الأحد 2017/07/02

في صحراء التيه العربية …

كل ما حصل ويحصل في المنطقة هو مجرد مقدمات لأمر أدهى وأمرّ، وكل ما رأته الشعوب العربية هو جزء من مخطط مرسوم والناس نيام فإذا وقعت الواقعة انتبهوا وربما لا، لن أذهب لأصدق الرواية (القومجية) العفنة التي ادعت أن لا ربيع عربياً ولا ثورات، إنما حركات استعمارية من أعداء الأمة على رأسها الشيطان الأكبر أمريكا أرادوا من خلالها ضرب الأمن والوحدة لما يسموهم الأقطار العربية، لن أصدق هذه الرواية لأن راويها كاذب وسندها ضعيف وعلى الأغلب أنها من الإسرائيليات والمدسوسات، لكنني مؤمن بوجود قوى جاهزة ومستعدة لأي خلل يحصل بموازين القوى لتبسط سيطرتها وتنفذ مخططاتها وهي تعرف تماماً كيف تركب الأمواج العالية وتسوق مجريات الأحداث لصالحها.

الفيلم طويل الذي يحتوي على مشاهد قاسية جداً أبطاله (حماس _ السلطة الفلسطينية _ مصر _ سوريا_ الأردن _ حزب الله _ تركيا _ الخليج العربي _ إيران)، وأعتقد أن الترتيب لم يكن عبثياً فوجود "إسرائيل" هو الذي يفرض على حروفي إيقاعاً معيناً وعلى أفكاري رتابة ، فحماس على رأس كل قائمة فهي القوة السنّية التي تقف على خط النار مع "إسرائيل" لكنها تقبل دعماً شيعياً، وهذا يعتبر إشكالاً لدى البعض فمن الأفضل لدى هؤلاء أن تُنهيَ حماس مشروع المقاومة وتصالح الاحتلال على أن تأخذ دعماً من إيران، طبعاً هذه الإشكالية ربما يراها البعض بسيطة لكنها عميقة جداً بالمفهوم الطائفي الذي تجذّر في المنطقة والذي أصبح يرى في "إسرائيل" خطراً تكتيكياً يمكن تفاديه فيما بعد، أما خطر الطائفة الأخرى فهو خطر وجودي يجب بناء التحالفات ودفع الأموال وتجييش الجيوش لتفاديه، وهنا بالتحديد نتكلم عن السنة والشيعة متمثلين بـ ( السعودية وإيران) المفاجأة الكبرى أن انحرافاً آخر بالبوصلة السنية ظهر عقب زيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى السعودية والذي يبدو أنه أوصل فكرة للعرب مفادها "أنتم غير قادرين على حماية أنفسكم من إيران.. أنا أحميكم منها شريطة أن تقوموا بتصفية سلاحها الضاغط في غزة وداعميه السنة، وتُفرغوا جيوبكم وبنوككم وتجودوا عليّ بالقهوة والرقص والمليارات" ، فما كان من أبناء يعرب إلا أن زأروا في وجه "الإرهاب".. الإرهاب طبعاً ليست إسرائيل المحتلة لإحدى أقدس الأماكن في عقيدتهم وليست إيران التي تنتهك عواصمهم واحدة تلو الأخرى ، لقد توجهوا هذه المرة لمحاربة قطر وتقليم أظافرها في المنطقة التي تجاوزت فيها حجمها الجغرافي لتلعب دوراً إقليمياً كبيراً.

عبد الفتاح السيسي يجتمع سراً مع نتنياهو في العقبة الأردنية بوجود الملك الهاشمي وجون كيري، واجتماع آخر له سراً مع نتنياهو في مصر التي جاءها الأخير مع رئيس أحد الكتل السياسية المعارضة له تحت جنح الليل لا ندري ما حصل فيهما، لكن عقب الاجتماعين أطلت علينا اتفاقية (تيران وصنافير) التي ستكون مقدمة ربما لخطوات كبيرة، بعدها جاءت أحداثُ سيناء وظهر تنظيم الدولة فيها بشكل يثير الريبة وأصبح يتبنى عدداً كبيراً من العمليات التي تحدث داخل وخارج نطاقه الجغرافي.

ابن سلمان يعتلي عرش جزيرة العرب ولا أعتقد أنه يقرأ سيرة الملك فيصل بكل فخر واعتزاز وربما اعتبره متهوراً أخرق.. أنور عشقي يزور إسرائيل، صحيح أنها زيارة غير رسمية لكنها تعبر عن مرونة السعوديين في علاقتهم مع إسرائيل التي كان موقفهم منها مبدئياً !

سوريا تشتعل النيران فيها من أقصاها لأقصاها والعراق تحكمه أياد طائفية مقيتة، ولبنان تقوده عصابه، حماس استوعبت الصدمة وشعرت بالخطر لذلك خفضت سقف مطالبها في ميثاقها الأخير واعترفت بحدود ال 67 بطريقة غير مباشرة وبعبارات دبلوماسية بحتة ، ومع ذلك لم يرض عنها "يهود ونصارى" العرب.. قبول عربي رسمي لإسرائيل بسبب انشغالهم عنها بإيران لدى البعض، ولأن البعض الآخر لا يصنفها عدواً أصلاً ، وانهزام شعبي عقب الثورات والثورات المضادة، وضياع على مستوى النخب العربية بسبب كثرة الأعداء والتشويش الحاصل على المستوى الفكري والنفسي، ربما هذا هو الوقت المناسب لتوقيع اتفاق تاريخي مع "إسرائيل" يضفي على احتلالها صفة "الشرعية" ويصف كل مقاوم لها بأنه إرهابي مجرم! .