الخميس 2017/06/01

رمضان 2017 .. الإسلام في مرمى MBC مجدداً !

في كل موسم رمضاني يعتاد المشاهد العربي باقة جديدة من المسلسلات المتنوعة؛ التي تتناول بمجملها قضايا اجتماعية مختلفة، منها ما يحاول تمرير رسائل أو وجهات نظر، ومنها ما يسلط الضوء على مشاكل معينة ويعرضها بطريقة لا تتجاوز الحدود والأعراف الدينية، غير أن السنوات العشر الأخيرة التي تصدرت فيها مجموعة "MBC " المشهد العام، شهدت تحولات جذرية في الأعمال التلفزيونية، فقد أصبحت القناةُ ذات التمويل السعودي الإماراتي منبراً لبث السموم، وتحاول إثارة الجدل في قضايا تمس الترابط الاجتماعي، وتتعدى على الحدود الدينية والأعراف، دون أي رادع !

في رمضان 2017 شملت باقة MBC مجموعة من المسلسلات والبرامج جلُّها يدور في فلك واحد، وهو "محاربة التطرف والتنفير منه" لكن هذه الذريعة ما لبثت أن خرجت من مضمارها المُعلَن إلى التطاول بشكل مباشر على مقدساتِ ورموز الدين الإسلامي، ففي مشهد ممزوج بين التطرف الإعلامي والحقد الظاهر خرجت علينا MBC بمسلسل "غرابيب سود" الذي جمع في خندق واحد خليطا من الممثلين العرب مثيري الجدل مع طاقم من رجال الأعمال الخليجيين الشيعة المتهمين بالولاء لإيران.

تزعم الدعاية المرافقة للمسلسل "غرابيب سود" أنه يكشف حقائق لم تُعرض من قبل عن تنظيم الدولة، ويدّعي نقل صورة حياة المدنيين تحت سيطرة التنظيم، لكن الواقع أن المسلسل يعرج بعيدا عن الهدف المعلن "فضح التنظيم" ويركز على تمرير وجهات نظر محددة وخطيرة تعكس ما يريده الممول لهذا المشروع، كما إنها تتعمد اجتزاء أحداث معينة وتجاهل أخرى بشكل خطير ومدروس، كما يبتعد المسلسل نهائيا عن الظروف والأسباب التي نشأ فيها التنظيم والتي تتحمل الأنظمة القمعية المسؤولية الأكبر فيها.

المسلسل الذي كلف بحسب وسائل إعلام رسمية أكثر من عشرة ملايين دولار أمريكي، ترتكز المشاهد فيه على ثلاث قواعد رئيسة أولها الإفراط بإقحام مشاهد النساء وتسليط الضوء على قصص ومشاكل اجتماعية اختلقها الكاتب من ذهنه، منها أن "نساءً عوانسَ" يذهبن إلى مناطق "داعش" لأغراض جنسية، كما ربط المسلسل بشكل بذيء بين النقاب الإسلامي وتلك القصص المقززة.

القاعدة الثانية التي تناولها المسلسل هي استعراض صور الأطفال وما يسمى "أشبال الخلافة" ومحاولة استحضار مشاهد تعنيفهم بشكل فظيع، إذ ظهر الأطفال يتعرضون لاعتداءات جنسية من عناصر التنظيم في صورة تبدو أن الأطفال في مناطق "داعش" يعيشون أشبه بحظيرة الحيوانات، وهو ما يمثل استنقاصاً لملايين الأطفال والمدنيين المُجبرين على البقاء في بيوتهم تحت سيطرة التنظيم بحكم الظروف.

أما القاعدة الثالثة "وهي الأخطر" فتمثلت بالربط بين الممارسات البشعة والانتهاكات والجرائم التي يعرضها المسلسل وبين القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ما يشعر المُشاهِدَ أن الانتهاكات مرتبطة بالدين والمتدينين وهنا تكمن الكارثة في المسلسل، إذ تظهر حلقات تحفيظ القرآن الكريم على أنها منبع للتطرف والتفجيرات، ويربط كل انتهاك يقوم به التنظيم بالمسلسل بآية من القرآن الكريم أو بحديث شريف.

على أرض الواقع لا يخفى على أحد أن ممارسات تنظيم الدولة فظيعة إلى درجة كبيرة، من حصار للأبرياء إلى القصف والذبح والتفجيرات، لكن عمل MBC لجأ إلى اختلاق أكاذيب يعرف جميع من عاش تحت سيطرة التنظيم أنها لم تحدث مطلقا، وتظهر بحلقات المسلسل شيئا فشيئا بصمات أذرع إيران بشكل واضح، فمصطلح "جهاد النكاح" الذي يركز عليه الكاتب في معظم المشاهد كلنا يعلم أنه مجرد كذبة اخترعها الإعلامي الشيعي "غسان بن جدو" المعروف بولائه لمليشيا حزب الله اللبناني وحكومة طهران، فضلاً عن عشرات المصطلحات والقصص المماثلة التي لا يكفيها مقال واحد لاستعراضها.

على الرغم من أن ما تعرض له الشعب السوري من تنظيم الدولة لا يكاد يكون نقطة في بحر جرائم نظام الأسد والمليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية وغيرها من الحركات التي تحارب الشعب السوري لدوافع طائفية دينية، إلا أن المحطة تتعمد على مدى سنوات الثورة تجاهل ما يعانيه الشعب السوري في أعمالها.

بطبيعة الحال لو افترضنا أن جرائم الأسد ومليشيا إيران تقع ضمن حدود لا يسمح لـ MBC بتجاوزها وكشفها وأن الاتجاه المتاح لتلك القناة هو فقط مواجهة حركات التطرف المحسوبة على السنة فإن من السذاجة الظن أن الأعمال التي تعرضها MBC الآن تهدف إلى حل القضايا الاجتماعية أو تسليط الضوء على معاناة الشعوب بسبب الحرب، وإنما بدا جليا أن MBC استغلت الخلل المجتمعي الذي كان تنظيم الدولة سببا فيه، لبث سموم ومعتقدات تحاول نسف مبادئ الدين بشكل وقح فج.