الثلاثاء 2018/11/20

دريد لحام.. “صرماية الوطن”.. أم “صرماية الأسد”؟!

لا يختلف اثنان على أن نظام الأسد استطاع خلال عقود حكمه أن يعيد تشكيل مفهوم الوطنية لدى السوريين؛ إذ بات "حب الوطن" بشكل أو بآخر مصطلحاً موازياً للولاء لعائلة الأسد. وبالمقابل فإن أي نوع من المعارضة للعصابة الحاكمة هو طعن بسلامة "سوريا الأسد".

جميع القطاعات في سوريا كانت مكلّفة بترسيخ هذه الفكرة، من المدراس إلى المديريات إلى أفرع الأمن، مروراً بالفعاليات الرياضية والثقافية. ولعل المجال الأكثر تأثيراً في المواطن السوري هو مجال السينما والمسرح والتلفزيون. ومن هذا المنطلق، يعرف السوريون جميعاً أن مؤسسة التلفزيون لم تكن سوى وجه تجميلي لنظام الأمر الواقع. انطبق على هذه المؤسسة ما انطبق حرفياً على المؤسسة العسكرية، فعمل نظام الأسد على إخضاع مؤسسة التلفزيون لاعتبارات طائفية تارة، وتتعلق بالولاء والـ"التزكية" تارة أخرى.

لا غرابة إذن أن ينتج في سوريا منذ 1970، عشرات "الفنانين" المُطوَّعين بمهمّات تتجاوز ما يقومون به على الشاشة الصغيرة أو خشبة المسرح. أحد أهم المهمّات الملقاة على عاتقهم أن يكونوا "طابوراً خامساً" للسلطة، ويروّجوا بشكل حرفي ما يخطّط له النظام سياسياً واجتماعياً وثقافياً.

أمام هذه الحقائق يتذكر السوريون أن بعض "الفنانين" كان لديهم هامش من "الحرية" لتوجيه الانتقادات اللاذعة أحياناً للسلطة، وكانت الغالبية تعيش نوعاً من الدهشة حول إفلات هذه الانتقادات من "مقصّ الرقيب".. الحقيقة ظهرت لاحقاً، حين اكتشف السوريون أن "دريد لحام" صاحب "اللسان السليط" على المسرح وفي التلفزيون، لم يكن سوى "جندي متخفّ" بعباءة الفن.. ومثله العشرات.

أسماء أكثر من أن تحصى من الفنانين بدأت مهمتهم الحقيقية بعد تاريخ 15-11-2011، حين انتفض السوريون ضد نظام سرق منهم ماضيهم وحاضرهم..انتفضوا لعلهم ينقذون شيئاً من مستقبل أبنائهم من المجهول. حينها كشف "الفنانون الشبيحة" أقنعتهم، وانبروا يدافعون عن "الوطن" الذي لا يعني بالنسبة إليهم سوى "الحذاء العسكري" المزروع في شخصياتهم الوصولية.

يجب ألا ننسى أن طبقة "الفنانين الشبيحة" لا تدافع عن النظام لأسباب تتعلق بأنه جندهم فقط، فثمة الأسباب الطائفية، وهناك أيضاً الدفاع عن المصالح الشخصية التي منحهم إياها "النظام الوطن"، والتي يدركون جيداً أنهم سيخسرونها في حال انتهى هذا النظام.

في آخر مقابلة له رسّخ الفنان الشبيح "دريد لحام" مفهوم "الوطنية الأسدية" بشكل حرفي، حين قال  "لو وطني غلطان أنا معه، إذا بردان أنا تيابه، إذا ختيار أنا عكازته، إذا حفيان أنا صرمايته، لأنه سيدي وتاج راسي"، ثم لم ينسَ في اللقاء مهاجمة "معارضي الوطن" قائلاً إنهم "انشقوا عن الوطن لأجل حفنة من الدولارات".