الأثنين 2016/06/20

سباق الرئاسة الأمريكية والرهان على الإسلام

ألقى موت محمد علي كلاي وحادث أورلاندو بظلاله على سباق الرئاسة الأمريكية، فبعد هبوط شعبية المرشح الجمهوري دونالد ترامب بسبب تصريحاته العدائية ضد المسلمين، يأتي حادث إطلاق النار في ولاية فلوريدا ليعيد الأمل إليه، جاعلاً من طرد اللاجئين السوريين من الولايات المتحدة شعاراً لحملتهِ الانتخابية.

حادث أورلاندو:

"شخص غير سوي ويكره المثليين".. هكذا وصف أقارب عمر صديق متين، الأمريكي الجنسية الافغاني الأصل، مهاجم الملهى الليلي في أورلاندو، ذاك الهجوم الذي قتلَ فيه خمسين شخصاً وجرح مثلهم والأداة رشاش ومسدس فقط ، إضافة إلى هاتف خلوي أجرى منه متين اتصالاً أخيراً بالطوارئ /911/ يعلن فيه انتماءه إلى تنظيم الدولة ومبايعته لهم –دون أن نفهم ما علاقة الطوارئ بالموضوع-.

طبعاً المشاهد لصور المجزرة اللاإنسانية_ على افتراض أنّ ما كان يفعله هؤلاء الناس داخل الملهى إنساني- سيدهش من قساوتها وفظاعتها، فكيف يمكن لإنسان أن يقطع على المثليين خلوتهم ويعكر عليهم مزاجهم ؟! غير أنني لا أنوي في هذه المقالة إلقاء حكم أو تبرير فعل يراه البعض جريمة بشعة، فيما يعده آخرون عملاً بطولياً كان لا بد منه تجاه هذه الطائفة الفاسدة من المجتمع الإنساني، إنما أبغي وضع القارئ بصورة الوقائع والحقائق التي حاول الإعلام تشويهها.

تبدأ الأحداث في الثالث من حزيران الجاري، عندما فوجئ العالم بموت أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي بعد صراع مع المرض، قبيل شهر رمضان الكريم بيومين، فرثاه أبناؤه وأحباؤه ومشجعوه ونقل جثمانه بعد ذلك إلى مسقط رأسه في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي الامريكية، تلك الولاية نفسها التي رفضت فيها القاضية كيم ديفيس إصدار تراخيص الزواج للمثليين، ما جعل المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب يضع في أولى سلم أولوياته حال فوزه عزلها قائلا: "أنا مؤمن إيماناً راسخاً بالمسيحية وبالدين، لكن على كيم ديفيس أن تحصل على وظيفة ثانية".

إيمان ترامب الراسخ هو ما جعله يتباهى بأوساط المجتمع الأمريكي بأنه سيمنع دخول المسلمين إلى أمريكا، وسيعيد اللاجئين السوريين إلى بلادهم مهما كلفه الأمر، آخذاً بسكب دموع التماسيح على ضحايا أورلاندو الوهميين، فمن خلال خمس سنوات قضيناها بالثورة السورية، لم نسمع أنَّ شخصاً يمكنه أن يقتل هذا العدد من الناس وحده، سواء عند تنظيم الدولة أو نظام الأسد المجرم أو الميليشيا الطائفية التي تقاتل في سوريا، فجميعها لا يوجد فيها هذا السوبرمان الذي يستطيع برشاش ومسدس أن يفعل ما فعله متين.

تشييع كلاي:

الأمورُ لم تنتهِ عند هذا الحد، فموت كلاي جعل آلاف المواقع الالكترونية وشاشات التلفزة العالمية تتحدث عنه ليس كبطل رياضي استثنائي إطلاقاً، بل كداعية إسلامي جذب بإسلامه آلاف الأمريكيين المعجبين به، ما حدا بالسلطات إلى إيجاد وسيلة تنفر الأمريكيين من عدوى انتشار الإسلام في صفوف الشباب.

