السبت 2018/09/22

ذوبان “تحرير الشام” .. أبرز مفاتيح بداية تقليع إيران من سوريا

إسقاط المقاتلة الروسية قبل أيام سواء كان بنيران الأسد أو الاحتلال الإسرائيلي فإن السبب الأساسي في تلك الحادثة، هو مقرات ومستودعات الأسلحة الإيرانية التي تنشرها طهران في عموم الأراضي السورية، سعياً منها إلى تثبيت موطئ قدم ثابت لها بالمنطقة، وهذا ما يتعارض مع السياسة الإسرائيلية التي طالما تعهدت بمحاربة النفوذ الإيراني بسوريا، وإنْ بعدَ أكثرَ من 6 أعوام من غضِّ الطرف عنه والسماح له بالمشاركة في القتال إلى جانب نظام الأسد ضد الثوار السوريين.

يتشارك مع السياسة الإسرائيلية إزاء الوجود الإيراني بسوريا الولاياتُ المتحدة الأمريكية التي تقول إن وجودها في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة ومواجهة النفوذ الإيراني، ما يعني أن حلفاً قوياً يواجه إيران وليس ضعيفاً؛ حلف له حضور واسع على الأرض والسماء السورية.

لا يخفى اعتماد روسيا على إيران في أشد الأيام صعوبة على قوات نظام الأسد في المعارك التي دارت بسوريا سواء ضد الجيش الحر أو تنظيم الدولة، غير أنه اليوم وبعد حالة من "الاستقرار غير الثابت" باتت هناك تساؤلات تُثارُ حول الموقف الروسي من الوجود الإيراني في سوريا والذي طالما ظلَّ ممسكاً للعصا من المنتصف، فتارةً يطالب بانسحاب القوات الأجنبية من سوريا بما فيها الإيرانية وتارة يدافع عن الوجود الإيراني، ويقول إنه بطلب من حكومة الأسد ويقتصر على الدعم الاستشاري، وهي نفسها الرواية التي تدعيها طهران.

متى تكون روسيا في صف الداعين فعلياً لمجابهة الوجود الإيراني؟

هذه الحال تقتصر بمدى رضا روسيا عما حققته في سوريا حتى الآن، ما يعني أن هناك ارتباطاً وثيقاً باتفاق سوتشي حول إقامة منطقة منزوعة السلاح بإدلب والتي تريد بها تركيا الحفاظ على الوضع كما هو عليه وتحقيق استقرار ثابت بالشمال المحرر كالذي تحظى به المناطق المدعومة أمريكياً شمال شرق سوريا، فإن أبقت موسكو على اتفاق سوتشي ولم تسعى إلى نقضه او اختلاق حججٍ لإطلاق عملية ضد هيئة تحرير الشام فإنها موقفها من إيران سيكون مغايراً، وليس كما كان خلال الفترة التي عَمِلتْ فيها على الاعتماد على المليشيات الإيرانية في المعارك على الأرض بسوريا، أي إن موسكو ستُنسقُ مع تل أبيب وواشنطن تنسيقاً جاداً لإبعاد إيران بالدرجة الأولى عن مناطق النفوذ الروسي خاصة في الساحل، وهذا يشكلُ مصلحةً مشتركة لدى الطرفين، فلا مناطق الاحتلال الروسي ستتأثر بالعمليات الإسرائيلية القادمة، وبنفس الوقت ستجد موسكو الساحة قد خلت لها لترسمَ ملامحَ الحل الذي تريد فرضه بسوريا دون وجود ندٍ لها على الأرض وهي المليشيات الشيعية، وبنفس الوقت ستتخلص تل أبيب من الوجود الإيراني.

لكن الملموسَ حتى الآن من تصريحات المسؤولين الروس أنهم لا يرون في اتفاق سوتشي حلاً طويل الأمد، إذ إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كشف أن الاتفاق "خطوة مرحلية" ولن يكون حلاً نهائيا لمصيرِ المحافظة، مطالباً هيئةَ تحرير الشام بمغادرة المنطقة منزوعةِ السلاح بحلول منتصف الشهرِ المقبل وفق ما ينص عليه الاتفاق، فيما تشددُ تركيا على رفض أي خطوات لإخراج المعارضة المعتدلة من إدلب، في إشارة لفصائل الجيش الحر.

وفقَ جميع التصريحات فإن المعضلة الأكبر الآن في اتفاق إدلب هي هيئة تحرير الشام، تبقى هي الذريعة الوحيدة لدى موسكو لنقض اتفاق إدلب وبدء معركة كبيرة في الشمال المحرر لا تقتصر جوانبها على الخسائر البشرية أو المادية، لا . فهذه من المُسلَّمات الثابتة في أي معركة، بل إن ما لا يظهر من الجوانب الخفية لتلك المعركة هو أن روسيا ستندفع بشكل أكبر من ذي قبل إلى تعزيز تعاونها مع إيران، وتسمح لها بمزيد من الانتشار العسكري في الأراضي السورية، في سبيل استخدام مليشياتها في الحرب ضد الفصائل العسكرية، وليس إلى الرغبة بإزاحتها عن المشهد السوري.. فهل تدرك هيئة تحرير الشام هذه المعادلة التي تشير إلى أن ذوبانها يعني تشكيل بداية لتقليع إيران من سوريا ؟