الثلاثاء 2019/10/15

ديرالزور للبيع.. من يشتري؟!

المدن والقرى والبلدات العربية الخاضعة لسيطرة "قسد"، يوضع أهلها على مذبح المصالح والمنازعات بين أطراف الصراع الدولي قبل السوري.

لمن لايعلم... أن المدنيين في ريف دير الزور الشرقي يعيشون بعد سيطرة "قسد" على مناطقهم، حالات من القلق والضياع والخوف التي لم يسبق لهم أن عاشوها منذ انطلاق الثورة السورية، وذلك لعدة أسباب:

 

1- تنظيم الدولة:

لا يزال تنظيم الدولة المسيطر على الريف الشرقي باعتراف أهله وتقرير أعدّه موقع "المدن" فقد قال في تقرير إن ما يُسمى "ديوان الزكاة" في تنظيم الدولة فرض ضرائب على التجار والميسورين في ريف ديرالزور الشرقي، عبر لصق أوراق على أبواب بيوتهم ليلاً تحدد ما يتوجب عليهم دفعه، وموعد وطريقة التسليم.

وأضاف الموقع أن العقوبة المترتبة على من يمتنع عن ذلك، تكون بتخريب ممتلكاته، أو الأذية الشخصية، أو القتل، إذ يعمد التنظيم إلى وضع قماشة بيضاء على باب منزل الشخص، الذي بلغ تهديده مرحلة القتل، في إشارة إلى الكفن.

ويضيف "المدن" أنه وبالرغم من أن معظم المكلفين بـ"الزكاة"، يدفعونها بصمت خشية الانتقام، إلا أن بعض تلك الحوادث خرجت للعلن، وعلمت "المدن" أن صاحب مشفى في إحدى بلدات ناحية البصيرة، بريف ديرالزور الشرقي، امتنع عن دفع عشرة آلاف دولار، رغم تبليغه مرتين، فتم تفجير مولدات الكهرباء في المشفى، كتحذير نهائي، فسارع حينها إلى دفع "الزكاة".

ونقل الموقع عن صاحب مشفى في إحدى قرى المحافظة قوله إنه امتنع عن دفع 15 ألف دولار، رغم تكرار التبليغ، فهاجم عناصر من التنظيم مشفاه ليلاً واخرجوا المرضى والكادر الطبي، وفخخوا المشفى وفجروه.

ولم يكتفِ التنظيم بجمع أموال الزكاة بل ذهب إلى ماهو أبعد من ذلك.. فقد أطلق خلاياه لتقتص كل من يعمل مع "قسد" أو يتوظف لديها، ولاسيما المعلمين ولعل "الاستتابة" عن ذنب العمل معها، التي قدمها بعض المدنيين في أحد مساجد قرى الريف الشرقي، أكبر دليل على الرعب المزروع في نفوس أبناء ريف دير الزور الشرقي، لأن ماجرى في الشحيل من تفجير لآلية تقل عمالاً في حقل العمر وأودت بحياة عمال مدنيين وأصابت آخرين، أدخل الرعب في قلوب المدنيين من انتقام خلايا التنظيم منهم، في ظل غياب عسكريي "قسد" واختفائهم ليلاً خوفاً من رصاصة من مسدس كاتم للصوت كما حدث في معظم القرى والبلدات في الريف الشرقي.

 

2- نظام الأسد:

يعتبر الأهالي في ريف دير الزور الخطر المحدق بهم على الضفة الغربية من نهر الفرات موجوداً ولم يزل، وهو متربص بانتظار أي فرصة للانقضاض على مناطقهم التي سيطرت عليها قسد بعد طرد التنظيم ككيان وأبقت على خلاياه لتتحكم في ريف دير الزور.

