الخميس 2017/11/09

سعي محموم نحو “العولمة القسرية والإرهاب الفكري”..لهذه الأسباب أغلقت الإمارات موقع “قناة الجسر”

تحتضن الإمارات سنوياً عشرات الندوات والمؤتمرات حول الحوار الحضاري والمعرفي وتبادل المعلومات، إلا أنها تبدو "عاجزة" عن سماع أي رأي يخالف منهجها وينتقد طريقتها في توظيف المال السياسي لمصادرة توجهات شعوب المنطقة.

"مهندسة الثورات المضادة" التي باتت ترى كل ما يشير إلى الحريات وحقوق الإنسان هدفاً مشروعاً لها، وفي خطوة غير مستغربة قامت اليوم الخميس بإغلاق موقع "قناة الجسر" على شبكات الأنترنت التابعة لها، ووضعتها على قائمة "فئات المحتويات المحظورة بموجب أحكام السياسة التنظيمية لإدارة النفاذ إلى الأنترنت".

المستغرَب في الأمر ليس إغلاق الإمارات موقع الجسر، فقد أغلقت من قبلُ عشرات المواقع والمنصّات الإعلامية، وضاقت "دولة الانفتاح" ذرعاً بأن تسمح لمواطنيها أن يطلعوا على الآراء المضادة، في خطوة تمثل ممارسة "الإرهاب الفكري" الذي تدّعي أبو ظبي أنها تحاربه !!..

الخطوة غير مستغربة كذلك لأن "قناة الجسر" سوريّة، وترسم سوريا بعيون أبنائها المقهورين الدائبين وراء حقوقهم، الرافضين أن تُسرق ثورتهم العادلة على جلادهم تحت أي مسمى، وهذا ما لا يروق للدولة التي تآمرت في رابعة النهار على الثورة السورية، ولعبت فيها دوراً مشبوهاً ظلامياً تآمرياً لا ينكره ذو عقل، وكيف نرجو الانتصاف من دولة طردت مئات السوريين إلى المجهول بينما منحت أخت بشار الأسد جنسيتها ؟، وكيف نريد الحق من دولة كانت ولا تزال الملاذ الآمن لاقتصاد الأسد والشريان الذي كان عن طريقه يلتفُّ على العقوبات؟؟ ..بالطبع لم نتوقع إلا ما حدث ولن نتوقع سواه،.. "فما في الصخر للظمآن ماءُ" كما قال الشاعر العربي!.

لا بد من القول إن الإمارات التي تتجمّل أمام العالم بنموذجها "المنفتح"، تخفي وراء ذلك الوجه سجلاً أسود في حقوق الإنسان والحرية الفكرية، ولا نظن أن الدولة التي تعُج بالمعتقلات، والتي أحالت جميع دول "الربيع العربي" خراباً وفساداً، يمكنها أن تسمح لقنوات أو مواقع إعلامية تحارب سياستها التخريبية بالوصول إلى القراء والمشاهدين على أراضيها، والعجيب أنها افتتحت قبل ساعات  "متحف اللوفر أبو ظبي" الذي سوّقت له على أنه "أعجوبة العالم الثامنة" وأنه "أكبر وأرقى مشروع ثقافي و حضاري على الإطلاق يرى النور في القرن الحالي"، في الوقت الذي تشن فيه حرباً علنية ضد "الكلمة الحرّة والإعلام المستقل".

نعم .. تريد الإمارات أن تمارس "عولمة قسرية" في المنطقة العربية وأن تسوِّق فقط لمشاريعها القائمة على عودة الديكتاتوريات العسكرية بوجه جديد، والانقلاب العلنيّ على الثقافة العربية والإسلامية.

الجدير بالذكر أن إغلاق الإمارات "موقع الجسر" استبَقته بهجمات إلكترونية ومحاولات اختراق متواصلة منذ شهور، ما تسبب ببطء في تحديث الأخبار والمعلومات على الموقع، وإن "قناة الجسر" إذ تستنكر محاربة الصحافة تحت أيّ ذريعة، فإنها تتعهد بمواصلة الالتزام بقيم المهنية والموضوعية، وتغطية الأحداث بدقة وأمانة.