراً في خاصرة الغرب وما يسعى إليه لمزيد من شق صف الدول الإسلامية وتقسيمها على غرار سايكس بيكو، وما جرى في سوريا لعله نموذج صغير عن محاولة الغرب استحداث دويلة كردية في الشمال السوري تفتح المجال لتقسيم آخر في العراق فضلا عن تركيا وهذا ما دفع بالجيش التركي إلى تحطيم ذلك المخطط الخبيث.

فلينجح أردوغان يقولها اليوم من يسعى إلى رؤية كيان سني يضاهي ما تقوم به إيران وسياستها التوسعية في الدول العربية ، ولم يخف أردوغان ذلك حينما قال في وقت سابق إن إيران تتتبع سياسة توسع فارسية تزعج بلاده .

فلينجح أردوغان يقولها اليوم الملايين من العرب في خارج تركيا ممن يتابعون الانتخابات من بلدانهم ويتطلعون إلى مواصلة تركيا النمو على الصعيد الإقليمي والعالمي في ظل تصدر الغرب وتسويق نفسه كمصدرٍ للديمقراطية حول العالم الإسلامي.

فلينجح أردوغان هي كلمتان تعبران عن لسان حال الملايين اليوم ليس من أنصار أردوغان في تركيا وحدها بل في عموم الدول العربية والإسلامية التي لا تزال تتمسك ببارقة أمل بأن يعود للمسلمين يوماً ما مجدهم السليب وأن تتكرر تجربة حزب العدالة والتنمية في بلادهم التي يجثم فيها حكام ممن عفا عليهم الزمن أو ممن ركبوا ظهور الشعوب بانقلابات دموية شاركت فيها حكومات عربية تتبع اليوم سياسة الردح والتجييش ضد تركيا وانتخاباتها ورئيسها بعد أن فشلت قبل عا مين بفرض انقلاب لا يريد إلا مزيداً من التقزيم للتطلعات الإسلامية وروحها... بعد كل هذا ألا يستحق أن نقول بصوت عال فلينجح أردوغان ؟؟؟