الأحد 2020/06/21

رسائل الظهور الأخير للأسد.. بين “الحذاء والسترة” والقصة الأهم!

بعد أيام قليلة من دخول "قانون قيصر" حيّز التنفيذ، وفرض عقوبات أمريكية وُصفت بـ"الأقسى" على بشار الأسد وزوجته وأذرعه الأمنية والاقتصادية، انتشرت صور لـ"الديكتاتور الدموي" مع مجموعة من العسكريين في منطقة "بلودان" بريف دمشق.

كعادته في أي ظهور، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صور "بشار وأسماء"، وكلٌّ فسّرها من زاوية معيّنة.

أما مؤيّدو الأسد الذين يرونه "بريئاً تماماً" من الكارثة الاقتصادية في سوريا، ويرمون تبِعاتِها -على عاداتهم- على محافظ صغير أو وزير لا حول له ولا قوة، أو حكومة أصدقُ ما يقال فيها أنها "لتصريف الأعمال"، فرأوا في الصور "تواضعاً" من قبل "القائد"، الذي يقود سيارته باتجاه مصيف بلودان الشهير، فيوقفه – بالمصادفة طبعاً- حاجز عسكري، و"فوجئ" عناصر الحاجز بأن راكب السيارة هو "بشار الأسد"، فما كان منهم إلا أن طلبوا منهم التقاط "صور تذكارية"، وما كان منه إلا أن يلبّي طلبهم "بكل تواضع".

أما بعضُ المعارضين، فرأى في المشهد أن الأسد يترك شعبه يعالج أوضاعاً اقتصادية تَرَكت الحليم فيهم حيران، وذهب بغرض "الاصطياف" إلى بلودان، فيما رأى آخرون أن الأسد أراد أن يقول للولايات المتحدة -بشكل غير مباشر-: لستُ آبهاً بالعقوبات، وها أنا أقود سيارتي وأذهب للاصطياف مع "زوجتي المعاقَبة".

واللافت في ظهور الأسد الأخير، أن بعض "مواقع الأخبار" أرادت أن تهزَأ به فهزئت "بعلم أو بدون علم" من متابعيها.

أما أحد تلك المواقع فربط بين ارتداء الأسد "سترة قديمة"، والعقوبات الأمريكية، وأمّا الآخر، فلم يلفت نظره في الأمر غير أن الحذاء الذي كان يلبسه "بشار" يبلغ ثمنه 180 يورو، في الوقت الذي يُلهب فيه الجوع جوف السوريين!.

بالطبع لا يمكن لعاقل أن يربط بين "سترة قديمة" والعقوبات الاقتصادية، ولا يمكن لعاقل أيضاً أن ينتظر ممن أعاد سوريا وشعبها إلى القرون الوسطى أن يلبس حذاء من "سوق البالة" كما في اللهجة السورية الدارجة.

لا أعرف بالضبط الرسالة التي أراد بشار أن يوجّهها من ظهوره هذا، لكن باعتبار أن الأمر صار مجالاً خِصباً للتحليل والتنجيم والاستهزاء بالعقول، فلا علينا أن نُدلي بدلونا.

بغضّ النظر عن الآراء السابقة، واجه بشار الأسد ثورة السوريين عام 2011 بالحل العسكري، وكانت قواته التي قام عليها حكمه وحكم أبيه، هي دائماً الداعم الأكبر لوجوده "اللاشرعي" في الحكم، وها هو "بشار" في أزمته الحالية، يلجأ مرة أخرى إلى نفس الجهة.

بعد فرض العقوبات الأمريكية توقّع مؤيّدو الأسد أن يكون ظهور "التحدّي" الأول له وسط سوق من الأسواق التي يمشي فيها الناس "سكارى وما هم بسكارى"، يعلن دعمه لهم "في مواجهة الحرب الكونية الإمبريالية". توقّعوا أن ترتّب له مخابراته "تمثيلية" زيارة لأحد البيوت، يجلس فيها "بتواضعه" على الأرض، معلناً "تضامنه" مع "الفقراء الصامدين". الأسد لم يمثل فعليّاً، بل تصرّف على سجيّته، وأوصل للناس رسالته المعهودة: جوعوا أو احترقوا أو اذهبوا للجحيم؛ المهم أن آلتي العسكرية ووقودها البشري يقف في صفّي.

ليصلك كل جديد.. الاشتراك بتلغرام قناة الجسر https://t.me/aljisr