ويزداد خوف المدنيين من بطش النظام كلما تعرّضت "قسد" لتهديد أو أخطار أو دخلت معركة، فمتلازمة "تسليم مناطق سيطرتها للنظام" كانت ولاتزال ماثلة بين أعينهم، وذلك منذ أن أعلن ترامب قرارا بسحب القوات الأمريكية من مناطق سيطرة "قسد" بعد القضاء على تنظيم الدولة، ولن ينسى أهالي ريف دير الزور أو مناطق سيطرة "قسد" بشكل عام، ماجرى ويجري اليوم من إعلان اتفاقية تقضي بالسماح للنظام بالدخول إلى مناطق سيطرتها وبسط نفوذه على مواقع كانت تسيطر عليها، ولاسيما المناطق الواقعة على الحدود السورية التركية، ومارافق ذلك من حرب إعلامية شنّتها وسائل إعلام النظام وروسيا وذلك من خلال نشر شائعات حول دخول النظام وسيطرته على آبار النفط شرق دير الزور.

لا يفصل نظام الأسد عن مدنيين ثاروا ضدّه وحرروا قراهم منه، سوى نهر الفرات، فهل يأمن جار ثائر .. بوجود جاره الذي يتحين أي فرصة للغدر به، والانتقام من ماضٍ لم ولن ينسه عناصر وشبيحة الأسد.

 

3- "قسد":

"قنبلة موقوتة" هكذا يبدو وضع "قسد" بالنسبة للمدنيين في ريف دير الزور وذلك نتيجة ماذكرناه سابقاً عن استعدادها لبيع المدنيين وتسليم رقابهم لنظام الأسد في أية لحظة تشعر فيها أن مهددة.

الخوف الآخر يأتي من بطش عناصر "قسد" بالمدنيين الذين يطاردهم شبح الاتهام بالانتماء لتنظيم الدولة ولعل هذه التهمة كانت "بُعبعاً" أو فزّاعة تشير بها "قسد" وموالوها، لكل من يحاول أن يثور ضدّها، ويترتب عليها السجن وأحياناً القتل المباشر دون محاكمة أو تحقيق، وقد حدث أن صفّت "قسد" قبل أيام شاباً بعد اعتقاله بتهمة الانتماء للتنظيم، ليتفاجأ أهله بجثته ملقاة قرب أحد آبار النفط شرق دير الزور.

الخوف الأخير وليس الآخر.. يكمن في هوان دم المدنيين على عناصر "قسد" إذ يمكن أن يقتل أي مدني يمكن أن يخرج ليستطلع الوضع في قريته خلال أي مداهمة أو محاولة اعتقال لأحد عناصر التنظيم ومجزرة البصيرة وذيبان وبلدات أخرى شاهدة وراسخة بأذهان المدنيين هناك.. فقد قتل مدنيون بدم بارد فقط لأنهم كانوا في أماكن داهمتها "قسد" لاعتقال شخص أو اثنين.

أسباب أخرى تكثر أو تقل لسنا بصدد ذكرها مع أنها تزيد من قلق الأهالي في ريف دير الزور…

كل هذه المخاوف وكل ما يدور من تغيرات في السياسات الدولية لم تدفع المكون العرب

ي في قرى ومدن وبلدات ريف دير الزور لأن يوحدوا كلمتهم ويقولوا إنهم ليسوا سلعة أو هدية يقدمها قادة "ب ي د" للآخرين كفدية لنظام الأسد، في سبيل حلم بدويلة سرعان ما اضمحل عند قرار بسحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا.

لم يفكر المكون العربي.. بتشكيل جسم أو كيان يضع يده على طاولة القرارات التي قد تودي بالمنطقة برمتها، وذلك لتَفَرُّدِ قيادات "قسد" بتقرير مصير المنطقة، وذلك بعد أن شكّلت مجالس دمىً أشبه بما يفعله الأسد على ضفة الفرات المقابلة، وأخذت تُحرِكهم وفق ماتشتهي وتريد، وتخرج الناس في مسيرات تؤيد هذا أو ترفض ذاك.

ليتّحد أبناء دير الزور في مناطق "قسد" أو ليعلّقوا "قارمة" على بوابة مدينتهم ويكتبوا عليها: "ديرالزور للبيع.. من يشتري؟!"