الأحد 2018/05/06

صفعتان على وجه “ابن زايد” خلال شهر واحد

"بالروح بالدم نفديك يا يمن".. هكذا كان شعار النسوة المتظاهرات في إحدى مدن جزيرة سقطرى اليمينة، عندما خرجن مؤيدات لحكومة هادي، رافضات ما قامت به القوات الإماراتية في هذه الجزيرة من عمل لا يمكن تسميته إلا بالاحتلال لهذه الجزيرة التي تقع في المحيط الهندي، والتي تملك موقعاً استراتيجياً مهما للغاية ومكانة تاريخية وثقافية أيضاً. حيث قامت الإمارات بإرسال قوة عسكرية إلى هذه الجزيرة تقارب الثلاثمئة عسكري، وقاموا بالاستيلاء على مطار الجزيرة ومينائها وطرد القوات الحكومية اليمنية، في خطوة اعتبرتها الأخيرة عدائية وطالبت السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن بوضع حد للتصرفات الإماراتية الرعناء.

لا أستغرب أبداً ما قامت به الإمارات التي ظهر للعالم أجمع أن دخولها ضمن تحالف دعم الشرعية باليمن أمر دُبّر بليل، يهدف لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية بعيداً عن مصالح اليمن وأهله، ولا مشكلة لديها بتقسيم اليمن إلى يمنَين لتكون صاحبة النفوذ الأكبر في قسمها الجنوبي. لكن اللافت هو صحوة يمنية شعبية عرَفت ما يدور في رأس "ابن زايد"، وأرادت وضع حد له قبل أن يتحوّل إلى أمر واقع غير قابل للمواجهة؛ ما يدل على أن الثورات المضادة التي أدارت دُفتها الإمارات بسياسات الظلام والبترودولار لم تنجح بالقضاء على صحوة الشباب في البلاد التي ثارت على جلاديها.

في مكان ليس بالبعيد أيضاً وعلى الضفة القريبة من جزيرة سقطرى في قارة أفريقيا هذه المرة، حصلت الإمارات على صفعة أخرى من يد سمراء، فالصومال وقبل أقل من شهر فقط طرد الوجود الإماراتي من أرضه وصادر أموالاً طائلة كانت الأخيرة تريد إدخالها للصومال تبغي من خلالها إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد الذي يحاول أن يسترد عافيته بعد موجة عنف كبيرة شهدها في السنوات الماضية، اتفاقية وقّعها الصومال مع دولة الإمارات تقضي بتدريب وتجهيز قطع من الجيش الصوماليّ استغلتها أبو ظبي لتكون مَنفذاً لها لإيجاد ذراع لها داخل جيش مقديشو في إحدى ولايات البلاد، التي ربما تطالب بالانفصال مستقبلاً لتكون دولة تدار من قبل حكام الإمارات الطامعين بنفوذ إقليمي كبير وخاصة في هذه البقعة المطلة على مضيق باب المندب. فبدأت بإغداق الأموال في الدولة الفقيرة هذه وشراء الولاءات؛ لكن صحوة أخرى هذه المرة على المستوى الرسمي من قبل حكومة مقديشو كانت بمثابة الصفعة على وجه ابن زايد حيث صودرت الأموال في المطار التي كانت في طريقها لتُستغل في تنفيذ أطماع أبو ظبي لتجد الإمارات نفسها مضطرة للتخلي عن مشروعها هذا، وسحب جميع المساعدات العسكرية والإنسانية التي كانت تقدمها للصومال.

يبدو أن توجُّهُ أبو ظبي سيزداد في هذه المنطقة الممتدة من سواحل اليمن حتى سواحل الصومال لأهميتها، وخاصة إذا علمنا أن تركيا توجَّهت نحو القارة السمراء فوجدناها بالسودان، حيث وقَّعت اتفاقية معها حصلت من خلالها على امتيازات في جزيرة سواكن في البحر الأحمر، ووقعت العديد من الاتفاقات العسكرية والاقتصادية مع الصومال؛ لذلك لن تترك أبو ظبي أيَّ مكان تحاول تركيا العمل والتنمية فيه؛ لأن السياسة الإماراتية قائمة على أساس هو: إذا كنت لا تملك مشروعاً ناجحاً فعليك إفشال المشاريع الناجحة للآخرين، لذلك أعتقد أننا سنشهد صراعاً كبيراً وسباقاً محموماً في منطقة البحر الأحمر بالمرحلة القادمة.

هل ستستمر الإمارات في سياستها هذه؟.. نعم.. من سيوقفها؟.. لن يوقفها سوى الوعي الحقيقي لسياستها ولطبيعة دورها المشبوه شعبياً ورسمياً.