السبت 2018/06/30

درعا.. بين “العقارب” و”الضفادع”

مأساة درعا تعيد للسوريين فصلاً جديداً من فصول ثورتهم اليتيمة، بعد نفض الولايات المتحدة يدها عن اتفاق وقف النار الموقع مع روسيا عام 2017، وهاهم أهلها يُقتلون على أيدي النظام ومليشياته والاحتلال الروسي.

 

ردود الفعل لدى السوريين تشابهت مع تكرار السيناريو أمامهم أكثر من مرّةٍ في أغلب المناطق التي استعادها النظام، فمنهم من أخذَ يلعن ويشتم الروس والأمريكان وإيران، محملاً إياهم مسؤولية مأساة حوران، بينما حمّل البعض الآخر قادة الفصائل بتسليم مناطقهم والسماح للخونة بالتغلغل في صفوف الثوار وتثبيط هممهم.

 

قسم آخر من السوريين كان متعاطفاً مع الدرعاويين ولكن التعاطف والمساندة اقتصرت على تدوينات أو تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.. وذهب البعض إلى تغيير صورة "البروفايل" ليصبح عنوانها "آني من درعا"، دون أي دعم ملموس لثوار الجنوب. بينما انفرد قسم من السوريين بالندب والعويل الذي مورس سابقا عند هجوم النظام على مناطق سابقة، عادت إلى حكم الأسد وحلفائه الطائفيين.

 

ظاهرة الخيانة أو "الضفادع" كما يحلو للسوريين تسميتهم نسبة إلى "بسام ضفدع" أحد الخونة الذين استقبلهم النظام استقبال الأبطال بعد سقوط غوطة دمشق، هذه الظاهرة لم تخل منها بعض قرى درعا التي شهدت مسيرات تأييد لـ"ذنب الكلب" ومليشياته، وترحيب بعصاباته، رفع فيها "ضفادع درعا" أعلام النظام، جرياً وراء مسح صورة حمزة الخطيب ومظاهرات الثوار الأحرار منذ عام ألفين وأحد عشر، وكان لهم ما أرادوا من ذل وهوان، فقد استقبلهم النظام واعتقل بعضهم كعادته في التعامل مع من خان مبدأ ثورة شعبه، ولازالت الضفادع تسير في المناطق المحررة ينتظرون فرصة كي يرفعوا أعلامهم وصورهم التي خبؤوها للحظة المواتية.

 

وعلى نقيض الضفادع لم يشأ من تجذرت الثورة في نفوسهم أن يروا أرضهم تدنّسها أقدام عناصر بشار الأسد، وفضلوا النزوح إلى حدود الجولان المحتل، والأردن الذي أغلق حدوده بوجه عجزهم عن مقاومة القصف والبراميل المتفجرة، وباتوا في العراء كي لا يسمعوا نقيق ضفادع كانت في وقت قريب تلبس ثوب الشرف المنوط بالثائرين.. لكن.. وفي وحشة الحدود التي لفّت أطفال درعا الذين كانوا نواة للثورة السورية، داهمتهم عقارب الأرض وقتلت بسمّها خمسة أطفال بالقرب من الأسلاك الشائكة التي تفصلهم عن أرض من يدعون أنفسهم بـ " النشامى" ولكن الشيمة بعرف ملك الأردن تكمن في إغلاق أبوابه بوجه السوريين..

ثورة درعا تحتضر.. ووقع ثوارها بفخ الوعود التي لم يتحقق منها أي شيء.. فأمريكا رفعت يدها عنهم وأعطت الضوء الأخضر للروس كي يقضوا على الثورة في مهدها الذي مازال يعيش بمواجهة الضفادع والعقارب والقصف والبراميل.

ولعل موت الثورة في درعا يعني أن ينتظر السوريون أظافر جديدة تقلع كي تكون شعلة لمهد جديد يثق من ذاق الحرية أنها لن تنطفئ وإن كثرت ضفادعها و نكساتها.