موت كلاي صاحبه تشييع مهيب يليق برجل حمل لقب رياضي القرن العشرين متغلباً على أعظم نجوم الرياضة في زمنه كـ (مارادونا وبيليه)،

لكن بالنسبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما فهو على استعداد للذهاب إلى أي بلد بالعالم عدا ولاية كنتاكي حيث سيقام التشييع.. " الرئيس لن يشارك في تشييع الداعية المسلم لانشغاله بحفلة تخرج ابنته في المدرسة الثانوية" صرّحَ البيت الأبيض.

لكن على الطرف الآخر من العالم أجاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حينما أعلن بأنه سيتوجه إلى أمريكا لتشييع أخيه في الإسلام ولعله بذلك أراد إيصال رسالة إلى الساسة الأمريكيين مفادها.. (نحن نهتم we care ) على الرغم من أن الأمن الأمريكي تسبب بمضايقات لأردوغان إلا أن رحلته آلاف الأميال تكفي لجعله رئيساً محترماً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

أوباما ومحمد علي:

بالنسبة لأوباما فقد اكتفى بتوجيه كلمة في رثائه لكنها مليئة بالمغالطات والأمور الخاطئة حيث قال:

" محمد علي هز العالم ، وأنا أحتفظ في مكتبي بقفازيه الخاصين وصورة له وهو شاب، وبعد أن انطلق في رحلة روحية قادته إلى اعتناق الإسلام تمخّضت عن نفيه وهو في أوج قمته – طبعاً نفيه عن ماذا لا نعلم!!- ثم مهدت لعودته حاملاً اسماً منتشراً في أوساط المحرومين وفقراء أفريقيا، لقد وقف مع مارتن لوثر كينغ وتكلم حينما امتنع الآخرون عن الكلام ، كان مهملاً في كلامه وزادت تناقضاته مع توغله في معتقده "

هذا النص الحرفي لكلام رئيس الشرّ العالمي في أمريكا.. فيما الواقع يناقض ما قاله، حيث إن رحلة الإسلام لكلاي لم تنفه عن العالم، بل جعلت منه أخاً لكل المظلومين، ففي العام 1967 رفض كلاي الخدمة العسكرية والدخول في حرب فيتنام ما تسبب له بالإيقاف 4 سنوات وتجريده من لقبه كبطل للوزن الثقيل يقول كلاي:

"لن أسافر 10 آلاف ميل للمساعدة في قتل وحرق أمة فقيرة"

وفي حديثه عن أحداث أيلول 2001 قال: " أشعر بعميق الأسى عندما يقحم اسم الإسلام والمسلمين في أمور تتعلق بالمتاعب وتمهد للكراهية والعنف، إنّ الدعاية الكنسية في أمريكا تصور المسلمين في صورة الهمج وترجع تخلفهم الى الإسلام، على أنني حين عاملت المسلمين لم أجد منهم سوى طيب المعشر والتسامح والمحبة".

هذه هي تناقضات محمد علي التي عناها أوباما، فيما المرشح ترامب يتباهى بطرد المسلمين من بلاده ويدعي بأنه مؤمن إيمانا راسخاً بالمسيحية.

يقول كلاي: "سألت الله الغنى فأكرمني بالإسلام" وكنت أدعى كاسيس فاصبح بعد ذلك محمد علي، ذاك الاسم الذي سخر منه أوباما بأنه لا يحمله إلا الفقراء، وأوشك أن يقول إلا ..... في كره واضح وعنصرية دينية مكشوفة، لكن الذي لم ينتبه إليه الرئيس الأمريكي أنّ هذا الرجل عندما أرادوا وضع اسمه على رصيف المشاهير بهوليوود رفض وأبَى إلا أن يوضع على الحائط إكراماً للنبي محمد، كما أن أفكار مارتن لوثر التي تأثر بها ما هي إلا أوهام في رأس أوباما وترامب، والمدقق للأمور سيكتشف أن كلاي كان عضواً في جماعة أمة الإسلام التي خرجت في الستينيات من القرن الماضي، وكان من أولى مبادئها رفض الأفكار التي سوقها مارتن لوثر كينغ .

كذب وادعاءات أمريكية لا غاية لها إلا إيقاف رياح الإسلام التي تهب على أمريكا من كل البقاع، رياح لا تحمل إلا الخير لمحبيها، فيما يموت الكارهون بغيظهم وصدق الله إذ يقول: ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).