السبت 2019/06/22

غرس الرعب في قلوب أطفال ديرالزور.. ليل طال انتظار فجره

 خوف الأطفال في دير الزور بدأ مع أول رصاصة ضربتها قوات النظام على صدور المتظاهرين العارية لتقتل الآلاف منهم في المحافظة ريفاً ومدينة، ليزداد الرعب بعد بدء القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على دير الزور وريفها، وتعدى الرعب حواجز الموت قصفاً لينتقل إلى القتل خوفاً وقد أدّى في مرحلة من المراحل إلى موت أحد الأطفال خوفاً بمدينة الميادين من أصوات المقاتلات التي كانت تقصف المدنيين.

لم تنقص كمية الخوف المصدرة من مقاتلات النظام يوماً، بل على العكس تماماً ولاسيما بعد دخول تنظيم الدولة وسيطرته على جميع المناطق التي حررها الثوار من نظام الأسد، وترافق ذلك مع دخول مقاتلات التحالف الدولي والاحتلال الروسي على خط نشر الموت في دير الزور، وراح ضحية قصف الأطراف التي أعلنت الحرب على تنظيم الدولة آلاف المدنيين معظمهم من الأطفال، إضافة إلى إصابة بعض الأطفال بأمراض لم يكن سببها البرد أو الجوع، لكنّه الخوف.

لازلت أذكر حتى هذه اللحظة حالة طفل بمدينة الميادين، كان يتقيأ عندما يسمع صوت المقاتلات الحربية، وقد أصيب بهذه الحالة بعد أن تعرّضت قريته لقصف جوي أدى لمقتل أخيه وإصابته، ولدى السؤال لمختصين عن هذه الحالة، أجابوا بأن جسد الطفل اخترع طريقة كي لا يسمع صوت الطائرة فيقوم بالتقيؤ كي يفقد السمع أثناء مرورها.

ولم يكن الخوف من ممارسات تنظيم الدولة في أحياء المدنيين كقطع الرؤوس والأيدي، والأرجل في بعض الأحيان، لم يكن "خارج قوس" المسببات لرعب المدنيين ولاسيما الأطفال.

توقع الجميع بعد إعلان طرد تنظيم الدولة من شرق الفرات من قبل مليشيات "قسد" والتحالف الدولي، أن تنتهي مسيرة الرعب من الموت بقصف مقاتلات التحالف أو مدفعية "ب ي د" التي لم تكن لتميز بين مدني ومسلح وصغير وكبير، كان الموت جماعياً، وكم عائلة محي ذكرها بهذا القصف أو ذاك، فلم تبق القنابل والصواريخ منها أحداً.

لكنّ الخوف لم يغادر قلوب أطفال دير الزور حتى اللحظة، وذلك بعد أن أعلنت "ب ي د" انطلاق مرحلة جديدة، هدفها المعلن القضاء على الخلايا النائمة التابعة لتنظيم الدولة، ولكنّ أهدافها المخفية، واضحة لكل من يتابع الوضع في شرق الفرات، على رأسها ضمان استمرار الدعم المقدم من الولايات المتحدة، وحلفائها، ولعل هذا الهدف لا يعني مدنيي دير الزور كثيراً، بقدر ما يؤلمهم هدف مليشيات "ب ي د" المخفي الثاني، وهو نشر الرعب الذي أرّق أطفالهم ثماني سنوات ولايزال، وذلك من خلال تنفيذ إنزالات جوية تترافق مع إطلاق نار ومواجهات لا تدور إلا في ساعات الليل المليء بالرعب الذي طال انتظار الخلاص منه في قلوب أطفال دير الزور.