الأربعاء 2017/07/05

في سياق “حرب شعواء” على الصحافة الحرة .. قناة الجسر تواجه “هجمات إلكترونية منظمة” لهذه الأسباب

يبدو أن أحلام المواطن العربي التي راودته مع مجيء موجة الثورات الشعبية إلى المنطقة عام 2011، أخذت مفعولاً عكسياً بعد ست سنوات من الإطاحة بأكثر الأنظمة شمولية ودكتاتورية، ويبدو كذلك أن موجة "الثورات المضادة" التي ركبتها أنظمة شعرت بالفزع من سقوط عروشها المهترئة، انتقلت من العمل على إفشال ضيف الحريات الثقيل أو قتله، من الشكل السري إلى العلن الواضح.

وفي هذا المضمار لم يعد المطلوبُ فقط شيطنة الحركات الشعبية ووصمها بأنها فتنة أو مؤامرة، ولم يعد رجالات الثورات العربية فقط على محك التهديد بأنهم "إرهابيون"، بل تعدى الأمر إلى محاربة جهرية لكل صوت لا يوافق آراء هذا المحور، ولا يسوق لنظرية عودة الدكتاتوريات العسكرية إلى بلدان المنطقة، ويبدو إسكات وسائل الإعلام المناهضة لهذا المشروع الشرس، على رأس الأولويات والمهمات، ولهذا لا نستغرب الإصرار والإلحاح على إغلاق قنوات باتت تسبب الإزعاج لدول معروفة، بسبب إزاحتها الستار عما تخطط له تلك الدول لشعوب المنطقة.

ولعل استهداف قناة الجزيرة لن يكون الأخير في هذا المسلسل، بل إن حرية الصحافة في الوطن العربي أضحت في وضع حرج بعد أن وجهت دول كالسعودية ومصر والإمارات كل طاقاتها لإسكات الأصوات المعارضة، عبر حظر بث تلك القنوات، أو عبر اتهامها بالإرهاب، أو بطرق لا تقل "دناءة" عن هذا وذاك.

ومن خلال تغطية قناة الجسر الفضائية للأحداث في سوريا بما يتناسب وطموحات الشعب السوري للوصول إلى حلم  "الحكم الرشيد"، ومن خلال تعاطيها الأخلاقي في تغطية "الأزمة الخليجية" وفضح ممارسات محور المقاطعة في الحصار الجائر على دولة قطر، وتنديدها  بالحملة المسعورة ضد قناة الجزيرة، يبدو أن هذا الأمر لم يَرُق لـ"خفافيش الليل" و "أعداء الحريات" الذين يقول لسان حالهم للمواطن العربي "لا أُريكُمْ إلا ما أرى وما أَهديكم إلا سبيلَ الرَّشاد"، ونتيجةً لذلك تتعرَّضُ قناة الجسر وحساباتها الرسمية على مواقع التواصل منذ أيام لعشرات حالات الاختراق بشكل مستمر.

الهجوم الإلكتروني غير المسبوق على قناة الجسر وأي قناة تخالف نشاز "أصوات السلاطين" وتغرّد خارج سربهم، والذي لا يبدو أنه مجرد تحركات فردية، لم يكن بالتأكيد ليستهدفها لو أنها ساهمت في عملية تنويم الإنسان العربي بحشيشٍ عنوانه "كنا عايشين"، وها نحن نرى عشراتِ القنوات على هذا الفضاء الرحب تبثُّ كل ما يحوِّل الإنسان إلى "عبدٍ أحمق" لا يعرف موقعه في هذا العالم المتطور، تنال الرضا ولا يهاجمها أحد ولا تُذكَر بالسوء.

وفي هذا السياق تندّد قناة الجسر بكل محاولات إسكات الصحافة الحرة،  وتطالب المنظمات المعنية بحرية الرأي والصحافة باتخاذ موقف واضح تُجاه الحملات الضخمة والتي تنفَق عليها ملايين الدولارات في سبيل إعادة الرأي العام العربي إلى مقولات عفَّا عليها الزمن لا تعرف من الأصوات إلا ما يدعم الدكتاتورية ويروِّج لها.