الأربعاء 2019/01/23

“قانون قيصر”.. وعود بالعدالة تنتظر التنفيذ

"لا شيء يمكن أن يعيد أولئك الذين فُقِدوا. لكن العالم مدين للقتلى والآخرين الأحياء بمحاولة وضع حد لهذه الأزمة. والدور الذي يجب أن تلعبه أميركا، هو الدفع باتجاه حل سياسي يسمح للشعب السوري بتحديد مستقبله". بهذه العبارات علق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي "إليوت إنغل" على إقرار المجلس مجدداً "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين". مؤكداً: "لا يمكننا ببساطة أن ندير وجهنا إلى الاتجاه الآخر، ونسمح للأسد وروسيا وإيران بوضع اليد على سوريا".

وكان مجلس النواب الأميركي أقر ليلة الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على نظام الأسد وداعميه، عبر "قانون قيصر"، الذي حمل اسم العسكري المنشق عن نظام الأسد، المعروف بلقب "قيصر"، الذي سرّب 55 ألف صورة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد.

إقرار القانون من قبل مجلس النواب يستدعي تحويله إلى مجلس الشيوخ ثم التصديق من قبل الرئيس ترامب، وكان البيت الأبيض قال في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، إنّه "يؤيد بقوة مشروع القانون الذي يحرم الحكومة السورية من إمكانية الولوج إلى النظام المالي الدولي، ويسهّل فرض قيود التأشيرة على المسؤولين السوريين".

وأصدرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بياناً بشأن القانون قالت فيه : "يجب أن نتحرك على الفور، لمحاسبة الأسد ومؤيديه، ووقف هذه الوحشية المستمرة ضد الشعب السوري البريء"، فيما أوضح النائب مايكل ماكول، أنّ التشريع يوفر للإدارة الأميركية النفوذ المطلوب بشدة لفرض عقوبات على الأسد وداعميه، و"معاقبة مجرمي الحرب، وقطع التمويل الذي يغذي تكتيكات الحرب التي ينتهجها النظام".

وبحسب القانون فإن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على مرتكبي جرائم الحرب في سوريا وعلى رأسهم "بشار الأسد" ومعاونيه المقرّبين، ويسمح لوزارة الخارجية بدعم الكيانات التي تجمع وتحفظ سلسلة الأدلة، من أجل الملاحقة النهائية لمن يرتكبون جرائم حرب في سوريا.

ماذا يعني إقرار "قانون قيصر" من جديد في هذه المرحلة:

في تشرين الأول من عام 2016، أقرّ مجلس النواب الأميركي "قانون قيصر"، غير أن القانون لم يمرّ خلال السنوات الماضية إلى مجلس الشيوخ ثم إلى البيت الأبيض، وما حصل الآن هو أن مجلس النواب أعاد طرح ورقة "قانون قيصر" من جديد.

إذاً.. قانونياً لا يوجد أي أثر حقيقي بعدُ للقانون، ولا يمكن أن يصبح نافذاً إلا بعد المرور على مجلس الشيوخ، ليكون بعدها على طاولة الرئيس الأميركي. فيمكن القول إن الخطوة في هذه المرحلة رمزية فقط.

إذ يأتي إقرار "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" في وقت يرى فيه النظام وداعموه الدوليون والإقليميون أنهم "انتصروا" في الحرب، وأن المرحلة القادمة تتطلب إعادة تأهيل "بشار الأسد" دولياً، عبر إعادة العلاقات الدبلوماسية معه، إضافة إلى الحصول على أموال إعادة الإعمار.

ستكون هذه الأحلام لحلف الأسد على المحك في حال إقرار هذا القانون بشكل رسمي، حيث يتطلب فيه من الرئيس الأميركي فرض عقوبات على أي شخص أو كيان أو دولة تتعامل مع نظام الأسد، أو يقدّم لها التمويل، وعلى من يوفر طائرات أو قطع غيار للطائرات لشركات الطيران التابعة للنظام، وكذلك على من يشارك في مشاريع البناء والهندسة والطاقة التي يديرها نظام الأسد.

يتوقع مراقبون إن إقرار مجلس النواب لـ"قانون قيصر" سيدفع النظام إلى تقديم تنازلات في ميدان الحل السياسي، ويعطيه رسالة قوية مفادها أن تحقيق "النصر العسكري" لا يمكن أن يحقق شعور الأسد وداعميه بالأمان.

والأمر المهم أيضاً أن من ركبوا موجة التطبيع مع الأسد، سيكونون محرومين من فرصة التهام أية مكاسب من عملية إعادة الإعمار. فعلى سبيل المثال قامت دولة الإمارات بفتح سفارتها في دمشق تحت عنوان "مجابهة النفوذ الإيراني"، وبعد مدة وجيزة، احتضنت أبو ظبي اجتماعاً اقتصادياً ثنائياً مع تجار داعمين للأسد، بغية إعادة حقول التعاون الثنائي بين الطرفين. إقرار "قانون قيصر" -لو حصل- سيضع الجهود الإماراتية بالتقرب من نظام الأسد في مهب الريح.

الأكثر أهمية في الأمر أن "قانون قيصر" لم يأخذ طريقه بعدُ إلى مكتب ترامب، كل ما في الأمر أن مجلس النواب الأميركي أعاد التصويت عليه مجدداً، ويحتاج تمريراً إلى مجلس الشيوخ قبل الوصول إلى البيت الأبيض...فهل سيبقى حبيساً في أدراج مجلس النواب؟