الأربعاء 2019/12/25

ريف دير الزور.. اغتيالات على ضفة واحدة

الاغتيالات التي تطال المدنيين في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة "قسد" باتت مصدر رعب للأهالي والمدنيين في المنطقة، وأصبحت هاجس كل الموجودين بمناطق سيطرتهم.

بعد سيطرة "قسد" على ريف دير الزور في الضفة الشرقية لنهر الفرات استبشر الناس خيراً بأن مسلسل نزف الدماء نتيجة القصف الجوي والمدفعي قد توقف بعد توقف المعارك هناك، ولكن الذي جرى هو العكس تماماً حيث بدأت عمليات الاغتيال والتصفية التي طالت مدنيين لا ذنب لهم سوى وجودهم في منطقة لم تستطع أو لم ترد "قسد" أن تحكم سيطرتها الأمنية عليها، فالانفلات الأمني يبدو للوهلة الأولى عادياً وذلك بسبب وجود خلايا تابعة لتنظيم الدولة تقوم بتصفية وقتل كل المنتسبين لـ"قسد"، ولكن ما يثير الرعب والرهبة هو مسألة اغتيال المدنيين الذين لا يدفعون جزية أو فدية تحت تهديد السلاح، من قبل أناس معروفين ويعرفهم الأهالي وهم متواجدون في المنطقة، ولكن "قسد" لم تبدِ أي تصرف تجاههم، وتركتهم يعبثون بحياة الأهالي ويهددون أمنهم وسلامة عيشهم.

"التشليح" والسلب الذي يحصل أحياناً بحضور عناصر من "قسد" لا تبرير له سوى "التواطؤ" مع من يقومون بهذه الأعمال، إذ يقوم "المشلّحون" بنصب حواجز على الطرقات العامة ويقومون بتفتيش سيارات المارة وتشليحهم بزعم أنهم تابعون لتنظيم الدولة، وهنا لا يستطيع المدني المقاومة أو مجاراة الحواجز التي تنتشر غالياً في الليل، مع غياب عناصر "قسد" والتزامهم بقطعاتهم المحمية جيداً والمحاطة بعشرات الحراس الذين يعملون على حماية المواقع فقط، وكأن حماية المدنيين ليست مناطة بهم ولاتعنيهم مسألة موت أو قتل وتصفية أو سرقة ونهب وتشليح الأهالي في المناطق الخاضعة لهم.

تبرر "قسد" حوادث القتل والاغتيال التي تتم في ريف دير الزور ولاسيما الشرقي والشمالي الشرقي بوجود خلايا تابعين لتنظيم الدولة وتقوم بين الفينة والأخرى بحملات اعتقال على منازل المدنيين بحجة إلقاء القبض على عناصر من هذه الخلايا، وحدث أن قتلت وأصابت "قسد" عشرات المدنيين واعتقلت المئات ممن لا ارتباط لهم بالتنظيم، كما حصل في الحادثة الأخيرة التي وقعت في ذيبان شرق دير الزور، بعد إعلان التحالف الدولي اعتقال عشرين عنصراً من تنظيم الدولة وقتل اثنين منهم، تبين أنهم مدنيون وقامت "قسد" بإطلاق سراحهم، ولكن إطلاق سراحهم لم يُعدِ الحياة لمدنيين اثنين قتلا خلال عملية المداهمة.

ناشطون كثر تحدّثوا عن مسألة الاغتيالات ومنهم "أبو ربيع العكيدي" من قرية الشحيل الذي كتب على صفحته الشخصية: "مسلسل الاغتيالات العشوائية للمدنيين العزل والعسكريين لدى قسد وإثارة الفتن والفوضى وزعزعة الأمن بمناطق قسد المستفيد منها النظام وإيران فقط، وأضاف أن : "الخلايا التابعة للنظام وايران التي أُلقي القبض عليها بمناطق قسد قامت باغتيال عدد من الأبرياء" مطالباً بحتمية طرد العشائر وقسد كل من يثبت أنه موالٍ و"شبيح" لبشار الأسد وقام بالمساهمة أو المساعدة في عمليات في المنطقة، إضافة إلى طرد ومحاسبة "من يثبت انتماؤه لتنظيم الدولة".

بينما قال الناشط علي ابراهيم منديل العقيدي وهو أيضاً من أبناء المنطقة : "إذا كان تنظيم داعش يقف وراء اغتيالات عناصر قسد فأين هم من عناصر النظام والمليشيات الإيرانية على الضفة الأخرى بمنطقة الشامية"، وأضاف: " المنطقة أصبحت غير قابلة للعيش بسبب إهمال الأهالي والتسيب الأمني من قبل "قسد" إذ أن عمليات القتل والتشليح تحدث "على عينك يا تاجر"، مستشهداً بأحد أبناء عمومته وقال: "أمس حاول مجموعة قَتَلة قتل وتشليح أحد أبناء عمومتي عند أذان المغرب وفي منطقة "الزور" التي تعج بالأهالي والمدنيين، وتمكنوا من الهروب بعد أن أصابوه بجروح وتمكنوا من الفرار" وختم حديثه على موقع "فيسبوك" بالقول: "إن استمر الوضع على ما هو عليه فعلى المنطقة السلام".

على الضفة الأخرى وهي "الشامية" بريف دير الزور الشرقي وهي المنطقة الخاضعة لسيطرة نظام الأسد ومليشيات إيران، فلم يقع فيها إلا بعض حوادث التفجير للملغمات أو مخلفات الحرب ضد تنظيم الدولة، ولم تشهد المنطقة حوادث اغتيال باستثناء العمليات التي ينفذها التنظيم مستهدفاً دوريات النظام والمليشيات الإيرانية في البادية الجنوبية الشرقية لدير الزور.

فوارق الموت بين ضفتي الفرات اليمنى واليسرى (الجزيرة والشامية) تدفع الكثيرين للتساؤل حول من يقف وراءها.. من يغذيها.. ويغض الطرف عنها.. ومن المستفيد منها.. وكل هذه الأسئلة لها دلالة واحدة وتشير إلى متهم واحد.. يعرفه أهالي المنطقة جيداً.. وهو مليشيات "ب ي د"، مستندين بذلك الاستنتاج أن وجود الإرهاب في المنطقة يعني بقاءهم وزواله يعني انتهاء مهمتهم في المنطقة، ويستدلّون أيضاً بأن كل العناصر التابعين لـ"قسد" الذين تمت تصفيتهم أو اغتيالهم هم من المكوّن العربي.