الأربعاء 2016/12/07

حلب.. فستق بطعم الكلور والدم

هل سمعت عن مدينة لم يفارقها ملك الموت لحظة على مدى شهور؟!

هل سمعت عن بشر لم يعرفوا أين يدفنون موتاهم خوفاً عليهم من صاروخ ارتجاجي عابر للقارات يجعل بقايا رفاتهم عظاماً متناثرة على أسطح البيوت ورؤوس المآذن؟!

هل سمعت عن مدينة يأكل أهلها الفستق ممزوجاً بطعم الكلور والدم؟

إذا لم تكن سمعت بها من قبل فأوصيك بكتابة حرف واحد على مستعرض غوغل فتخرج لك أخطر مدينة في التاريخ .. إنها حلب .. المدينة التي يسكنها بشر وليست المسلخ الذي تذبح فيه الحيوانات صباح مساء.

يتكلم الناس عن حصارها وكيف يمكن أن تسقط بين ليلة وضحاها ، فيما يذكر آخرون حصاراً مشابهاً تعرضت له مدينة دير الزور قبل سنوات وخرجت فيه منتصرة.

حصار حلب تكالبت عليه عدة دول من روسيا إلى إيران إلى الميليشيات المرتزقة التي جاءت من العراق وأفغانستان وباكستان غير أنها فوجئت بمقاومة لم يعرف العالم لها مثيلًا .. مقاومة جعلت من أقوى دولة في العالم تلجأ إلى أعتى أسلحة لديها وتتفنن في استخدام الأسلحة المحرمة دوليا وغير المحرمة، لكن الله بالمرصاد فالأسرى يتساقطون بالعشرات والطائرات الروسية تتحطم وهي في قواعدها .

بوتين يتحول إلى هتلر جديد ليجمع الجيوش ويحاصر المدينة كما فعل سلفه في ستالينغراد ولكن الذي لم يحسب له الروس حساباً هو أن المعتدي لم يسجل له التاريخ أبداً أنه انتصر ضد أهل البلد والمقاومة الوطنية .

يخرج وزير الخارجية لافروف ليتحدث عن حلب وكأنها المستعمرة الجديدة لبلاده ناسياً أو متناسياً ما مُنيت به القوات الروسية في أفغانستان والشيشان فيما يقوم المندوب الروسي بمجلس الأمن للمرة السادسة في السنة السادسة من عمر الثورة السورية برفع الفيتو بوجه الدول التي تدعي نصرة حلب في القصف الهمجي الذي تتعرض له .

القادة العرب كانت لهم بصمتهم الواضحة في هذه المأساة فأخذوا يعقدون المؤتمرات بأفخم الفنادق ويتناولون أطايب الطعام ليناقشوا كيف يمكنهم أن يتضامنوا مع المحاصرين داخل حلب الذين يموتون جوعاً وخوفاً وتحت نيران الأسد.

في حين ينظر السياسيون في الدول الأوروبية إلى معاناة الأهالي في المدينة ويدهم على قلوبهم وعيونهم مغرورقة بالدموع حزناً وكمداً على مقتل الأطفال والنساء رافعين أيديهم إلى صلبانهم المليئة بالبراءة... داعين بوتين أن يكون رفيقاً بهم فلا يعذبهم بأسلحة بدائية تطيل من ألمهم وجروحهم، بل ينهي الأمور إذا قدر بضربة واحدة، قبل حفل تنصيب صديقه ترامب رئيساً للولايات المتحدة الذي ينوون حضوره بأيد محملة بالهدايا والفستق الحلبي.